قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

اللحظة الحاسمة في تاريخ السلفية المصرية: البقاء أو الفناء


تؤكد مؤشرات تصاعد الخلاف بين جماعة الإخوان المسلمين ونظامها الحاكم في مصر وجماعة السلفيين، ممثلة في حزب النور وعدد من شيوخ السلفية الكبار، أن تصادماً وشيكاً سيقع بين الإخوان والسلفيين، وأن التصادم ربما يتجاوز مجرد التلاسن والعنف اللفظي إلى العنف والاشتباك، خاصة أن رؤية الأغلبية السلفية تؤكد أنه قد تم خداعها وأنها لم تكن سوى جسر أو مطية اعتلتها الجماعة للوصول بمرشحها إلى الرئاسة، وما أن حصلت على الرئاسة حتى نقضت التحالف سواء فيما يتعلق بتطبيق الشريعة أو مبدأ الشورى والمشاركة في الحكم أو تحقيق الاستقرار في البلاد.
فبعد أيام من تصريحات نائب رئيس الدعوة السلفية ياسر برهامى، أن الإخوان يحاولون تحجيم دور الدعوة السلفية، وطارق فهيم القيادي بحزب النور السلفي أن الجماعة "تأخون الدولة فعلاً ومن لا يرى من الغربال يبقى أعمى، وتسطو على مشروعات السلفيين وتنسب النجاح لها"، قدم الشيخ محمد حسان أحد كبار شيوخ السلفية، وذو التأثير الأوسع على السلفيين في مصر على اختلاف أطيافهم، استقالته من "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" و"مجلس شورى العلماء".
استقالة الشيخ حسان يؤشر إلى وجود خلافات عميقة مع الحكم الإخواني، فالإخوان تسيطر على الأولى بأربعة أعضاء من بينها المهندس خيرت الشاطر، ولا يخفى على أحد أنها تستغلها في فرض وصايتها على أحزاب وجماعات السلفيين، والثانية فاجأت الرئيس وجماعته ببيان مؤرخ في 16 فبراير 2013 أعلنت فيه رفضها واستنكارها للتقارب المصري الإيراني "مجلس شورى العلماء يستنكر بشدة الانفتاح على إيران لما في ذلك من خطر على أهـل السنة ودعوتهم ووحدتهم".
وبعد يومين من استقالة الشيخ حسان، أقال الرئيس الإخواني محمد مرسي مستشاره لشئون البيئة د.خالد علم الدين القيادي في حزب النور، وسط تخمينات أن قرار الإقالة وراءه انتقاد علم الدين لأداء الرئيس وجماعته، في حين أن الرئاسة قالت أن إقالة علم الدين بناء على تقارير إدارية أكدت أنه استغل منصبه.
وردًا على إقالة علم الدين تقدم بسام الزرقا القيادي بحزب النور أيضا باستقالته إلى رئاسة الجمهورية احتجاجًا علي أسلوبها في إدارة الدولة، أسلوبها غير اللائق في إقالة علم الدين.
الخلافات ليست وليدة اليوم أو الأمس، فقد بدأت عقب إعلان الإخوان ترشيح محمد مرسي للرئاسة في مايو 2012 حين وصف عبد المنعم الشحات المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية وقتها محمد مرسى بأنه أضعف المرشحين لرئاسة لجمهورية وبأنه كان مرشحاً احتياطياً، وألمح إلى ما كان يردده البعض عنه "استبن" على سبيل السخرية، ليخرج محمود غزلان المتحدث الرسمي للجماعة مهاجما الدعوة السلفية ومتحدثها الرسمي.
أثناء الانتخابات الرئاسية أدرك جماعة الإخوان خطورة وحدة الصف السلفي عامة والدعوة السلفية خاصة باعتبارها تحمل تاريخا مهما وتضم رموز ودعاة السلفية الكبار في مصر، وعدد أنصارها يفوق كثيرا أنصار الإخوان، لذا ما أن وصل مرشحها للرئاسة حتى اختار ثلاثة من مستشاريه من حزب النور، من بينهم عماد عبد الغفور رئيس حزب النور، وكان أن حدثت انشقاقات داخل الحزب، كشفت عن تلاعب الإخوان وسعيها لتفتيت الدعوة السلفية وحزبها "النور"، الأمر الذي انتهى باستقالة عبدالغفور وموالاته للرئيس وجماعته وتأسيسه لحزب "الوطن" بالمشاركة مع الشيخ حازم أبو إسماعيل، ليتولى يونس مخيون قيادة الحزب.
مخيون حرر قرار ورؤية الدعوة وحزبها من الإخوان، بعد أن رأى الحكم الإخواني يجر البلاد نحو الفوضى، وإصراره على المضي في تعنته وضربه عرض الحائط بآراء المؤيدين والمعارضين له على السواء.
لكن الأمور أكبر من مجرد الخلافات، فجماعة الإخوان تسعى إلى فرض وصايتها على السلفية، والسلفية أدركت الآن أنها مستهدفة بالوصاية، وهو ما ألمح إليه ياسر برهامي في قوله "أن كل ما يندرج تحت التابعية السياسية لجماعة الإخوان يحاولون تحجيم دوره"، لكن برهامي وسلفييه ـ للأسف ـ لا يدرك أن المخطط أعمق من ذلك، وأن الجماعة تسعى إلى إحداث شق في الصف السلفي، بحيث لا تشكل وحدته تهديدا لها في سيطرتها على الحكم، وأنها تعمل على الشق منذ تولى الرئيس الإخواني الحكم حيث قام باستقطاب بعض رموز الأحزاب السلفية ووعدهم بالمناصب.
وليس أدل من بدء الجماعة تنفيذ مخطط شق الصف مما يجري الآن، فبعد هجوم قيادات الدعوة السلفية على الجماعة ودستورها وأداء حكومتها، خرجت بعض قيادات الأحزاب السلفية مثل حزب الإصلاح لتهاجم حزب النور، ثم خرج أحد قيادي في الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ليهاجم حزب الإصلاح وحزب النور، ليبدأ معول الهدم الإخواني في إحداث شق الصف السلفي.
الفتنة معول هدم الإخوان استخدمته وتستخدمه مع كل القوى المعارضة لطريقة حكمها خاصة من تجرأوا على الانتقاد العلني لأداء الجماعة أو الرئيس وحكومته، وقد حركته ـ المعول ـ بشكل مكثف خلال الأيام القليلة الماضية ضد القوى السلفية وحزبها الأقوى "النور" ـ المستهدفة أصلا كما أشرنا ـ خاصة بعد أن تقدم بمبادرة للرئيس وجماعته تتوافق مع رؤية جبهة الإنقاذ الوطني، وذلك للحيلولة دون المزيد من الانقسام والتردى الذي تشهده البلاد.
لكن الرئيس الإخواني وجماعته إمعانا في اهانة الدعوة السلفية، لم تمض ساعات على مناقشة مبادرتها معه، حتى خرجت الرئاسة لتنفي إقالة قنديل وتؤكد استمرار وزارته وتشكك في التوافق على المبادرة، وربما من هنا جاء قرار "النور" الجلوس مع المعارضة وجبهتها للإنقاذ الوطني التي أعلنت دعمها وموافقتها على المبادرة.
وجاء رد الرئيس وجماعته على خطوة "النور" بإقالة د.خالد علم الدين وإهانته بإعلان أن الإقالة جاءت لاستغلال منصبه، وهكذا يكون قد تأكد للأغلبية السلفية أن جماعة الإخوان لعبت بهم وضحكت على شيوخهم ودعاتهم، مثلهم مثل شباب الثورة وقياداتها والعديد من الشخصيات العامة، وأن مصيرها ليس بعيدا عن الانتهاك والجرائم التي تمارس ضد المعارضة والثوار.
الخطر الحقيقي يكمن في أن تصر جماعة الإخوان ورئيسها على المضي قدما في اشعال الفتنة بين السلفيين وهدم رموزها، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى الانقلاب عليه والانضمام لتأييد الشارع الغاضب، فإن انقلبوا وانتقلوا سوف تأخذ الثورة الثانية منحى آخر قد يتجه إلى تصاعد موجة العنف القائمة حاليا، وهو ما قد يكتب نهاية الحكم الإخواني، باعتبار أن السلفيين يمثلون قوة عددية وعقائدية لا يستهان بها.
وفقا لذلك فليس أمام السلفيين سوى خيارين أحلاهما مرة فيما أظن، الأول الانقلاب على الحكم الإخواني والانضمام للشارع ووقف سيطرة الأخونة على الدولة وجماعات وتيارات الإسسلام السياسي وإسقاط الرئيس الإخواني، والثاني القبول بفرض جماعة الإخوان الوصاية عليهم وتمزيقهم بالإيقاع بينهم والإجهاز عليهم جماعة إثر جماعة وحركة إثر حركة.
وأيضا إذا افترضنا استمرار وتمكن الحكم الإخواني فإن السلفيين أمام لحظة حاسمة في تاريخهم إما البقاء المستقل الكريم والحر وإما النهاية والفناء والذوبان في عباءة جماعة الإخوان.