الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الغدد.. أنواعها ومشاكلها (1)


في جسم الإنسان ملايين الغدد التي تفرز مواد ضرورية لتسيير الحياة على مدار الساعة، لا يشعر أحد بعملها إلا إذا حدثت في إحداها مشكلة. أكثر الغدد صغير لا يرى بالعين المجردة كغدد العرق، وبعضها متوسط الحجم كالغدد اللعابية، وأكبر غدة في الإنسان هي الكبد.. أي انسداد في قنوات الغدد أو خلل في إفرازها بالنقص أو الزيادة ينغص حياة صاحبها وقد يقضي عليه!. 

الغدة هي مجموعة خلايا تخصصت في إفراز مادة معينة، وهي مختلفة الأشكال أيضا، فقد تكون أنبوبية كالغدة العرقية، أو كيسية لها جزء إفرازي متضخم عند القاعدة كالغدد الدهنية، أو كأسية كالتي في بطانة القنوات الهضمية والتنفسية، وعموما، وصف أشكالها الخارجية لا يفيد القاريء كثيرا قدر ما تعنيه مشاكلها وكيفية التعامل معها.. ويجب هنا تصحيح خطأ شائع عند تسمية "العقد الليمفاوية" الموجودة في الرقبة وتحت الإبط وعند الورك بالغدد، فهي ليست غددا. 

تتوزع الغدد على مناطق الجسم كافة، على سطحه وفي تجاويفه وحتى في أماكن غير متوقعة مثل قاع المخ وعنق الرحم. في أغلب الأحيان يكون موقع الغدة قريب من مكان عملها ولها قناة تفتح على السطح كالغدد العرقية في الجلد واللعابية في الفم، وهذا النوع يوصف بأنه "قنوي، وإفرازه خارجي".

وهناك غدد بلا قنوات، تفرز هرمونات في الدم مباشرة ليحملها إلى أماكن بعيدة في الجسم، لذا توصف بأنها "صماء" كالغدة الدرقية والنخامية وفوق الكلوية وجزر البنكرياس التي تفرز الإنسيولين.

الحديث عن أنواع الغدد ووظائفها ومشاكلها لا يكفيه مقالا أو حتى كتابا، لكن سنحاول فيما تبقى من المقال إلقاء نظرة على نوعين فقط وهما الغدد العرقية والدهنية، لأنهما الأكثر عددا وانتشارا و"إزعاجا". 

يوجد في جلد الشخص الواحد عدة ملايين من الغدة العرقية والدهنية موزعة على مناطق الجلد كافة عدا الشفتين والأظافر والأذن، وفي الجسم مناطق تعرق أكثر من غيرها كالإبط واليد والجبهة، ولا توجد غدد دهنية في راحة اليد وبطن القدم، ومن عجائب الغدد العرقية أن بعضها تحور لإفراز مواد غير العرق كالغدد اللبنية في ثدي المرأة والشمعية في قناة الأذن!

يتكون العرق أساسا من الماء (99%) وبعض اليوريا والأمونيا والأملاح، وهو الشائع أثناء الراحة، لكن تزيد عليه عند بذل الجهد أحماض دهنية وبروتينات من الغدد الدهنية التي تتكسر خلاياها وتختلط مع الإفراز، وفي وجود البكتريا يحدث التعفن وتنبعث رائحة كريهة خصوصا من تحت الإبط ومنطقة الشرج الغنية بهذا النوع من الغدد. 

الغدد العرقية العادية تتحكم فيها أعصاب لاإرادية وهرمونات كالأدرينالين والأسيتيل كولين، وتتأثر الغدد الدهنية إضافة إلى ذلك بالهرمونات الجنسية التستوستيرون والبروجستيرون، لذا تكثر مشاكلها مع الموجات الهرمونية المصاحبة للبلوغ (حب الشباب) والدورة الشهرية عند النساء.

زيادة نشاط الغدد الدهنية هو السبب فيما يعرف بالبشرة الدهنية والشعر الدهني، لأنها تفتح في جيوب الشعر وبعضها يفتح مباشرة على سطح الجلد.. التهاب تلك الغدد وتضخمها ينشأ عندما ينسد عنق الغدة أو جيب الشعرة فينحبس الإفراز، ولا أحد يعرف لماذا تنسد، لكن لوحظ أن الجو الحار الرطب وقلة النظافة من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى انغلاق مجاري الغدد ومن ثم التهابها وتورمها، وهناك عوامل أخرى تساعد في ذلك كالهرمونات كما ذكرنا، والوراثة والسمنة وضعف المناعة ونقص الفيتامينات. 

تبدأ الغدة الدهنية الملتهبة برأس أو نتوء يحيط به تورم أحمر مع ارتفاع في الحرارة، وحسب التعامل مع الحالة، قد تنتهي دون أن تترك أثرا، أو تنتهي بخراج، أو بكيس بارز مكور غالبا لا يؤلم لكن قد يزال لأغراض تجميلية.. وعموما، نظافة الجلد باستمرار تعتبر الطريقة الأمثل لسلامة الغدد خصوصا في فصل الصيف، كما يجب عدم التلاعب في الغدة الملتهبة، وعدم حلاقة المنطقة المصابة حتى يزول الخطر.

وعند حواف الجفون توجد مجموعة أخرى من الغدد الدهنية أكثر إزعاجا وتشويها إذا التهبت.. من أسباب التهابها الإرهاق وجفاف العين والتعرض للرياح والأتربة في جو حار، أو بسبب مستحضرات التجميل وسوائل العدسات اللاصقة وحتى بسبب طفيليات كالقمل والبق.. تبدأ بحكة واحمرار وتورم قد يمتد إلى الجفن كله، وتتفاقم بظهور دمل أصفر صغير وسط التورم، وتظهر قشور وتتساقط الرموش أو ينمو بعضها معوجا، ولو نما الرمش باتجاه كرة العين فتلك مشكلة أخرى أكثر إيلاما من الالتهاب نفسه. 

ونذكر بأن توقيت العرق له دلالة مهمة، فالعرق عند بذل الجهد أمر طبيعي، ويحدث كذلك إذا كان الجو حارأ والملابس أثقل مما يجب، لكن في حالات مرضية يعرق الإنسان بصرف النظر عن حالة الجو ونوع الملابس، كما في الحميات والسرطاناتٍ وفرط نشاط الأعصاب اللاإرادية التي قد تجعل جانبا من الجسم كالإبط أو اليد يعرق أكثر من الآخر. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط