الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل ينشطر اليمن إلى دولتين مجددا.. دعوات انفصال الجنوب تعود إلى الصدارة.. هجوم حوثي يشعل اشتباكات بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة هادي.. والتوقيت يخدم ميليشيات إيران

احتجاجات انفصالية
احتجاجات انفصالية في جنوب اليمن

مسلحون انفصاليون اشتبكوا مع الحرس الرئاسي في عدن
التحالف العربي يدعو جميع الأطراف في الجنوب إلى التهدئة وتحكيم العقل
تاريخ مرير من الحروب والدماء بين شطري اليمن قبل التوحيد

إثر هجوم صاروخي حوثي على معسكر للجيش اليمني بعدن الأسبوع الماضي، اشتبك عدد من الموالين للمجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي مع عناصر الحرس الرئاسي بقصر المعاشيق في عدن الأربعاء الماضي.

وقبيل اشتباك اليوم الأربعاء، كان المئات من أنصار الانفصاليين يحضرون جنازة بعض الجنود القتلى في الهجوم على المعسكر وأحد القادة البارزين قرب القصر الرئاسي الواقع على قمة أحد التلال.

وبينما كان الحشد يردد هتافات مناوئة للحكومة، جرى تبادل إطلاق النار مع الحرس الرئاسي. وقال وزير داخلية اليمن أحمد الميسري إن الحكومة مارست الحلم والحكمة والصبر حتى الآن للحفاظ على الاستقرار في عدن لكنها مستعدة تماما للتصدي لأي أفعال تستهدف مؤسسات الدولة.

وبعد الجنازة، دعا هاني علي بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي الأنصار للخروج في مسيرة إلى القصر الرئاسي والإطاحة بالحكومة.

وأثارت المناوشات بين المجلس الجنوبي الانفصالي وحكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والمفترض أنهما حليفان في مواجهة ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، أثارت مخاوف حول تجدد نزعات الانفصال في جنوب اليمن لتأسيس دولة مستقلة من جديد، بعدما كان اليمنان الشمالي والجنوبي قد توحدا عام 1990.

ويتفق الانفصاليون مع حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا في حربهما على الحوثيين. لكن لكل منهما أهدافا مختلفة فيما يتعلق بمستقبل اليمن.

وجاءت اشتباكات الأربعاء بعدما اتهم الانفصاليون الجنوبيون حزب الإصلاح، وهو حزب إسلامي حليف لهادي، بالتواطؤ في الهجوم الدامي الذي أسفر عن سقوط 36 جنديا من قوات الحزام الأمني التي تنتمي للانفصاليين وذلك خلال عرض عسكري.

ودعا التحالف العربي لدعم الشرعية بقيادة السعودية "كافة الأطراف والمكونات لتحكيم العقل وتغليب المصلحة الوطنية والعمل مع الحكومة اليمنية الشرعية"، فيما قال وزير الدولة الإماراتي للشئون الخارجية أنور قرقاش إن "الدعوة للتهدئة ضرورية، ولا يمكن للتصعيد أن يكون خيارا مقبولا، الإطار السياسي والتواصل والحوار ضروري تجاه إرهاصات وتراكمات لا يمكن حلها عبر استخدام القوة".

ونقلت قناة "الحرة" عن الناشط الجنوبي الذي لا يؤيد الانفصال، عبد الحليم حيدرة، تأكيده على حق أي شعب في تقرير مصيره، إلا أنه قال إن التوقيت بالنسبة لليمن الآن "خطأ ولا يخدم المجلس الانتقالي أبدا"، لأن الحرب لا تزال قائمة مع الجماعات الإرهابية في الجنوب ومع الميليشيات الحوثية التي وصلت إلى أبواب الجنوب وتنتظر فقط لحظات خلاف بسيطة لتدخل إليه.

ووفقًا لشبكة "بي بي سي"، فخلال الحرب العالمية الأولى وقعت بريطانيا والسلطة العثمانية على اتفاقية ترسيم الحدود بين الشطرين حيث جرى تقسيم اليمن عمليا لأول مرة في التاريخ بين قوتين استعماريتين.

وفي عام 1948، اغتيل الإمام يحيى وتولى ابنه أحمد الحكم بعد صراع من معارضي حكم والده. وتوفي الإمام أحمد عام 1962 وتولى الحكم بعده ابنه، لكن ضباطا في الجيش استولوا على الحكم وأعلنوا عن قيام الجمهورية العربية اليمنية في الشمال ونشبت حرب أهلية بين أنصار الجمهورية المدعومين من مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وأنصار الإمام، انتهت بانتصار الجمهوريين.

عام 1967 انتهت مرحلة الاستعمار البريطاني في جنوبي اليمن الذي كان يضم عدن وإمارات ومحميات صغيرة كانت تحت سلطة الانتداب البريطاني وحملت الدولة الوليدة اسم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وتولى قحطان الشعبي رئاسة الجمهورية.

استولت جبهة التحرير الوطني على السلطة في الجنوب عام 1969 وبدأت بتطبيق برنامج اقتصادي يساري بدعم واسع من قبل الاتحاد السوفييتي السابق. ظلت علاقة شطري البلاد تتسم بالتوتر واحيانا وصل الى مرحلة المواجهة المسلحة عامي 1972 و1979.

لكن ما لبث أن دخل الداعم الأساسي لليمن الجنوبي، الاتحاد السوفييتي، مرحلة التفكك الأمر الذي ساعد في توصل الشطرين إلى اتفاق وحدة عام 1990، بعد مفاوضات مطولة قادها الرئيس علي عبد الله صالح عن الشمال ونظيره الجنوبي على سالم البيض وتولى صالح رئاسة اليمن الموحد بينما تولى البيض منصب نائب الرئيس.

وبحسب مركز "كارنيجي" الأمريكي للدراسات، فمنذ العام 1978، كان شمال اليمن خاضعًا إلى حكم الرئيس اليمني المخلوع والراحل علي عبد الله صالح، بينما كان جنوب اليمن الدولة الشيوعية الوحيدة في العالم العربي. ومع أن كلا الحكومتَين جهدتا لدمج اليمن في أمّة واحدة، كانت العلاقات متوتّرة والمناوشات الحدودية سائدة. ولم يمكن ممكنًا تخطّي الخصومة إلا بعد أن دفع انهيارُ الاتحاد السوفياتي جنوب اليمن إلى شفير الانهيار الاقتصادي.

وفي العام 1990، وضع البلدان اتفاقية وحدة كجزء من صفقة بين قائدَيهما، علي عبد الله صالح وعلي سالم البيض. وقد حظيت الاتفاقية بدعم واسع النطاق آنذاك، إلا أنها ارتُجِلَت على عجل، ولم يتجاوز نصفها نصف صفحة.

وغداة التوحيد، اشتكى بعض الجنوبيين السابقين من أن الوحدة صبّت لصالح الشمال، الذي كان عدد سكّانه أكبر بثلاث مرات تقريبًا من عدد سكان الجنوب. وقد سيطر الأطراف الشماليون على الانتخابات البرلمانية للعام 1993.

وفي العام 1994، أحبطت القوات العسكرية الشمالية والميليشيات الإسلامية، بمساعدةٍ من بعض المجموعات في الجنوب، محاولةً يمنية جنوبية للانفصال. وهذا الأمر أدّى إلى تجذّر أكبر لنظام صالح الشمالي، الذي اضطهد الجنوبيين الانفصاليين فيما بعد.

وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، تنامت المعارضة ضد صالح في كلٍّ من الشمال والجنوب، في مناخٍ من التدهور الاقتصادي والقمع السياسي الحادّ. فشهد الشمال نشوء التمرّد الحوثي في العامَين 2003 و2004، في حين تنامى الشعور الانفصالي مجددًا في الجنوب، وأدّى إلى تشكيل الحراك الجنوبي في العام 2007.

وبدأت هذه المجموعة الأخيرة تنشط عندما تحرّك ضباط عسكريون جنوبيون أُجبِروا على التقاعد مبكرًا للمطالبة بحقوقهم ورواتبهم التقاعدية. ثم تطرّفت هذه الحركة لاحقًا وانقسمت إلى مجموعات عدة نادت بجعل جنوب اليمن مجددًا دولة مستقلة.