الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

غادة حسن تكتب .. أطفالنا بين التأديب والعقاب

صدى البلد

الخطوة الأولى: فكر بمشاعر طفلك واعترف بوجودها معه 

زجاج الجيران

أنا الأقوى.............. لا لا أنا الأقوى أنا عضلاتي أكبر بما أني زراعي أكثر قوة فلنرى......... إلى ماذا نحتكم ما رأيك في التصويب بالحجر نرمي بالحجر ومن يصل إلى أبعد مسافة يكون هو الأقوى اتفقنا.....

أخذ كل من عمر ومحمد بقطعتين من الحجارة وقف عمر وهنا بدأ أولًا ورمى بالحجر على مسافة بعيدة... ضحك عمر قائلًا ألم أقل لك أن أنا الأقوى لا أظن أنك تستطيع رمى الحجر مسافة بعيدة هكذا ، ضحك محمد قائلًا ولم لا فلننتظر للنهاية وسوف ترى.

أمسك محمد بالحجر بكل قوته أخذ خطوة للخلف ورفع يده لإلقاء الحجر الذي طار لمسافة طويلة ليقع على زجاج نافذة العم حسين ويدوى الصوت بم بم بم............ خرج العم صائحًا أطفال مشاغبين في حاجة للأدب لمعرفة حق الجار لو أمسكت بكم سأكسر عصاي هذه على أجسادكم.

سمع الصغيران عمر ومحمد صوت العم حسين وكان هذا كافيا لإنهاء المسابقة بدون تحديد الفائز وفرار كل منهما إلى بيته.

دخل عمر حجرته بسرعة وكأن شيئا لم يحدث حتى سمع صوت بم بم بم للمرة الثانية ولكن من جهة المطبخ.....

دخل عمر المطبخ ليرى سمية واقفة مبللة الملابس وحولها الزجاج المتناثر في جميع الاتجاهات وظهرت على عمر علامات الدهشة قائلًا يبدو أن اليوم هو يوم تكسير الزجاج.........!!!

يبدو أنك كسرت زجاج أنت الآخر يا عمر......؟ !

عمر بهدوء : لست أنا بل محمد عندما كنا نتسابق في رمى الحجارة لمسافة ابعد وأصابت زجاج العم حسين منذ ثواني ولكن لم يرنا........... ولكن كيف كسرت كل هذه الأطباق...... ولماذا ملابسك مبللة هكذا....... لا شك أن أمى ستعاقبك بقوة على كل هذا التخريب يا سمية.

نظرت سمية للأطباق المكسرة وملابسها المبللة وهى تبكى خوفًا من أمها............. ولكن لماذا فعلت بالأطباق هكذا.

نظرت سمية لعمر قائلة عادت أمي اليوم متعبة وكنت أريد مساعدتها فوقفت على الكرسي الصغير وحاولت غسل الأطباق ولم أكن ألعب بها أو أقصد إتلافها ولا أعرف كيف أتصرف الآن ؟

لم ينتبه الصغيران لسماع والدهم للحديث من البداية والذي فاجأهم بوجوده قائلًا لا تخافي يا سمية لابد ان أمك ستشكر لك خوفك عليها وحرصك على راحتها ولكن كان يجب عليك عرض المساعدة عليها أولًا وسؤالها عن الشئ الذي يمكن أن تساعديها فيه......... وهكذا.

اذهبي إلى أمك وأخبريها بما حدث بنفسك أما أنت يا عمر فلابد من تحمل مسئولية تصرفك أليس كذلك.... فلنذهب إلى محمد صديقك وتأخذه إلى بيت عم حسين وتخبراه بأنفسكم أنكم من كسرتم زجاج نافذته وتأخذا من مدخراتكم نفقة إصلاحه أم أقوم أنا ووالد محمد بإصلاحه وسداد التكلفة من مصروفكما الخاص لأنك شريك في الحادثة أليس كذلك لم يجد عمر إجابة إلا الخجل من نفسه قائلًا كما ترى يا ابى أن تأتى معي إلى والد محمد وإلى العم حسين أيضا دق عمر ووالده باب حديقة محمد يفتح له والده الذي عرف بما حدث من العم حسين وهو يقول عرفت وسأعاقبه عقابًا أليما على ما فعل حتى يتعلم كيف يحترم حرمة الجار....... تدخل والد عمر معك حق ولكن من الأفضل أن يتحمل الصبيان نتيجة تصرفهما ويقوما بإصلاح الزجاج من مصروفهم الشخصي وهذا أفضل عقاب......

في صباح اليوم التالي جلست سمية بجوار والدتها لتسألها كيف تساعدها....... كما ذهب عمر ومحمد ليلعبا في حديقة البيت ولكنهم يبحثان عن مكان اّمن بعيد عن زجاج النوافذ حتى لا يدفعان ثمن إصلاحها مرة ثانية.

عدسة مكبرة علي الموقف


إن الهدف الأساسي من التأديب هو تعليم الأطفال كيفية التحكم بسلوكهم وتصرفاتهم، ومساعدتهم على تطوير ضبط النفس، إلا أن هناك اختلافًا كبيرًا وبيننا بين كل من التأديب والعقوبة، فالتأديب تعليم، وإلا فلن يكون تأديبًا، وقد تجعل العقوبة الطفل نادمًا وآسفًا على ما بدر منه من سلوك أو تصرف خاطئ ، إلا أنها لا تعلمه بالضرورة كيف يتعامل مع حالة مشابهة في المرة التالية التي تحدث فيها الحادثة ذاتها، ويجب أن ينحصر تركيز الكبار وينصب اهتمامهم على كيفية تعليم الأطفال كيفية القيام بالأعمال الصحيحة بالشكل السليم، ولا داعي أن يشعر الطفل بالخزي والهوان والمذلة أو الغباء عندما يرتكب خطأ ما ، حتى عندما تكون العقوبة ضرورية ومناسبة.

إن الأطفال لهم مشاعر قوية تجاه الطريقة التي يتعامل الكبار معهم بها، ومن الأفضل دومًا أن ننتبه إلي المشاعر التي تنتاب الأطفال الذين نتعامل معهم ونهتم بهم ؛ لأنه من المحتمل جدًا أن يتخذوا قرارات أفضل ، وسيتصرفون بسلوك أفضل قطعًا إذا احترمت مشاعرهم ولم يشعروا بالإزعاج أو الإغضاب، ولا حاجة أن يؤذي الكبار مشاعر الأطفال عند معاقبتهم لهم، بل إن ذلك غير مجد بتاتا، وإذا شعر الأطفال والمراهقون بالأذى والغضب فستقل احتمالات طاعة الكبار والمربين والمعلمين كما ستقل أيضًا فرصتهم للتدريب على ضبط النفس.

إن التنبه المستمر لمشاعر الأطفال والمراهقين سيجعل معظم استراتيجيات التأديب أكثر فاعلية ، كما أن الحب الصادق، والتعرف على مشاعرهم سيساعدان أيضًا على تعليمهم الانتباه إلى مشاعرهم الخاصة، وسيتعلم الأطفال والمراهقون كيف أن كلًا من المشاعر والتفكير هلم وضروري في عملية اتخاذ القرار الجيد والمناسب، كما سيتعلم الأطفال كذلك كيف يصبحون أكثر انتباهًا واهتمامًا بالآخرين ومشاعرهم ، وهذا ما يمكن أن يعطيهم بدوره أفضل إمكانيات النجاح في الحياة في مستقبلهم.