الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأسطورة


فاق وهج عبقريتها في هيمنته علي الشعوب حدود السيطرة فهي الوحيدة التي استطاعت أن تجمع العالم العربي علي اختلاف مذاهبه وطبقاته تحت راية ابداعها ومن غيرها أنها أم كلثوم أيقونة الوجدان العربي.

اختارتها إحدى الصحف الفرنسية كأحد أهم الشخصيات المؤثرة في العالم العربي التي تجاوز تأثيرها الحدود الجغرافية فعندما تحين ليلة الخميس الأول من كل شهر يتوقف كل شيء في الشرق الأوسط وتخلو الشوارع في القاهرة كما في الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد الجميع ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلي أم كلثوم .تفتح الستار تطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا ثم الصمت في حرم الجمال وسحر من نوع خاص اداؤها يسحر كل فرد على حده ويخلق حالة توحدا كاملا بين المسرح والحضور تتارجح بين الشجن والنشوة وسحر من نوع خاص.

ام كلثوم ظاهرة عبقرية لا يجود الزمان بمثلها علينا إلا مرة واحدة فقد جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع فكانت تؤدي الجملة اللحنية الواحدة باكثر من طريقة من خلال طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة و تضفي من شخصيتها علي اللحن والكلمة فتنفث فيهما من إبداعها الكلثومي متمكنة من أدواتها التي وهبها إياها الخالق فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداءات متغايرة اضف إليها الكايزما الساحرة والعبقرية الفطرية التي كانت تتمتع بهما سيدة الغناء العربي.

دوى صوتها وجاء متفاعلا مع مختلف الأحداث التى مرت على مصر والأمة العربية وأصبحت سفيرة الفن العربى ويكفي ما قامت به لخدمة المجهود الحربي رافعة شعار الفن من أجل الوطن بعد هزيمة 67 فلم ينته عام 1970إلا وقد أودعت أم كلثوم فى الخزينة المصرية 520 ألف دولار والتي كان تمثل مبلغ ضخم بحسابات هذا العصر وهي حالة عكست المجد الذي وصلت له هذه السيدة الاستثنائية ليس فقط مصريا بل عربيا.
 
كانت المنارة الفرعونية التي لا تغادر عاصمتها فعشاق صوتها هم من ياتون اليها شوقا لحضور حفلاتها الشهرية بعاصمة الحضارة والنور وقتذاك القاهرة سواء بالطائرات أو البواخر من جميع دول العالم أو بالقطارات من داخل القطر المصري بينما يكتفي رقيقي الحال من السودا الأعظم بالالتفاف حول جهاز الراديو. 

أم كلثوم كانت سفيرة فوق العادة حملت مصر في قلبها فحفظتها مصر في أغلى صفحات تاريخها كجزء أصيل من ضمير الأمة وصوت عبر إلى القلوب متخطيا المكان والزمان ليصل إلينا الآن بعد ما يقرب من 44عاما بعد الرحيل.

خلد التاريخ في ذاكرته هذه السيدة الاستثنائية التي سجلت أطول فترة غناء متواصل فقد ظلت تشدو علي مدار ستين كاملة من الابداع والعطاء وظاهرة فريدة لم تتكرر أم كلثوم حالة خاصة جدا لم يستطع أحد أن يكتشف سر خلوده مثلها مثل الفراعنة نفس الانبهار نفس الغموض نفس الخلود ولا تزال أم كلثوم نصًا ينتج خطابات متعددة مفتوحًا على جملة من التأويلات تتنوع بتنوع الظاهرة ذاتها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط