الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ملتقى الفكر الإسلامي: رمضان شهر الانتصارات الكبرى وهو شهر الجد والاجتهاد والعمل

وزارة الأوقاف
وزارة الأوقاف

أقيمت الحلقة السابعة عشرة لـ ملتقى الفكر الإسلامي الذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برعاية الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ، وجاءت بعنوان : " ذكرى انتصار يوم بدر" ، وحاضر فيها كل من:  أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف ، والدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة .
 
وفي كلمته أكد الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف أن شهر رمضان هو شهر الانتصارات ، ففيه انتصار بدر الذي أعز  الله( عز وجل ) فيه  نبيه (صلى الله عليه وسلم ) المؤمنين ، قال تعالى : "وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" ، كانت واقعة بدر في شهر رمضان ، وهو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالصيام وبالقيام وبقراءة القرآن ، وفيه فتح مكة ، وفيه نصر العاشر من رمضان المجيد .

وإذا كان شهر رمضان هو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالدعاء والتضرع والإنابة والخشية فهو أيضًا شهر الجد والاجتهاد والسعي الدءوب ، وأعلى درجات السعي وأعلى درجات العمل أن يلقى المسلمون أعداءهم في ميدان القتال ، فلم يُستثن رمضان أن يكون ظرفًا للحرب التي تدور في كل زمان ومكان بين الحق والباطل ، بين المعتدين وبين من يدفعوا العدوان  . 

كما أكد  أن نصر بدر حدثٌ فريد في تاريخ المسلمين ، حيث أيدهم الله (عز وجل) ونصرهم فيه ؛ لأنهم كانوا أذلة متضرعين ، وأما المشركون فنرى فيهم نوعًا من السرف والكبر والمفاخرة ، وهكذا أبى أبو جهل لما جاءه الخبر بنجاة القافلة، إلا أنه يصر على التقدم ، ويقول : وَاَللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى نَرِدَ بَدْرًا- وَكَانَ بَدْرٌ مَوْسِمًا مِنْ مَوَاسِمِ الْعَرَبِ ، يَجْتَمِعُ لَهُمْ بِهِ سُوقٌ كُلَّ عَامٍ- فَنُقِيمُ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَنَنْحَرُ الْجُزُرَ، وَنُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَنُسْقِي الْخَمْرَ، وَتَعْزِفُ عَلَيْنَا الْقِيَانُ ، وَتَسْمَعُ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا وَجَمْعِنَا، فَلَا يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا أَبَدًا بَعْدَهَا ، فَامْضُوا ، مشيرًا إلى قوة إيمان المسلمين بربهم ، ويقينهم بنصر الله تعالى لهم، فحينما علم الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمقدم قريش بسادتها وشبابها وعبيدها ورجالها ونسائها على قلب رجل واحد يحادون الله ورسوله ، جمع (صلى الله عليه وسلم) أصحابه من المهاجرين والأنصار ، وقال : " أشيروا عليَّ أيها الناس" ، فقام سيدنا أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) فتكلم وأحسن ، ثم قام سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فتكلم وأحسن ، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: "يا رسول الله ، امض لما أراك الله فنحن معك ، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون ، فو الذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه، حتى تبلغه ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خيرا ودعا له .
ثم سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأي الأنصار ، فقال سيدنا سعد بن معاذ (رضي الله عنه) : يا رسول الله : قد آمنا بك فصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة ، فامض يا رسول الله لما أردت ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد ، وما نكره أن تلقى بنا عدوا غدا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله ، فَسُرَّ بِذَلِكَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) ثُمَّ قَالَ : (سِيرُوا وَأَبْشِرُوا , فَإِنَّ اللهَ - عز وجل - قَدْ وَعَدَنِي إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَاللهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ الْآنَ مَصَارِعَ الْقَوْمِ) ، فكان النصر من عند الله (عز وجل) ، حيث يقول سبحانه : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيم}، ويقول تعالى : {إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ* بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ}، وهذا مدد حقيقي يتنزل على المؤمنين ليقوي موقفهم ، وليكون سببًا في جلب النصر لهم .

وفي ختام كلمته أكد  أن يوم بدر فيه من الدروس والعبر الكثير ، منها : أن رمضان شهر الاجتهاد ، وشهر العمل ، كما أنه شهر العبادة ، فلا يحول الصيام بيننا وبين أن نباشر أعمالنا ، مهما كانت عظيمة وشاقة ، فإن الله يعيننا عليها ويبارك لنا في قوتنا ، فليس الصوم موسمًا للقعود ولا لترك العمل ، بل هو موسم للجد والاجتهاد يتدرب فيه المؤمن على ألوان متعددة من العبادات ، فالصيام يعطي المؤمن قوة يستطيع أن يواجه بها الشدائد ، فالإنسان لا يواجه شدائد الحياة بقوته ، ولكن يواجهها  بالصوم والقيام  والدعاء فهي من سبل القوة والصلابة التي يواجه بها المؤمن الحياة بكل صعوباتها .

اقرأ ايضا: 

وفي كلمته أكد الدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة أن شهر رمضان شهر عظمت فيه انتصارات المسلمين ، وأننا في هذه الليلة الطيبة المباركة نقف أمام حدث عظيم من أحداث شهر رمضان المعظم ، بل حدث فارق في حياة الأمة الإسلامية ألا وهو انتصار يوم بدر ، وهو يوم الفرقان - كما سماه القرآن الكريم - الذي تجلى فيه التطبيق العملي لصيام رمضان والقرب من رب العالمين ، مشيرًا إلى بعض عوامل النصر في يوم بدر ، ومنها : الثبات الذي يتحقق بقوة الإيمان ، حيث يقول سبحانه : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}، وإذا تحقق الإيمان وثبت في قلب العبد استجاب لنداء ربه تعالى فأدى ما عليه مطمئنة نفسه ثابتا قلبه قال تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، ومنها : ذكر الله تعالى ، حيث يقول سبحانه :{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، مشيرًا إلى أن ذكر الله تعالى أسمى ما يكون في هذا الشهر الكريم ، فحينما تصفو الروح ، وينتصر الإنسان على شهواته وعلى نفسه فلا يكون هناك تعلق للقلب إلا بالله سبحانه وتعالى ، فيترك الحلال الطيب في نهار رمضان قربا من الحق سبحانه. 

كما ذكر أن طاعة الله تعالى ، وطاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، والبعد عن التنازع والاختلاف ، والإخلاص لله تعالى ، واللجوء إليه ، والاعتماد عليه سبحانه ، والإكثار من الدعاء ، والصبر ، من أهم عوامل النصر العظيم في يوم بدر ، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ .

وفي ختام كلمته أكد مسعد أن أهم وأعظم نصر هو انتصار الإنسان على نفسه وشيطانه ، وفي شهر رمضان يظهر هذا الانتصار من خلال امتناع الصائم عن الطعام والشراب والجماع وهي أمور حلال له ، فالانتصار على النفس والتغلب على المطامع والشهوات هو أعظم نصر يحققه الإنسان في هذا الشهر الكريم ، فعلينا أن نغتنم تلك الفرصة في هذا الشهر الفضيل وأن نتقرب إلى الله (عز وجل) بالصبر على طاعة الله ، والصبر عن المعصية ، والصبر على الابتلاءات التي قد تعرض للإنسان في حياته ، فالصبر أساس الانتصارات جميعها ، حيث يقول سبحانه : {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ومعية الله تعالى للصابرين معية نصر وتأييد ، وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) : "واعلم أن النصر مع الصبر" .