إبراهيم رضوان يكتب: ملكة جمال العنب

القيم لا تكتسب، ولا تباع ولا تشترى، ولكنها شيء مغروس تحت الجلد، والحياء شعبة من شعب القيم ، وإن لم تستح فإفعل ما شئت..

ففي الوقت الذي يشارك فيه الرئيس تخريج دفعة جديدة من ضباط كلية الشرطة ، ويطلب السلام على أسر شهداء الوطن الذين قدموا أراوحهم فداء حتى نحيا ، في هذا الوقت بالتحديد خرجت علينا جمعية تدعى "محبي الإسكندرية" وقد نظمت مسابقة تحت مسمى " ملكة جمال العنب " بالتعاون مع ما يسمى بمنتدى الإسكندرية برئاسة أحد رجال المال.

مشهدان متناقضان ، هناك من يموت دفاعا عن الوطن ، وهناك من يمتص دم الوطن ، وكنت اعتقد أن مسابقة ملكة جمال العنب ، تختص بأجمل مزرعة للعنب خاصة وأن إنتاجنا أصبح وفيرا من العنب بكل الوانه وأشكاله ، ولكن إتضح أنها مسابقة لإختيار إحدى الفتيات ، وتتويجها بلقب ملكة جمال العنب ، ولست أدري ماذا يعني هذا اللقب ، هل لأنها تأكل العنب بكثرة ، أو لأنها تشبه عنقود العنب مثلا .. لست أدري

وعندما سألت عن هذه المسابقة التافهة ، التي بلا مضمون ، قالوا لي من أجل ترويج السياحة ، ولست أدري أي سياحة ، ومن الذي حضر المسابقة من السادة السياح ، وكم عددهم ، ثم أكتشفت أن تحت هذا الإسم البراق " ترويج السياحة " ترتكب أبشع الجرائم .. والآثام..

المسابقة ، أقيمت في إحد المنتجعات بغرب الإسكندرية ، وأشرف عليها رجل طاعن في العمر ، رفقة رجل الأعمال الذي ورث عن أبيه ثروة ضخمة ، ويمتلك جامعة خاصة تدر عليه سنويا ما لا يقل عن 300 مليون جنيه.

كنت سأنحني إحتراما لهؤلاء ، إذا قاموا بتكريم أسر الشهداء ، أو تخصيص منح جامعية مجانية لأبناء وبنات الشهداء ، ولكن أن يصل الإستخفاف والإستهتار الي هذه الدرجة ، وكأنهم يعيشون في كوكب آخر فهذا ما لا يصدقه عقل.

ياسادة ، لا أحد له فضل على هذا الوطن ، ولا أحد يدين هذا الوطن بشئ ، ولكننا جميعا مدينون له ، كبارا وصغارا ، أغنياء وفقراء ، ولكن على الأقل يجب أن يقوم الأغنياء ورجال "لم المال" بدورهم الإجتماعي ، مثلما هو حادث في كل بلاد الدنيا ..

لقد أقاموا مسابقة " ملكة جمال العنب " هذه المرة ، فهل ننتظر مسابقة "ملكة جمال الكرنب" أو "التين الشوكي" .. عيب ..