الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

توصيات منتدى الإسكندرية للإعلام .. مشروع وطن


لكل مُنتدى توصيات، تعكسُ مدى جدية الافكار والرؤى التى يطرحها عبر محاوره، لذا انتظرت بشغف التوصيات التى سيخرج بها مُنتدى الاسكندرية للاعلام ـ الذى اختتم فعالياته مساء أمس الاول السبت ـ بفضول من أثاره مفهوم "التربية الإعلامية" الذي يطرحه المنتدى في دورته السابعة هذا العام.

مفهوم التربية الاعلامية Media Information Literacy الذي يطرق الأذن لاول مرة لدى بعض المشاركين بالمنتدى أو المتابعين لجلساته، تم طرح أول تعريف دقيق له عام 2012، والذي تمثل في تمكين الفرد من امتلاك المعرفة، والتوجهات، والمهارات، والخبرات العملية، التي يستخدمها كأدوات هامة عند التوصل الى المعلومات والمعرفة، وتحليلها، وتقيمها، واستخدامها، وانتاجها، ثم تقديمها للجمهور، بطرق إبداعية، وشرعية، وأخلاقية، تحترم حقوق الانسان، ثم جاءت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" في عام 2016، لتصيغ مفهومًا، اعتبر التربية الإعلامية هي التنافس في البحث والتقييم النقدي، والإسهام في المحتوى المعلوماتي والإعلامي واستخدامه بحكمة، مع ادراك حقوق الافراد على الانترنت، وكيفية مواجهة الخطاب العدائي عبر الانترنت، والمساهمة من خلال وسائل الاعلام في تعزيز قيم المساواة والتعبير الحر والحوار بين الثقافات والأديان.

المفهوم الذي يُطرح لأول مرة في مصر بهذه الجرأة، وعبر منصة اعلامية هامة هى منتدى الاسكندرية للاعلام، ومن قلب مؤسسة تعليمية عريقة، هي الجامعة الأمريكية بالقاهرة التي تحتفل بمرور مئة عام على انشاؤها في مصر، يعدُ هدفًا هامًا ضمن أولويات منظمة "اليونسكو"، حيث تعقد المنظمة هذا العام المؤتمر السنوي الثاني للتربية الاعلامية والمعلوماتية في الفترة من 24 إلى 26 سبتمبر 2019 تحت شعار "مواطنين مستنيرون ومشاركون وممكّنون"، استثمارًا للزخم الذي شهده المؤتمر في نسخته الأولى العام الماضي، والذي طرح توصيات شديدة الأهمية، تركزُ على فكرة أن هذه المساعي تركز على تمكين البشر وخاصة في فئة الشباب من حماية أنفسهم من أضرار المحتوى المضلل على المنصات الإعلامية، الذي قد يمتد خطره من الاحتيال أو نشر قيم سلبية وخاطئة، وصولًا إلى إثارة الفتنة وتأجيج مشاعر الغضب تجاه قضية أو فئة أو شخص بعينه.

القائمون على منتدى الاسكندرية للاعلام حالفهم التوفيق، في نقل المناقشات حول "التربية الإعلامية" إلى العاصمة "القاهرة"، حيثُ أتاح ذلك لهم فرصة وصول صوتهم بصورة أسرع إلى الدائرة التنفيذية، لتتحول الفكرة إلى رؤية تتبلور في صورة استراتيجية ذات أدوات تنفيذ واضحة، وربما كان في مشاركة الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، في الجلسة الافتتاحية الخميس الماضي، ما يؤكد حرص الحكومة على تبني المبادرات المجتمعية الايجابية، ومن بينها مُبادرة "التربية الاعلامية"، ومشاركة كافة عناصر العمل المجتمعي في التشاور وصياغة الرؤى، وقد مثل المُنتدى هذا العام فرصة للجلوس واستيعاب حجم التحدي الذي بات يُمثله انتشار "الخبر الكاذب" عبر مختلف المنصات الإعلامية، والضرورة الحتمية التي يستدعيها التصدي لهذا الخطر الداهم، من خلال أدوات أوضحها المنتدى ضمن توصياته، وفي مقدمتها سرعة إعداد إستراتيجية وخطط عمل لإدراج مادة التربية الإعلامية ضمن مناهج المدارس والجامعات، وتقديمها لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني، فضلًا عن التركيز على مهارات صانعي المحتوى والرسائل الاعلامية، لغرس أدوات التحقق والتأكيد من المعلومات الواردة إليهم، بصفتهم ناقلين للمعلومات، حتى لا يقعوا فى فخ نشر الأخبار المغلوطة.

اللبنة الأولى في مشروع "التربية الإعلامية" إن كان بإمكاننا تسميته بذلك، تنتظرُ من الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إشارة البدء، ولعله الشخصُ الأنسب لدفع هذا المشروع كي يرى النور في أسرع وقت، حيثُ تعكسُ الخلفية العلمية والعملية للوزير انشغاله الدائم بقضايا التعليم والتربية، وحماسه لنقل كل خبرة حديثة وناجحة تساهمُ في استفادة أبنائنا، هذا إلى جانب نظرة الوزير إلى الشائعات باعتبارها عقبة وحجر عثرة في طريق تنفيذ كل رؤية أو مشروع، وهو ما يحرص على التعبير عنه في كل محفل، وآخرها منتدى الاسكندرية للاعلام، ولا شك أن "التربية الإعلامية" وسيلة ناجعة في مواجهة الشائعة بالوعي.

المُتابع لمُنتدى اسكندرية للإعلام في دوراته الماضية، يدركُ أن المنتدى هذا العام بلغ حد "النضوج"، حيث تم طرح مفهوم "التربية الإعلامية" من مختلف جوانبه، فيما يتعلق بتأثير منصات التواصل الإجتماعي، والألعاب الإلكترونية على الشباب والمجتمع، ناهيك عن التوصل لتوصيات في صورة روشتة بخط واضح لا يشبه خطوط الأطباء، تضمنت أدوار واضحة لكل من المُجتمع المدني، والدولة، والمؤسسات التعليمية، ومنابر الإعلام، وأولياء الأمور، والمنشآت الشبابية، في إطار من رؤية واضحة ومسئولية محددة لكل طرف، فالتوعية حائط الصد الأول لهزيمة "الشائعة" و"الخبر الكاذب".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط