الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إبراهيم رضوان يكتب : بلسمة الألم

صدى البلد


كان صوت أنينها يصل مكتوما ، يتواصل ليلا ونهارا ، تمسك بطنها تارة ، وتبكي تارة أخرى ، تضع طوال اليوم قربة الماء الساخن فوق موضع الألم ، تتمنى لو كان ماثلا أمامها ، لتقتله وينتهي الأمر ..
اللهم نجنا من الوجع ، وبلسم آلامنا برحمتك.. هكذا كانت تدعو الله بعيون دامعة وقلب مهموم ..

أنا كزوج ، لا أملك إلا الدعاء ، ومشاركتها الوجع قليلا ، ثم المضي الي حال سبيلي ، إنها "بطانة الرحم المهاجرة" ياسادة ، مرض شائع بين نساء وفتيات مصر ، ينهش في الأحشاء كأنه وحش كاسر ، هذا المرض يتلخص في أن دماء الدورة الشهرية لا تخرج عبر مخرجها الطبيعي ولكن يتبقى منها شئ يصعد للأعلى وتهاجر داخل الجسم وتلتصق بالقرب من باقي الأعضاء وتتجمد عليها في صورة بقع دموية ، وقد تصل الي الرأس أو الكتف ، أو الكلى أو الكبد أو غيرها من الأعضاء الحيوية مسببة ألاما مبرحة لا تحتمل لكل من إبتليت بهذا المرض ..

وللأسف الشديد ، أصبح هذا المرض " بطانة الرحم المهاجرة " وباء يهدد عدد كبير من النساء والبنات ، وأصبح هذا التخصص نادرا ، لا يدركه إلا قلة من الأطباء المختصين في علم النساء والتوليد ، ومما يزيد الطين بلة  ، والقش ولعة ، أن العديد من أطباء النساء والتوليد بل كلهم ، يقدمون علاجات خاطئة للمريضات تفاقم من الإصابة ..

الدكتور سيد الأخرس ، نموذج إنساني آخر ، التقيت به صدفة ، لأنه ممن يهتمون بهذا الداء ، وآل على نفسه بلسمة الألم لكل من أبتليت به ، بل ويقيم حملات توعوية على وسائل التواصل الإجتماعي بهذا المرض الخطير الوجاع ، كنت أعتقد أنه مثله مثل غيره من الأطباء الباحثين في جيوب المرضى ، ولكنه أكد لي أن الطب في بلادنا مازال بخير ، وأن هناك أطباء مازالوا يحملون صفة العلم والحكمة والآدمية ..

الدكتور سيد الأخرس ، يستقبل المريضات من ربوع مصر ، من مرسى مطروح الي أسوان ، يقول لهن ، أن الدنيا لسه بخير ، يطبطب عليهن ، يمسح دموعهن ، بل ويقدم لهن الدواء من جيبه الخاص لمن لا تقدر عليه ..
الدكتور سيد الأخرس هو ناقوس إنذار لكل من كان همه جمع المال ، من هولاء الأطباء الذين تعلموا مجانا في جامعات هذا الوطن ، ثم أصبح كل همهم ركوب أحدث السيارات والبحث عن الأكبر والأفخم والأثمن من المنازل والملابس والساعات وإستغلال وجع وهموم المرضى ..

تحية الي هذا الرجل ، المصري الأصيل ، وجعل في وجهه القبول الحسن ، وفي قلبه الرحمة والمودة ، وفي كلامه ويديه بلسمة الألم لكل من تقول آه ..