الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بني في موقع مسجد واستخدم الأسمنت للمرة الأولى..عالم آثار يكشف أسرار قصر الجوهرة في القلعة..صور

صدى البلد

>> القصر بجواره سرايا العدل ومقعد قايتباى.. الثلاثة مبان عبارة عن كتلة واحدة بإسم الحوش السلطانى
>> أول قصر يمثل التراث المعمارى الحديث فى مصر المحروق وشهد أول استخدام للأسمنت فى مصر
>> كان يشغل محل قصر الجوهرة الحالى بالقلعة خلال العصر الفاطمي مسجد يسمى البردينى


إذا كنت من محبي التاريخ والآثار وزرت قلعة صلاح الدين من قبل، فقد دخلت بقدميك من باب التاريخ الذي يخفي الكثير من الأسرار التي لم تكشف بعد،خاصة مع إتساع مساحة القلعة وإحتوائها علي منشآت كثيرة تمت علي يد أمراء وسلاطين عبر عصور زمنية مختلفة،وبعض هذه الأسرار كشفها الدكتور سيد حميدة أستاذ الترميم المعمارى بكلية الاثار جامعة القاهرة.

أجرى حميدة بحثا موسعا عن احدى المنشآت المهمة في القلعة وهو قصر الجوهرة في القلعة، وساعده فيه أحد تلاميذه وهو المهندس طه عبد المعطى باحث ماجستير بكلية الاثار جامعة القاهرة،وأفضي هذا البحث إلي نتائج مثيرة كشفها لنا حميدة،حيث قال أن قصر الجوهرة كنز خاصة في تقنيات البناء التي إستخدمت فيه، وهو ما إكتشفته بعمليات الرفع التفصيلى للمبني، وللاسف لا يعلم عنه كثيرون شيئا حتى المتخصصين.

وتابع قائلا:وهناك أسرار كثيرة كشفت عنها خاصة المبانى التي بنى عليها القصر، مثل قصر الناصر محمد وقصر الغورى وايوان قايتباى،وأن أصل المكان كان مسجدا فى العصر الفاطمى، كما أن قصر الناصر صلاح الدين كان في نفس المكان،ولك أن تتخيل رد فعل الناس عندما يعرفون أين كان يسكن ويقيم صلاح الدين.

وواصل حميدة كشف الأسرار قائلا:القصر بجواره سرايا العدل ومقعد قايتباى،والمفاجأة أن الثلاثة مبان عبارة عن كتلة مبني واحد،وكانوا يسمون معا بالحوش السلطانى وهو الإسم الحقيقى للمنطقة،وكان هذا الحوش يضم ثلاث مبانى قصر الجوهرة وسرايا العدل ومقعد قايتباى ككتلة واحدة،وهي النتيجة التي توصل لها بعد دراسة وأبحاث مستفيضة للمكان،وكذلك بعد عمل أول رفع معمارى حديث للقصر ببرنامج الريفيت ومنظور ثلاثى الابعاد للقصر ككل بال 9 مبانى الخاصة به.

وفجر مفاجأة بقوله:القصر فعلا مهدد بالانهيار فى اى لحظة والمبني غير أمن ومعرض للانهيار ويعانى من العديد من المشاكل الانشائية،وهو متداعى وايل للسقوط ويحتاج لتدخل سريع،ولو حدث زلزال مشابهه لزلزال 1992"القصر هيكون على الارض"حسب قوله،لأن الاساسات سطحية والقصر مبنى على انقاض قصور ومنازل سابقة،وهذا يزيد من خطورة وتأثير الموجات الزلزالية عليه،حيث تعمل على تعظيم العجلة او التسارع الارضى للقصر،بالاضافة إلي أنه يزيد من الازاحة بشكل كبير.

وكشف عن نتائج علمية بناءا علي تحليل رقمى قام بإجرائه ببرنامج ساب،وقال أن هذا التحليل يؤكد تعرض القصر للانهيار الكامل فى حال حدوث زلزال متوسط ومشابه لزلزال 1992،وهذا بسبب التقارب الشديد بين التردد للزلزال والتردد للتربة والمنشأ نفسه،كما أنا هذا التحليل يؤكد ان جميع التصدعات التى حدثت للقصر وتظهر معالمها واضحة كانت نتيجة زلزال 1992،واعطانا التحليل للاجهادات والتحليل السيزمى نفس الاماكن التى حدث فيها ازاحة وانهيارات،واستخدمنا برنامج حديث جدا هو Robot Melineum، كما أن الخواص الميكانيكة للمواد الانشائية تعتبر من سيئة الى متوسطة بسبب تعرض بعض القاعات للحريق في سنوات سابقة،ولو حدث زلزال"قسما بالله هنلاقى القصر ده على الارض"طبقا لقوله،خاصة ان الصلبات الموجودة حاليا قديمة وفقدت وظيفتها بشكل كبير،ولم تعد لها القدرة على السند او مقاومة الحركة للحوائط.

وحذر:لابد من تدخل سريع لترميم القصر وإنقاذه من الإنهيار،وبالتالي يمكن تحويله لمتحف،ولدي كل الدراسات الخاصة بإعادة إستخدامه كمتحف،خاصة أن هذا أول قصر بناه محمد على،وهو اول قصر يمثل التراث المعمارى الحديث فى مصر،والاسقف بالكامل خشب والحوائط حاملة من الحجر الجيرى والطوب المحروق،والمفاجأة المثيرة أن أول استخدام للأسمنت فى مصر كان فى هذا القصر،وليس مبني مجلس الشوري كما تقول المراجع،لأن التحاليل أوضحت استخدام الأسمنت البورتلاندى فى اعمال البياض والتكسيات الخارجية لبعض حوائط القصر.

وفي منحي تاريخي عن المكان،كشف لنا د.سيد حميدة أن قصر الجوهرة يقع فى الطرف الجنوبي الغربي من الساحة الجنوبية لقلعة صلاح الدين،تلك الساحة التى أصطلح على تسميتها خلال العصر المملوكي بالحوش السلطاني أوحوش الباشا خلال العصر العثماني،وشيد هذا القصر في عام 1228 ـ 1229 هـ / 1813 ـ 1814 م،وخصص هذا القصر لاستقبالات محمد على باشا ،وقد استقبل محمد على باشا فى هذا القصر كبار الزائرين من الاجانب ، وقد زار محمد على كثير من الاعلام المشهورين،منهم الاديب الفرنسي (شاتوبريان) والكونت (دى فوربان) الذى وصف فى كتابه مدينة القاهرة كما وصف حفلة إستقبال (1817-1818م) فى القصر،وعندما زار مصر السلطان عبدالعزيز خان فى ( 4 شوال سنة 1279هـ - 1862م ) احتفل به الخديو إسماعيل باشا احتفالا لا نظير له وأقام بهذا القصر 7 أيام.

وعن المباني السابقة لقصر الجوهرة فى نفس الموقع خلال العصور السابقة،قال أنه يذكر الباحث محمد حمدي فى رسالته عن الساحة الجنوبية للقلعة،أنه كان يشغل محل قصر الجوهرة الحالى خلال العصر الفاطمي مسجد يسمى مسجد البردينى وكان هذا المسجد يقع داخل درر الحريم السلطانية بالجهة الجنوبية أى مكان قصر الجوهرة،وقد إستدل على هذا المسجد وذلك كونه موقعا على خريطة الحملة الفرنسية لعام 1798م بأسم مسجد أو زاوية البرديني.

وخلال العصر الايوبى،يذكر الرحالة دي فوجاني أنه هناك قصرا كان يشغل المكان الذى بنى عليه محمد على مسجده،ونسب هذا القصر لصلاح الدين الايوبى وأطلق عليه أسم أريحة أو أريكة يوسف،وقد أسهب دى فوجاني فى وصف ذلك القصر أو تلك الاستراحة،كما وصف مدي تميزها وانها كانت مغطاة بالمنحوتات والموازيك وأنه كان مصنوعا من أعمدة ضخمة وعن مدى صعوبة نقل مثل تلك العمدة إلى القلعة ، وينهي الرحالة كلامه عن قصر صلاح الدين أو أريكة يوسف بقوله"نفس موقع هذا المبنى أريكة يوسف الذي دمر فى عام 1829م وبالقرب من جامع الناصر محمد بن قلاوون وبنى محمد على مسجده وقصره".

أما عن العصر المملوكي فيذكر المؤرخ الجبرتي فى كتابه حوادث عام 1227هـ الاتى : أن الباشا ويقصد به محمد على هدم سرايا القلعة وما اشتملت عليه من الاماكن فهدم المجالس التى كانت بها الدواوين ، مثل إيوان قايتباي وهو المقعد المواجه للداخل الى الحوش علو الكلار الذي به الاعمدة ، وديوان الغورى الكبير وما أشتمل عليه من المجالس التى كانت تجلس بها الافندية والقلقاوات أيام الدواوين وشرع فى بنائها على وضع آخر.