الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شريف الغرينى يكتب: الأزمة الثقافية فى مصر والعالم العربى

صدى البلد

هى فى الأساس أم الأزمات التى تواجه العالم وبخاصة المنطقة العربية، فالبيئة الثقافية العربية المعاصرة أصبحت بيئة صراعية مشتتة لا تعمل فى اتجاه واحد ومازالت عاجزة عن وضع تعريفات مناسبة للقواسم الإجتماعية المشتركة ، ومازالت بعيدة تماما عن فضاءات الإتفاق، قريبة من حلبات الصراع حتى على الخطوط العريضة وفيما يتعلق بالمبادىء والمصالح ، ومازالت تموج فى تخبط بين الشأن العام والخاص، ومازالت فى ريبة وشك حول مفهوم المدنية والدينية والعسكرية ، وهذاما جعل العقل الجمعى للشعوب العربية التى تعرضت لهزة وتفكك داخلى سواء بثورة أو حرب تنصاع لمنطق الإرتكان فى الأزمة إلى القوى الأمين، ولا تعول على غير العسكريين فى إدارة شئون البلاد، ولا تأمن لأى تيار لقيط مجهول النسب.

من الطبيعى جدا أن تتجه الشعوب فى مثل هذه الظروف إلى الجيوش الوطنية لتتولى مقاليد الحكم باعتبارها الخيار الأفضل والأكثر ملائمة لتلك للظروف التى اتضح فيها أن الصراع العسكرى والإقتصادى الدائر فى العالم أساسه ثقافى دوجماطيقى متعمد، حتى وإن غلب عليه طابع المصالح ، لأنها لو كانت مصالح بحتة لاجتمع العالم واتحد واقترب من بعضه بداهة، فالتصادم ليس أفضل الخيارات للبشرية على مستوى الفرد والدولة والعالم، فلا يوجد افضل من التعاون والتشارك بين الشرق والغرب والشمال والجنوب ، ولكن للأسف الشديد مازال الخطاب الثقافى المتوارث فى الدول القوية المحركة للتاريخ المعاصروالأحداث، خطابا متعجرفا بعيدا كل البعد عن المدخل البنائى ، ومازال متمسكا بخطابات الوصاية والحماية والإنتداب على الدول الضعيفة التى لم تصل لمستوى الرسوخ الثقافى، ومازالت منابرهم تكرس لفكر الهيمنة البغيضة تتداولها محافلهم الثقافية وتبررها بخبث فى متون الفنون وبطون قاعات التعليم وفى الأروقة السياسية المحرضة، بحيث لا يمكن أن تجد حاكما أو مؤسسة حاكمة فى الغرب إلا اذا كانت مطبوعة على هذا الفكر سواء اختاروا لعب دور الصقور أو ارتدوا قناع الحمائم، فالهدف واحد وكأن خلاصهم فى هلاكنا، ورفاهيتهم فى بؤسنا ،ونعيمهم فى شقائنا، ففى الماضى كانت أدواتهم الحرب والإحتلال والقسر، لكنهم مع تزايد كلفة الحرب والتغيرات الديموجرافية والتقارب بين الشعوب من خلال ما وفرته البيئة العالمية المعاصرة من سفر وسياحة وتواصل فى الفن الرياضة والإقتصاد ، وما تم الإتفاق عليه عالميا فيما يتعلق بحقوق الإنسان ،

أصبحت القوى الإستعمارية التقليدية أمام تحد فرض عليها تطويرالفكرالإستعمارى ، واستحداث وسائل هيمنة أخرى أقل كلفة وأكثر قبولا ، لذلك اتجهوا إلى القوة الناعمة والإحتلال الثقافى والذى من خلاله يستطيعون التسلل للعقل الجمعى للامم المستهدفة والعبث بقيم الإتحاد داخلها ، من خلال زراعة كل ما يمكن زراعته من افكار متصارعة لتكريس الإختلاف الثقافي الأمة الواحدة بغية تحريك الشعوب فى الإتجاه الذى يتوافق مع مصالحهم ومخططاتهم، وعلى ذلك يجب ان تتعلم المنابر الوطنية المهتمة بالشأن الثقافى و المؤثرة فى البيئة العربية فنون استخدام العدسات اللامة المقعرة وتتدرب على مهارت التجميع لا التشتيت مهما تعارضت تلك الجهود مع دعاوى تبدو نبيلة كالحرية والمدنية التى تضمر فى داخلها بؤسا ولا تؤسس إلا لما يتوافق مع مصالح الأمم التى وصلت إلى مستوى الرسوخ الثقافي، الذى لا يهدده اختلاف ، فهم يخلقون السم والترياق ولا يصدرون لنا إلا السم فقط ويخلقون الوباء والامصال ولا ينالنا منهم إلا الوباء فقط ، لذلك يجب وضع الثقافة العربية فى بؤرة اهتمام القيادات السياسية بحيث تكون من القوة والرسوخ ما يضمن لنا القدرة على البقاء و المنافسة.