الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أستاذ بجامعة أمستردام بهولندا: دور الفتوى خطير في تسيير حياة وشئون الملايين.. وعلينا وضع استراتيجية رشيدة حضارية لإدارة الخلاف الفقهي.. والمؤسسات الدينية تحمي الأمة من الفتن

الدكتور مرزوق أولاد
الدكتور مرزوق أولاد عبد الله

أستاذ بجامعة أمستردام الحرة بهولندا:
استمرار المؤسسات الدينية فى دورها الصحيح يحمي الأمة من الفتن
إدارة الفتوى تحول دون وقوع الناس فريسة لجماعات التطرف والإرهاب
دور الفتوى عظيم وخطير في تسيير حياة وشئون الملايين
علينا وضع استراتيجية رشيدة لإدارة الخلاف الفقهي بشكل حضاري

على هامش فعاليات مؤتمر الإفتاء العالمي فى نسخته الخامسة، الذي انتهت فعالياته يوم الأربعاء الماضي، التقى «صدى البلد»، الدكتور مرزوق أولاد عبد الله، الأستاذ المغربى بجامعة أمستردام الحرة بهولندا، لمعرفة دور الفتوى في المجتمعات الإسلامية، وكيف تواجه الأمة التحديات الموجودة حاليًا من فتاوى شاذة.

وقال الدكتور مرزوق أولاد عبد الله، إن التعامل مع قضايا الخلاف الفقهي ومسائله يجيده العلماء فقط؛ مبينًا أن عموم الناس ليست لديهم القدرة على التفريق بين الحكم القوي والحكم الضعيف لمذهب واحد أو المذاهب الأربعة؛ وبالتالي يمكن أن يدفعه تصرفه الشخصى إلى الأخذ بحكم ضعيف على اعتبار أنه قويًا.

وأضاف «مرزوق» في حواره مع «صدى البلد»، أن الفتوى دورها عظيم وخطير في تسيير حياة وشئون الملايين، ومن أجل أهمية الفتوى سلكت الشريعة مسالك عديدة لمنع غير المؤهلين من التطاول عليها.. وإلى نص الحوار.


أنت تعمل بالجامعة الحرة بأمستردام بهولندا.. فما علاقة الجامعة بالإسلام؟
الجامعة الحرة بأمستردام بهولندا، هى جامعة مسيحية تأسست عام 1880، ويوجد بها مركز الدراسات الإسلامية، وقسم العناية الروحية الإسلامية، وقسم تكوين الأئمة، ويلتحق بهذه الأقسام جنسيات مسلمة وغير مسلمة للدراسة بها، والمتخرجون من هذه الأقسام يعملون كباحثين وعلماء دين وأئمة وخبراء فى الإسلام، والعديد من خرجيها يعملون كأئمة ودعاة بالمساجد بهولندا، ويعملون كأئمة بالجيش فى هولندا.

وتعد الجامعة الحرة بأمستردام مكانًا للاتقاء الحضارات والأديان والحوار، وتتيح لكل أصحاب الأديان والعقائد التواجد بها وممارسة عقائدهم بكل حرية ونزاهة.

كيف ترى دور الفتوى في استقرار المجتمعات؟
الفتوى قضية مهمة جدًّا، ودورها عظيم وخطير في تسيير حياة وشؤون الملايين من الشعوب العربية والإسلامية والأقليات المسلمة في الديار الغربية، وأهم من هذا أن الفتوى تأثر إيجابًا أو سلبًا، ووفق سياق الحديث والبحث فإنها تؤثر سلبا على حياة الأفراد والمجتمعات والدول وتعرض حياتهم لعدم الاستقرار النفسي والروحي والاجتماعي.

ومن أجل أهمية الفتوى سلكت الشريعة مسالك عديدة لمنع غير المؤهلين من التطاول عليها، ومن ذلك ورود نصوص عديدة محذرة من اقتحام مجال الإفتاء لغير المؤهل، وفي ذلك يقول سفيان بن عيينة: "أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علمًا.

هل الأشخاص غير المؤهلين قادرون على الحُكم بصحة الفتوى أو ضعفها؟
لا: التعامل مع قضايا الخلاف الفقهي ومسائله يجيده العلماء فقط؛ وعموم الناس ليست لديهم القدرة على التفريق بين الحكم القوي والحكم الضعيف لمذهب واحد أو المذاهب الأربعة؛ وبالتالي يمكن أن يدفعه تصرفه الشخصى إلى الأخذ بحكم ضعيف على اعتبار أنه قويا.

كيف ترى دور الفتوى في استقرار المجتمعات؟
قضية إدارة الفتوى من المسائل المهمة والشائكة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، وإذا حدث انفلات فى ضبط عملية الفتوى والسيطرة عليها من مصادرها المعتمدة؛ ينتج عنه وقوع عامة الناس فريسة لجماعات التطرف والإرهاب، وإدارة الفتوى تعني ببساطة: وجود تعددية فى الآراء بين الفقهاء او علماء الدين ربما تصل إلى حد الخلافات حول مسألة ما اجتماعيةٍ أو دينية.

هل المؤسسات الدينية قادرة على تحصين الشباب من الأفكار المتطرفة؟
استمرار المؤسسات الدينية فى دورها على الوجه الصحيح يساعد على تحصين أفراد الأمة خاصة فئة الشباب من الأفكار الشاذة والمتطرفة؛ ومن ثم حمايتهم من جماعات الفتن والإرهاب التى تخرب الأمم وتخطط لإسقاطها.

كيف تواجه الأمة التحديات الموجودة في مجال الفتوى؟
التحديات فى مجال الفتوى، والذى تواجهه أمتنا الإسلامية تضع مسؤولية كبيرة على المؤسسات الدينية بضرورة وضع استراتيجية رشيدة لإدارة الخلاف الفقهي بشكل حضاري، فالعلماء اختلفوا منذ قديم الزمان فيما بينهم؛ ولكن هذا لم يمنع من وجود احترام وتسامح بين بعضهم البعض وإن تعددت مذاهبهم، ومبدأ التسامح بين جميع البشر بشكل عام من أسس الدين الحنيف، وكذا العدل والمساواة والحرية ونشر الفضيلة بين الناس؛ حتى يعيش المجتمع فى أمن وسلام وطمأنينة واستقرار.

صف لنا حال الإسلام في هذه الأيام؟
الإسلام يمر اليوم بمرحلة من أخطر وأصعب مراحل تاريخه الطويل، وما لم ينتبه المسلمون قادة وشعوبًا وعلماء وأهل العلم والفكر إلى حقيقة هذا الخطر الذي يحدق بالأمة الإسلامية، سواء داخل العالم العربي والإسلامي وعند الأقليات المسلمة في الغرب، فإن هذا الخطر سيتضاعف، ما سيتسبب في فوضى دينية واجتماعية عارمة؛ وذلك لأسباب متنوعة: 

أولها: بفعل فوضى الفتاوى الخاطئة والمنحرفة والمتطرفة التي تحرف دين الإسلام، وتجعل الجهلة والعوام يطبقونه بطريقة بعيدة عن كل ما يعرف عنه من العقل والمنطق والاتزان والتسامح والتعايش، وثانيها: التفسير الخاطئ والمنحرف لآيات القرآن الكريم، وتحميل الآيات غير ما تحتمل خدمة لأفكار أهل التنطع والتطرف المضللة والخاطئة.

وثالثها: حرص البعض على التكفير وسفك دماء كل من يعارضهم في كل فتوى، مما يؤدي في أغلب الأحيان إلى القتال بين فئات المسلمين، وإلى زرع الفتن الداخلية باسم الدين، فلا تخلو فتوى من فتاويهم من تهمة التكفير للمقصر والرافض لأفكارهم، ثم يقولون: ويحق على المسلمين استباحة دمه وقتله.

رابع هذه الأسباب: الدعاوى التي أصبحت منتشرة، والتي تدعو إلى التطرف في كل أمور الدين والعبادة بحجة اتقاء المفاسد ودرء الشبهات، وهو أسلوب ضد الإسلام ورسالة الإسلام الوسطية، وخامسًا: الميل إلى العنف والقطيعة وسوء المعاملة في كل علاقات المسلمين فيما بينهم كعلاقات الطوائف الإسلامية، وعلاقات المسلمين بغير المسلمين والعلاقات بأهل الديانات الأخرى بحيث أصبح العالم يتصور أن الإسلام دين العنف والتطرف والإرهاب والدم والكراهية.

وسادس هذه الأسباب: أن الكثير من أصحاب هذه الفتاوى الشاذة والخاطئة جهلة لم يتعد علم الواحد منهم مرحلة الكتاب، ويطبقون أفكارهم الخاطئة في كل مرافق وشتى مناحي الحياة.

سابعها: استغلال الثروات التي ظهرت مؤخرًا عند البعض، في نشر كتبهم وأفكارهم في شتى أنحاء العالم الإسلامي وحتى في الغرب ووسط الأقليات المسلمة، وبعض هذه الكتب والمصادر تترجم باللغات الأجنبية، وهي مليئة بالخرافات والأفكار الشاذة والمتطرفة والمشوهة، ما يثير السخرية والاستهزاء بالإسلام واتهامه ظلما بسبب هذا الفكر المعوج بأنه دين الجهل والتخلف عن ركب الحياة المعاصرة. 

ما أبرز الأفعال السيئة الصادرة من المسلمين في الغرب؟
يعمد بعض الشباب المسلم في بلاد الغرب إلى الاحتيال واستباحة استعمال المواصلات العامة، ووسائل الاتصال من هواتف وغيرها، ومواقف السيارات ذات الأجر، وأمثالها من الخدمات دون أن يدفعوا مقابل لذلك كله.

كما أن بعض اللاجئين إلى بعض البلاد الغربية يزعم أنهم مضطهدون سياسيًا أو دينيًا في بلاد الإسلام التي جاؤوا منها ويتخذون عناوين عدة ويسجلون أنفسهم لدى السلطات المحلية التي يتبع كل منها عنوانا من تلك العناوين، ويحصلون على المعونات والمساعدات المخصصة للاجئين مرات عدة مستغلين في ذلك تصديق تلك السلطات لكل من يتقدم إليها باعتباره لاجئا سياسيا، وهذا كله وأضرابه من أكل المال الباطل المنهي عنه شرعا ولا يحله شيء وفاعله آثم إثما صريحا ومبينا لا تأويل له... والزعم بأن هذا وأمثاله مما يبيحه كون الدار التي يقيمون فيها دار حرب زعم ظاهر الفساد لا تقوم به حجة عند الله ولا عند الناس.