الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب البراهمي تكتب: مائة عام على ثورة 1919

صدى البلد

ثورة عام 1919م هي حركة وطنية للمقاومة الشعبية في مصر موجهة ضد بريطانيا في سياق نهاية الحرب العالمية الأولى والنقاش حول مستقبل مصر، حيث يعتبر السبب الرئيسي لهذه الثورة هو قيام البريطانيين بنفي زعيم الوفد سعد زغلول باشا ومحمد محمود باشا وحمد الباسل باشا وإسماعيل صدقى باشا، ونفيهم إلى جزيرة مالطة.

وردت البلاد على هذا التمرد من خلال التصدي للبريطانيين وإضراب كل من عمال النقل والمحامين والبيروقراطيين (الموظفين بالقطاعين العام والخاص)، وبدء المواجهات في وسط البلاد حتى الريف مما أدى إلى انقطاع اتصالات الهاتف والتلغراف والسكك الحديدية، واندلعت الاحتجاجات والإضرابات في جميع البلاد وخاصةً في القاهرة والإسكندرية.

وتظاهر الطلاب في الجامعة المصرية وفي الأزهر وشارك أكثر من 10000 طالب وعامل مهني في مسيرة قصر عابدين في القاهرة، كما والتقى بهم آلاف المتظاهرين الذين يرفضون الحكم البريطاني. 

وأضرب المحامون وسائقو سيارات الأجرة (التاكسي) فتعطلت المواصلات في جميع أنحاء القاهرة، فأصدر القائد العام للقوات البريطانية أمرًا بمنع المظاهرات، وبدأت القوات في تنفيذ الأمر بالأسلحة والمدافع وإطلاق النار على من صادفهم من المتظاهرين.

12 مارس: استمرت التظاهرات والمواجهة العسكرية من قبل القوات، وصدر تقرير رسمي يوضح عدد إصابات الأحداث من 9 مارس وكانت 6 قتلى و31 جريحا، كما أضرب طلبة المدارس والمعاهد الدينية بالأسكندرية، وقامت مظاهرة كبيرة في طنطا، واتجهوا إلى محطة القطارات، حيث كانت تتواجد مجموعة من الجنود البريطانيين فانهالوا عليهم بالرصاص.

بلغ عدد الضحايا 16 قتيلا و49 جريحا وتجدد الاعتداء عليها من قبل الجنود البريطانيين، وكان أكثر الاعتداءات فظاعة ما حدث أمام مسجد الحسين فبينما الناس خارجين من صلاة الجمعة أتت مدرعتان إنجليزيتان وأطلق الرصاص على المُصلين ظنًا منهم أنهم متظاهرون.

وأضرب عمال السكك الحديدية الذي يزيد عددهم عن 4,000 عامل، وقاموا بإتلاف مفاتيح القضبان والخط الحديدي بالقرب من إمبابة، فتعطلت قطارات الوجه القبلي، وأنشّأت القيادة البريطانية محكمة عسكرية، بقسم الأزبكية، وكانت تصدر أحكامًا بالحبس أو الجلد أو الغرامة.

وتزايد عدد القتلي ففي الإسكندرية قتل 16 وجرح 24 شخصًا، وفي دمنهور قتل 12 شخصًا، وفي رشيد قتل أحد أبناء الأعيان ونُظمت لجان شعبية لحفظ الأمن بالمدينة، ثم قامت القوات الإنجليزية في اليوم التالي بالقبض على 90 شخصًا.

ولأول مرة ظهرت المشاركة الإيجابية النسائية فى صورة لم يعتدها المجتمع، بخروجهن لأول مرة فى المظاهرات الحاشدة والمنظمة إلى الشوارع فى ثورة 1919، حيث ضمت ثلاثمائة سيدة.

وكانت أول شهيدتين فى هذه الثورة السيدتين «حميدة خليل» و«شفيقة محمد». وفى عام 1920 تم تشكيل لجنة الوفد المركزية للسيدات، نسبة لحزب الوفد بزعامة سعد زغلول، وانتخبت السيدة هدى شعرواى رئيسًا لها.

ومن الأسماء التى وقّعت على أول بيان احتجاجى نسائى- بحسب ما ذكره «الرافعى» فى كتابه عن ثورة 1919- وفضلن الانتساب إلى الزوج أو الأب «الآنسة كريمة محمود سامى البارودى»، ابنة محمود سامى البارودى، باستثناء هدى شعراوى التى آثرت أن تذكر اسمها مقرونًا بـ«حرم على شعراوى». أما صفية زغلول فوقعت باسم «حرم سعد زغلول باشا»، وكذلك «حرم قاسم أمين» و«جولييت صليب».

بدء الجنرال إدموند ببحث السلام في مصر مما دفع اللنبي لقمع الثورة بسرعة ولكنه دخل في مفاوضات مع القوميين مما سمح لسعد زغلول والوفد الذي يرافقه من المضي إلى باريس.

 
كما قامت بريطانيا بإرسال اللنبي من أجل التوصل لتسوية مع المقاومين، ولكن لم ينجح في ذلك . ثم تمت محادثات بين ممثلي الوفد و اللورد ألفيرد ميلنر . وقام اللنبي بالضغط على حكومته من أجل التعهد بالاستقلال للحكومة المصرية مع ضمان المصالح البريطانية بموجب معاهدة. انتهت المفاوضات بإعلان الاستقلال في تاريخ 28 شباط 1922م.

 تم تشكيل المملكة المصرية الجديدة والتي أخذت شكل الملكية الدستورية، كما وتم تحديد الدستور بناءً على قانون بلجيكا وصدر في نيسان 1923م، حيث أقر سلطات الملك التنفيذية وأسس هيئة تشريعية من مجلسين، كما وينص قانون الانتخابات على حق الاقتراع العام للذكور والانتخابات غير المباشرة للنواب. 

وقد بدأ العمل بدستور 1923 في مصر الملكية في الفترة ما بين 1923 وحتى 1953. عقب صدور تصريح 28 فبراير 1922 الذي اعترف بمصر دولة مستقلة ذات سيادة، تم وضع دستور جديد للبلاد صدر في 19 أبريل عام 1923 ليحل محل القانون النظامي رقم 29 لسنة 1913، ووضعته لجنة مكونة من ثلاثين عضو ضمت ممثلين للأحزاب السياسية والزعامات الشعبية وقادة الحركة الوطنية وقد زعم تلك اللجنة عبد الخالق ثروت.

ينص ذاك الدستور على أن حكومة مصر "ملكية وراثية وشكلها نيابي"، وجدير بالذكر أن يوم المرأة المصرية يوافق اليوم الذي أستشهدت فيه شفيقة محمد وحميدة خلال أثناء مشاركتهما في ثورة 1919.