الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. عبدالله المصرى يكتب: مشيئة الله ..وثورة ٢٣ يوليو

صدى البلد


اختلف جمهور المؤرخين والكتاب في وصف ثورة ٢٣ يوليو فقال البعض إنها حركة ،ويرى البعض الآخر إنها انقلاب ،ويؤكد آخرون بأنها ثورة بكل ما تعني الكلمة وأنا منهم لأن الثورة هي التي تحدث تغييرا شاملا عند قيامها وهذا ما حدث فهي غيرت نظام الحكم من النظام الملكي إلي النظام الجمهورى ،وقضت علي الإقطاع والرأسمالية المحتكرة ،وطردت المستعمر المحتل .

واهتمت بالفلاحين ووزعت عليهم الأراضي الزراعية المؤممة، ومكنت العمال من المشاركة في الإدارة والأرباح في ظل النظام الاشتراكي الذى اختارته الثورة منهاجا لها وقامت بتمصير البنوك والمصانع والشركات وعلى رأسها شركة قناة السويس بل تعدى هذا التغيير حدود مصر بدعم ثوار حركات التحرر للشعوب العربية والأفريقية للخلاص من نير الاستعمار .

كما أسس عبدالناصر مع تيتو ونهرو منظمة عدم الانحياز ١٩٥٥م لمواجهة الأحلاف كحلف وارسو، والأطلنطي، وبغداد والأهم من هذا كله أعادت الثورة حكم مصر للمصريين لأول مرة منذ انتهاء عصور الفراعنة وآخرها الأسرة الثلاثين ،وبذلك تكون الثورة قد غيرت وجه التاريخ ومساره. 

وهي ثورة بيضاء لم يقتل فيها سوى جاويش من حرس الفريق حسين فريد قائد الجيش الذى ضربه البكباشي يوسف صديق في قدمه برصاصة أثناء اقتحامه لمكتب القائد وحزن لموته كما قتل جنديين من قوات الثورة وآخرين من حرس مبني قيادة الجيش فقط.

وكان من الطبيعي أن يقوم الجيش بالثورة بعدما وصل الفساد المستشرى في جميع مناحي الحياة في مصر إليه حتي بعد معاهدة ١٩٣٦م والتي بموجبها أصبح قائد الجيش مصرى وليس إنجليزى لدرجة أن الأميرالاى( العميد) كان لايرقي الي رتبة اللواء إلا بعد دفع إتاوة لقائد الجيش حتي وصلت الي كافة الرتب الأدني خصوصا بعد تولية اللواء إبراهيم عطا الله قيادة الجيش وتعطيل فؤاد سراج الدين ( وزير الداخلية والمالية آنذاك ) علاوة الطوارئ لضباط الجيش كل هذا أدى الي تذمرهم وتمردهم .

وكان الخلاص علي أيديهم كما قال خطيب حزب الوفد وثورة ١٩١٩م مكرم عبيد في حفل إهداء بريطانيا وسام للجيش المصرى علي نجاحه في الدفاع عن قناة السويس أثناء الحرب العالمية الثانية وقال: 
ضعوا الأقلام وامتشقوا الحساما# فرب السيف 
قد حمل الوساما
وقولوا للذى يرجو خلاصا # بتنميق الكلام كفي كلاما
هي الدنيا صراعا لا اقتناعا # بغير الجيش لا نحيا كراما
ومن نادى بغير الجيش يهذى # وعن نور الحقيقة قد تعامي 

وكان سر نجاح الثورة ذكاء عبدالناصر في إدارة شئون تنظيم الضباط الأحرار بطريقة عنقودية وضم ضباطه من مختلف الأسلحة في الجيش ومن مختلف الرتب ومناطق الخدمة في مديريات مصر وتعيين أعلي الرتب برئاسة التنظيم ، كما أن هؤلاء الثوار يمثلون كل طبقات وفئات الشعب اجتماعيا واقتصاديا وفكريا ومن كافة الإنتماءات الثقافية والتيارات الفكرية والقوى السياسية مثل: الإخوان، والوفد والتيار الإصلاحي والشيوعيين .

والأهم من هذا وذاك مشيئة الله ( عز وجل ) التي كانت تفوق كل تدبير،وتخطيط ،وهو القائل : " وما تشاءون 
إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما "( الإنسان ٣٠) ،فعندما تحرك البكباشي ( المقدم) يوسف صديق بقواته من الهايكستب قبل ساعة الصفر بساعة أي ١٢ بدلا من الواحدة صباحا يوم ٢٣يوليو خطأ أنقذ الثورة من الفشل بعد أن إنكشف أمر التنظيم والخطة ،وبارك عبدالناصر وعبدالحكيم هذا الخطأ عندما قابلا يوسف صديق وقواته في الطريق ، وكلفه ناصر بسرعة التوجه فورا الي القيادة العامة للجيش والقبض علي الفريق حسين فريد ومن معه من القادة ،وكان هذا هو السبب الرئيسي في النجاح ،وهي مشيئة الله وإرادته .

فطوبى لثوار يوليو ،ورحم الله الراحلين منهم مهما كانت أخطاؤهم وعلي رأسهم اللواء محمد نجيب أول رئيس جمهورية لمصر .. والزعيم جمال عبدالناصر ..وبطل الحرب والسلام أنور السادات وعلي جيل يونيو أن يواصل كفاح ونضال جيل الثورة وجيل أكتوبر من أجل مصر ليكمل مشوار البناء والتنمية خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي ..وكل عام والمصريين بخير في الذكرى السابعة والستين لثورة يوليو التي غيرت وجه التاريخ ومساره لمصر والعروبة.