قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر بالتسمية في مواطن كشف العورات؛ صونًا لها من الأعين، حتى عين الجن.
واستشهد «علام» في فتوى له، بما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «سَتْرُ مَا بَيْنَ أَعْيُنِ الجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ: إِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمُ الخَلاَءَ، أَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللهِ» أخرجه الأئمة: الترمذي في "السنن"، والطبراني في "الأوسط" وابن السني في "عمل اليوم والليلة".
وأوضح أن الإنسان بنيان الله تعالى، أفاض الله عليه نعمه المتكاثرة، وآلاءه المتتابعة، وأجلُّها أن جعله مكرمًا مصانًا بحمى الشرع الشريف؛ فجعل حرمته عند الله أشد من حرمة البيت الحرام؛ فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يطوف بالكعبة، ويقول: «مَا أَطْيَبَكِ وَأَطْيَبَ رِيحَكِ، مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَحُرْمَةُ الْمُؤْمِنِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ حُرْمَةً مِنْكِ، مَالِهِ، وَدَمِهِ، وَأَنْ نَظُنَّ بِهِ إِلَّا خَيْرًا» أخرجه الإمامان: ابن ماجه في "السنن"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وتابع: للحفاظ على كرامة الإنسان وحرمته، جاءت النصوص الشرعية بالنهي الشديد عن تتبع عوراته، والأمر الأكيد بسترها؛ سواء أكان ذلك فيما لا يجوز الاطلاع عليه؛ كعورة الجسد لمن لا يجوز له الاطلاع عليها، أو فيما يجوز الاطلاع عليه بإذن صاحبه؛ كبيته، ورسائله، وكتبه.
وواصل: «وصيانة لعورة الإنسان في جسده أمره الشرع الشريف بسترها عن غير الزوجين؛ قال تعالى: «وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُون إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ» [المؤمنون: 5-6]، وقال تعالى: «قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ» [النور: 30].
واستدل بما روي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه، أنه قال: يَا نَبِيَّ الله، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: «احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ؟ قَالَ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَاهَا»، قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟ قَالَ: «اللهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ» أخرجه الأئمة: أحمد في "المسند"، وأبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه والبيهقي في "السنن".
واستند إلى ما روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلَا الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلَا يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ».
لقول بسم الله الرحمن الرحيم فضائل عظيمة وأسرار جليلة؛ فالله - سبحانه وتعالى قد افتتح بها القرآن، وتعارف الناس عليها بأنها سبب من أسباب حلول البركة فى الأمر الذى يبدأ بها، ومن فوائد بسم الله الرحمن الرحيم ما يلي: