الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الولايات المتحدة تجازف بانهيار العلاقات مع حلفائها.. القوة المالية الأمريكية معرضة للتراجع.. وأوروبا تهدد ببدء عملية فك التكامل الاقتصادي

الولايات المتحدة
الولايات المتحدة تجازف بانهيار العلاقات مع حلفائها الأوروبيي

غزو العراق أدى إلى أزمة في العلاقات عبر الأطلسي
لخطر الذي تشكله أزمة أمريكا وإيران أخطر من حرب العراق بالنسبة للتحالف عبر الأطلسي
العقوبات الأمريكية على إيران أثرت على المصالح التجارية والأمنية الأوروبية.. وتوقعات بأزمة هجرة جديدة
لحماية مصالحها.. أوروبا تهدد ببدء عملية فك التكامل الاقتصادي العالمي التي استمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية
"ناشيونال إنترست": الانقسام الحالي عبر الأطلسي حول طهران ينذر بعهد جديد وغير مستقر في السياسة العالمية


نشرت مجلة "ناشيونال انترست"، تقريرا مطولا، حول الانقسام الحالي بين أمريكا وأوربا حول طهران مشيرة إلى أوجه التشابه بينه وبين الفترة التي وقعت خلالها حرب العراق.

وفي حديثها عن حرب العراق، ذكرت المجلة الأمريكية أن العديد من الحلفاء الأمريكيين قد وافقوا وقتها على تقييم أمريكا للديكتاتور الخطير صدام حسين في عام 2003 ، لكن بعضهم، مثل فرنسا وألمانيا، عارضوا بشدة استخدام القوة العسكرية لحل المشكلة. 

وقد أحدث هذا الخلاف تدهورا هائلا في العلاقات عبر المحيط الأطلسي، أما الآن، في الوقت الذي تتصاعد فيه التوترات بسبب شدة المخاطر التي يواجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع إيران، فإن الولايات المتحدة تجازف بانهيار العلاقات مع حلفائها الأوروبيين؛ الأمر الذي قد أن يضر بشكل دائم بالقوة المالية الأمريكية.

وأوضحت المجلة أن غزو العراق أدى إلى أزمة في العلاقات عبر الأطلسي لأن فرنسا وألمانيا عارضتا بشدة استخدام القوة لمنع العراق من الحصول على أسلحة الدمار الشامل. 

فقد انتشر الحديث في الولايات المتحدة حول الخيانة الفرنسية الألمانية، وتراجع الدعم الأوروبي للقيادة الأمريكية على الساحة العالمية في استطلاعات الرأي. وفي ذلك الوقت، خلق الغزو انقسامات بين الدول الأوروبية. الآن، بعد مضي ستة عشر عاما، ينظر الأوروبيون بالإجماع تقريبا إلى الغزو باعتباره خطأ ومثالا مضللا عن الأحادية الأمريكية.

أما الآن، ومع خرق إيران الأخير للحد الأقصى لمستوى تخصيب اليورانيوم المنصوص عليه في خطة العمل الشاملة المشتركة والاستيلاء على ناقلات النفط البريطانية، جنبا إلى جنب مع نشر القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية لأول مرة منذ حرب العراق، فقد زادت المخاطر والتوترات عبر الأطلسي أكثر من أي وقت مضى.

وأشارت إلى أنه في 2016، انتقد ترامب، كمرشح للرئاسة الأمريكية، خطة العمل المشتركة، التي وقعت عليها إدارة أوباما، لمنع إيران من تطوير سلاح نووي. وردد مزاعم الجمهوريين بأن الاتفاق كان محدزدا جدا وليس قاسيا بما فيه الكفاية. وبالنسبة للأوروبيين، كان الاتفاق ناجحا بسبب أهدافه المحدودة وكسب وقت لمزيد من المفاوضات. 

ولاقى إعلان ترامب في 8 مايو 2018، بأن الولايات المتحدة ستترك رسميا الاتفاقية وأنها ستعيد فرض عقوبات اقتصادية واسعة من جانب واحد، انتقادات شديدة من قبل فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا الذين أعلنوا عزمهم على الالتزام بالصفقة. وشهدت السنة التي تلت ذلك ضغطا أمريكيا متصاعدا على إيران، ترافقه محاولات أوروبية يائسة بشكل متزايد لإنقاذ الصفقة.

وبعد انسحاب الولايات المتحدة، سعى وزير المالية الفرنسي برونو لو ماير إلى إيجاد سبل للالتفاف حول العقوبات الأمريكية، مما يوحي بأن الاتحاد الأوروبي يمكن أن يستخدم قانونا محظورا لحماية الشركات الأوروبية من العقوبات الثانوية الأمريكية.

وفي أغسطس 2018، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أوروبا إلى العمل كقوة موازنة للولايات المتحدة ودعا إلى إنشاء آلية دفع أوروبية أقرب إلى نظام جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (SWIFT).

وفي سبتمبر عام 2018 ، أعلنت فيديريكا موجريني، الممثلة العليا للشؤون الخارجية في أوروبا، عن إنشاء "أداة للأغراض الخاصة" (SPV) للسماح للشركات الأوروبية بتجاوز العقوبات الأمريكية ومواصلة التجارة مع إيران، أملا في الحفاظ على الصفقة. 

وللمضي قدما، قدمت المفوضية الأوروبية خطوات في ديسمبر 2018 لزيادة دور اليورو في المدفوعات العالمية. حيث لاحظت اللجنة، أن الشركات الأوروبية تستخدم الدولار الأمريكي في تعاملاتها. وبالتالي ربطها بالنظام المالي الأمريكي وتعريضها للعقوبات الأمريكية أو "القرارات الأحادية التي تؤثر مباشرة على المعاملات المقومة بالدولار" في لغة العمولة.

وأوضحت "ناشيونال انترست" أنه بإجراء مقارنات بين الأزمة الحالية مع إيران وحرب العراق، تم التوصل إلى أن الخطر الذي يشكله هذا النزاع على التحالف عبر الأطلسي قد يكون أكبر. ومن المسلم به أن الشركات الأوروبية قد امتثلت للعقوبات الأمريكية على الرغم من عرض نظام الحظر في الاتحاد الأوروبي. فقد ألغت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعوة ماس للحصول على سويفت أوروبية، ولكن هذه التدابير المقترحة في المقام الأول لها أهمية كبيرة.

حتى إذا تم تجنب الحرب أو انهيار النظام الإيراني، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث أزمة هجرة أخرى، حيث أن العقوبات الأمريكية الموجهة إلى إيران أثرت بشكل كبير على المصالح التجارية والأمنية الأوروبية. ولحماية الاثنين، هددت أوروبا باتخاذ تدابير من شأنها، إذا نفذت بالكامل، بدء عملية فك التكامل الاقتصادي العالمي التي استمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وشددت الصحيفة على أن مثل هذه الخطوات من شأنها أن تضرب قلب القوة الاقتصادية للولايات المتحدة عن طريق تحويل المعاملات التجارية والمالية بعيدا عن الولايات المتحدة.

لواختتمت المجلة تقريرها بالقول أنه على عكس العراق، يمكن أن يكون الانقسام حول إيران نقطة تحول لأكثر من مجرد علاقة عبر الأطلسي حيث أن إنشاء هيكل مالي بديل، كما هدده الاتحاد الأوروبي، يمكن أن يؤدي إلى بلقنة مالية على أسس سياسية. 

ونتيجة لذلك، يمكن للدول التي لا تتفق مع سياسات الولايات المتحدة أن تتجنب العقوبات الأمريكية بسهولة أكبر. والأسوأ من ذلك، أن الهيكل المالي المترنح يمكن أن يخلق صعوبات أكبر في تنسيق الاستجابات للأزمات المالية العالمية في المستقبل. فإن الانقسام الحالي عبر المحيط الأطلسي على إيران يمكن أن يستهل حقبة جديدة وغير مستقرة في السياسة العالمية.

-