الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاطف عبد الغنى يكتب: التهديد الوجودى الثالث للدولة المصرية.. دولة الخلافة الأردوغانية !

الكاتب الصحفي عاطف
الكاتب الصحفي عاطف عبدالغني

قال الكاتب الصحفي عاطف عبدالغني رئيس تحرير بوابة دار المعارف، إنه فى أعقاب هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001 التى ضربت واشنطن حدثت مفارقة تبدو لغير المدقق أنها غريبة، لكنها فى الحقيقة بديهية تماما، ومقصودة تماما.
 ووأضاف فى مقال له "الذى حدث أن المنظمة الأممية أحد أدوات النظام العالمى الجديد، أقصد الأمم المتحدة، انتفضت، ودفعت أعضائها لإصدار قرارًا حمل رقم: ١٣٧٣ لسنة ٢٠٠١ ، وهو ملزم لجميـع الـدول الأعضـاء فى المنظمة، بمحاربة الإرهاب وذلك من خلال تنفيـذ عـدد مـن التدابير القانونيـة والمؤسسـية تكون فى مواجهـة الأنشـطة الإرهابيـة فى داخل الدول، وفى مناطقها، وفى أنحاء العالم (حسب ما ورد فى القرار).

وإلى نص المقال:

"المفارقة أن الدولة العظمى  التى وقفت خلف إصدار هذه القرار، وهى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت ومازالت تمارس كل ما جرمه وحرمه القرار من تدابير، من أول تمويل الإرهاب، إلى خلق الجماعات الإرهابية لتوظيفها لمصالحها، وحروبها ضد الآخرين، هى التى أنشئت تنظيم القاعدة ودفعته لحرب السوفيت فى أفغانستان، ثم بدأت تستخدمه فزاعة، وذراعا إرهابيا، وعندما اتهمته بتنفيذ هجمات الحادى عشر من سبتمبر عام 2001، قيل أن عناصر داخلية (داخل أمريكا) ومنهم متنفيذين فى مؤسسات سيادية، وأجهزة مخابرات ضالعة فى مؤامرة 11/9، وهى نفس الدولة التى حرضت من قبل صدام حسين على غزو الكويت، بداية التسعينيات من القرن العشرين، ثم حشدت العالم لحربه، لأهداف استعماريــة وصهيونيــة لتأسيس ما عُرف بـ «النظام العالمى الجديد» ولديه أهداف متعلقة بالشرق الأوسط عرفها العالم بعد ذلك فيما سمى بـ «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، وهى نفس الدولة التى غزت أفغانستان والعراق فدمرت بنية الدولتين عسكريا، وسياسيا، واجتماعيا، وأعادتهما فى سياق التقدم التاريخى لسنوات عديدة إلى الوراء، وهى نفس الدولة التى عملت على خلق محورين طائفيين كبيرين فى الشرق الأوسط، ليتحاربا على أساس دينى، (شيعة فارسية، وسنة)، وفى هذا الصدد غذت تنظيمات متطرفة تسعى لتقويض الدول الوطنية فى الشرق الأوسط لصالح فكرة هى تحاربها فى الأساس، هى فكرة الأممية الإسلامية.

وقد يسأل البعض : كيف يحدث هذا ؟! أقول له إن الإجابة سوف تحيلنا مباشرة إلى رصد «البردعة» التى هى تنظيم داعش، فى حين أن الحمار الذى هو تنظيم الإخوان المسلمين، هو الأساس.

ولأنهم كذلك ظنوا أنهم يستخدمون الولايات المتحدة الأمريكية مرحليا، وأنهم قادرون على هزيمتها حين يصلون إلى مرحلة التمكين، والحقيقة أنه تم استخدامهم فى مرحلة الربيع العربى إدراكا من الولايات المتحدة، أنهم القوة التنظيمة القادرة مرحليا على ملء فراغ السلطة بعد الإسقاط  المفاجىء للأنظمة الحاكمة فى الدول العربية المستهدفة، ومع وصول الإخوان للحكم سوف يزيد انفجار حرب الفوضى، التى نجح الغرب فى تغذيتها على أسس طائفية (سنة وشيعة، مسلمين ومسيحيين)، وأيدلوجيات مخترعة (متأسلمين، وليبراليين، ومؤمنيين، وملاحدة) هذا غير ملل ونحل وطوائف لأقليات لم يكن يدرى أحد بوجودها، تخرج من جحورها لتشتعل الفوضى من كل حدب وصوب، ويتقاتل كل هؤلاء، فينتهى الأمر إلى تقسيم الدول العربية الكبيرة جغرافيا إلى دويلات، (مخطط البلقنة) وخلق واقع جديد للشرق الأوسط الذى تقوده دولة إسرائيل التى تٌقدم للعالم على أنها من نسيج مختلف، تملك عناصر التقدم، والحداثة، والحكم الرشيد، مقابل العرب الـ……… (ضع من الأوصاف السيئة ما يحلو لك).

ما سبق لم يكن ليحدث إلا فى وجود تنظيمات إرهابية، أشبه بالجيوش النظامية، خارجة عن سيطرة الدول الوطنية فى المنطقة، ومن رحم القاعدة التى خرجت من رحم الإخوان، ظهرت (داعش) وانضمت إليها وبايعاتها، منظمات محلية عديدة وفروع من منظمات أخرى، تعمل بالتبعية للتنظيم الأم، وتنفذ المهام فى بلادها بالوكالة مثل «داعش مصر»، التى وجدت بيئة حاضنة مع وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم، وانفتاحهم على كل هذه التنظيمات باعتبارهم جنود مسخرين لمشروع دولة الخلافة.

كان ما سبق هو التهديد الثانى والأخطر فى تاريخ مصر الحديثة، وهو ليس تهديدًا سياسيًا فقط ولكنه – بالفعل – تهديدا وجوديا، من جماعة إرهابية الفكر، لا تعترف هى والتنظيمات التى استولدتها بالدولة الوطنية، ولا القومية، ولكن تؤمن بفكرة دولة عالمية عابرة للحدود والقارات، ومثالهم فيها الدولة العثمانية، ولتقريب الفكرة للأذهان، فمصر فى هذه الدولة، مجرد ولاية، وقد تقسم إلى أكثر من ولاية، ليس بالضرورة أن تكون عاصمة دولة الخلافة، قد تكون مثلا اسطنبول هى العاصمة، وتنسب الخلافة إلى شخص مثل رجب طيب أردوغان، ويصبح اسمها: «دولة الخلافة الرجبية، أو الأردوغانية»، حسب الجرس الموسيقى الذى سيحلو لهم، وتدفع لها مصر وليبيا وتونس وقطر الجزية (قطر تدفع الآن لأردوغان مبالغ أكبر من أى جزية)، وما سبق ليس إلا أضغاث أحلام العقول الغبية التى حولت شباب المسلمين المغرر بهم، إلى قنابل تنفجر ذاتيا فتقتل نفسها ومن حولها من الآمنين، بدلا من أن تنفجر فى الأعداء.