دولة ديجيتال

دُعيت للمشاركة فى واحدة من الاحتفاليات المهمة فى تاريخ التعاون الحكومى الدولى . وعرضت كل دولة تجربتها فى مواجهة الفساد وانتقاء الشخصيات الادارية والانطلاق من عالم الكراسى والمكاتب المكيفة الى الواقع الفعلى ومواجهة كافة التحديات. كل المشاركين الاجانب كانوا موفقين فى عرضهم واثقين فى عباراتهم على دراية بكل مايقولونه وتأثيراته ، وحديثهم كما أنزل كما نصف العبارات الثاقبة.
فكل معلوماتهم موثقة ، وارقامهم محددة ، وطريقة العرض بسبطة سهلة مقنعة . حتى جاء دور الدولة المضيفة وتحدثت وزيرة من الوزارات المعنية بالتطوير والتغيير فتحدثت كثيرا وتنهدت اكثر وتاهت وتهنا معها اكثر واكثر واختتمت حديثها على غرار كأنك ابازيد ماغزيت ، وألحق بها وزير آخر وللحق كان مفتول العضلات عريض المنكبين قوى الشكيمة، حدثنا فأطال عن وزارته التى تسلمها خرابة كما قال واصبحت على عهده رونقا ونورا، وظل طوال الحديث يتكلم عن نفسه ، وعن حنكته ، ورؤيته، وجولاته وصولاته. وكلما توقف يقول كل مالدى مسجل وبالارقام ، انا فرد فريد فى حكومة ممنهجة مرقمة . وانتهى من ارقامه ومن افلامه ليصعد الى المنصة مابدا انه خصيمه من اول وهلة فصال وجال وزاد من عالم الفخر افتخارا وتحدث عن كل شىء صنعه وسيصنعه وان المتغيرات والتغييرات هو اهل لها وبها ...وانهى كلماته بان الزمن بيننا وان وزارته ستتشرف بها حكومة الديجيتال كما وصفها سابقه .
ظلت الحوارات تسير على هذا النهج لوقت ليس بالقصير لارى نظرات المشاركين الاجانب تتساءل وتسأل اين موضوعنا الرئيسى ؟ ومادمتم على هذا القدر من الاكتمال والتكامل فماهى ضرورة استدعاءنا ؟ وايضا مادامت منظومتكم ناجحة فلماذا دعوتمونا لعرض تجاربنا واطلاق خبراتنا؟ وايضا اذا كان كلامكم صحيح فلماذا خرجتم من تصنيفات متعددة عن الجودة والمتانة والشفافية وغيرهم ؟ الاهم من كل هذا مادام وقتكم محسوب وزرعكم محصود وعملكم مرتقى الى عنان السماء جودة واجادة فلماذا اخذتم من وقتنا ومن عملنا ومن مجهودنا بدعوى التبادل الفكرى والمعرفى ؟!!

جمعت اشيائى وخرجت ولسان حالى يأسف ويتأسف للاخرين الذين عرضوا مالديهم بتواضع ومقدرة وقدرة بينما بداخلى عبارات وجمل تتراوح بين الدعاء على والامتعاض من كل مايتحدث بلغة الديجيتال ..