الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

على الجزمة واللي هيتكلم هنقطع لسانه.. قصة تهديد عبدالناصر للولايات المتحدة بسبب المعونة

الرئيس جمال عبدالناصر
الرئيس جمال عبدالناصر

في تمام الساعة السادسة والربع من مساء يوم الإثنين 28 سبتمبر 1970، توفى الرئيس جمال عبدالناصر، والذي أعلن خبر وفاته الرئيس محمد أنور السادات والذي كان يشغل وقتها منصب نائب رئيس الجمهورية، قائلا: «فقدت الجمهورية العربية المتحدة، وفقدت الأمة العربية، وفقدت الإنسانية كلها، رجلا من أغنى الرجال، رجلا من أغلى الرجال، وأشجع الرجال، وأخلص الرجال، هو الرئيس جمال عبدالناصر».

«عبدالناصر» الذي رحل منذ 49 عاما، مازال ذكره خالدا لما قدمه من أعمال وتضحيات من أجل الوطن، ولما حققه من إنجازات حفظت لمصر مكانتها، لما له من مواقف بطولية جعلت منه بطلا شعبيا قبل أن يكون رئيسيا ومسؤلا سياسيا، أحبه الشعب وألتف حوله العرب.

ومن بين عشرات المواقف التي يخلدها التاريخ موقفه من المعونة الأمريكية والتي اتخذتها الولايات المتحدة الامريكية وسيلة للضغط على مصر والتدخل في شئونها الداخلية، مما دفعه للتصدي لتلك التدخلات، وفضح المخططات الأمريكية في مؤتمر شعبي شاهده العالم أجمع.

«إذا دعا الأمر أننا نوفر 50 مليون جنيه بدل المعونة الأمريكية نوفرها على الجزمة ومفيش حد يتدخل في سياستنا»، وخلال مؤتمر جماهير حاشد، فضح الرئيس جمال عبدالناصر المخططات الأمريكية للتدخل في شئون الدول بحجة تقديم المساعدات والمعونة، وهو ما يعلمه الكثيرون دون أن يعلم البعض الأسباب الحقيقية التي دفعت الرئيس عبدالناصر للإعلان عن ذلك للجماهير. 

قبل المؤتمر الجماهير للرئيس عبدالناصر بأيام، كان قد حدث لقاء بين السفير الأمريكي بالقاهرة ووزير التموين المصري، والذي عمد السفير الأمريكي على إبلاغ الوزير المصري رسالة مضمونها أن الولايات المتحدة الأمريكية غير راضية على السياسة المصرية خلال الحديث عن المساعدات الأمريكية التي تقدمها الولايات المتحدة لمصر. 

وفي هذا الوقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية تقدم مساعدات لمصر عُرفت باسم «المعونة» والتي كانت تقدر بنحو 50 مليون جنيه -في حين كانت الموازنة العامة للدولة مليار و100 مليون جنيه- و تحصل مصر على الـ 50 مليون المعونة فى صورة مواد تموينية، مثل القمح واللحوم، والدواجن، والشاى والبن، والتي كانت تقدمها الولايات المتحدة من أجل بسط نفوذها وتأثيرها فى منطقة الشرق الأوسط كقوة عظمى ناشئة بعد الحرب العالمية الثانية، وتريد أن يكون لها مكانًا كبيرًا وسط القوى العظمى وقتها بريطانيا وفرنسا. 

فكانت الولايات المتحدة تحاول مرارا وتكرارا مع مصر، من أجل التدخل فى شئون مصر الداخلية والتأثير على القرار المصري حتى تدور فى فلك السياسية الأمريكية، وتحويل مصر إلى دولة تابعة ترسم سياساتها وتوجهاتها بناء على توجهات ورؤية الإدارة الأمريكية، ولكن الرئيس عبد الناصر رفض هذا التدخل ووضع حلال تلك المخططات الأمريكية. 

انتهز الرئيس عبدالناصر كلمته مع الجماهير ووجه رسالة موجعة للولايات المتحدة، قال فيها: «إذا كان الأمريكان فاهمين إنهم بيدونا شوية معونة علشان يتحكموا فينا، وفى سياستنا، أنا بقولهم إحنا مستعدين نقلل استهلاكنا من المواد الغذائية، فى سبيل أن نحافظ على استقلالنا اللي حاربنا علشانه». 

لم يتوقف عبد الناصر في كلمته عن تحذير الولايات المتحدة من التدخل في السياسة المصرية، حتى قال: «اللى مش عاجبه سياستنا يشرب من البحر.. ولو البحر الابيض خلص.. يشرب من البحر الأحمر.. فلا يمكن أن نبيع استقلالنا بملايين المعونة.. واللى يتكلم أى كلمة مش عجبانا هنقطع لسانه.. لأننا شعب مش بنقبل الناس الرزلة».