الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زكاة الفطر..علي جمعة يوضح شروطها وكيفية إخراجها وحكمتها

زكاة الفطر..على جمعة
زكاة الفطر..على جمعة يوضح شروطها وكيفية إخراجها وحكمتها

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إنه يوشك أن يودعنا رمضان ونودعه، ويذهب إلى ربه فيشهد علينا، ويثني على من أحسن استقباله وختمه، فصامه وقامه إيمانا واحتسابا، ويشكو إلى ربه قسوة من هجره ولم يغير حاله رغم ما تيسر من الطاعات، وما حدث من تقييد لقوى الشر والأبالسة.

وأضاف «جمعة» في منشور له على صفحته الرسمية بموقع التوواصل الإجتماعي «فيسبوك» أنه يوشك أن يذهب رمضان، وندعو الله أن يعيد علينا رمضان في أعوام عديدة، ففيه عطايا كبيرة أعلمنا الله بعضها وأخفى عنا كثير منها، ففيه أسرار لا يعلمها إلا العالمون، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- «لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها»، [رواه البيهقي في الشعب].

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أننا في الأيام الأخيرة من رمضان نستعد لعبادة عظيمة شرعها الله في ذلك الوقت وهي زكاة الفطر، والفطر: اسم مصدر من قولك: أفطر الصائم إفطارا، وأضيفت الزكاة إلى الفطر؛ لأنه سبب وجوبها، وقيل لها فطرة، كأنها من الفطرة التي هي الخلقة، قال الشيرازي صاحب المهذب: ويقال للمخرج: فطرة - بكسر الفاء - لا غير، وهي لفظة مولدة لا عربية ولا معربة، بل اصطلاحية للفقهاء، وكأنها من الفطرة التي هي الخلقة، أي زكاة الخلقة، وممن ذكر هذا صاحب "الحاوي"، [المجموع للنووي].

المقصود بزكاة الفطر:
ونبه المفتي السابق أن المقصود المقصود بزكاة الفطر شرعًا: صدقة تجب بالإفطار من رمضان -ويمكن أن تخرج قبل ذلك- بمقدار محدد على كل نفس، يخرجها المسلم عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، وتخرج للفقراء والمساكين وكذلك باقي الأصناف الثمانية التي ذكرهم الله في آية مصارف الزكاة، قال -تعالى-: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ».


الحكمة من زكاة الفطر:

وبين الدكتور على جمعة أن الله شرع زكاة الفطر لحكم عالية، وأغراض غالية، منها التكافل الاجتماعي، وتعميق روح الإخاء الإنساني بين أفراد المجتمع المسلم، فينبغي على المسلم الذي أغناه الله من فضله ألا ينسى أخاه الفقير، وأن يسعى على تهدئة نفسه، وراحة باله من سؤال الناس في ذلك اليوم، حتى يفرح في العيد هو ومن يعول مثلما يفرح أخوه الغني، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أغنوهم في هذا اليوم عن السؤال) [رواه البيهقي]. 

وواصل أن الدين الإسلامي حث على الرفق بالفقراء بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه بعد شهر الصوم من اللغو والرفث، فعن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: (فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر، طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) [رواه أبو داود].

زكاة الفطر على من تجب:

وواصل أن زكاة الفطر واجبة على كل نفس مؤمنة يخرجها العائل عن نفسه وعمن يعول، وتخرج بمقدار صاع من طعام من قوت أهل البلد، ويختلف وزن هذا الصاع باختلاف كثافة نوع الحبوب الذي يخرج منها الإنسان، فمثلًا صاع الأرز 2.400 كيلو جرام. 

زكاة الفطر نقدًا:

ونوه عضو هيئة كبار العلماء أنه في عصرنا هذا الأولى إخراج زكاة الفطر مالًا، وعلى ذلك فستتراوح قيمتها 15 جنيه كحد أدنى في أيامنا هذه، وقد ذهبنا إلى القول بإخراج زكاة الفطر من النقود موافقة لمذهب طائفة من العلماء يعتد بهم، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، منهم: الحسن البصري حيث روي عنه أنه قال: «لا بأس أن تعطي الدراهم في صدقة الفطر»، وأبو إسحاق السبيعي، فعن زهير قال: «سمعت أبا إسحاق يقول: «أدركتهم وهم يعطون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام»، وعمر بن عبد العزيز، فعن وكيع عن قرة قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: «نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته: نصف درهم». وهو مذهب الثوري، وأبي حنيفة، وأبي يوسف. 


وأشار إلى أن هذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة، وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها. وهو أيضًا مذهب الإمام الناصر، والمؤيد بالله، من أئمة أهل البيت الزيدية. وبه قال إسحاق بن راهويه، وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما هو مذهب بقية أهل البيت، أعني جواز القيمة عند الضرورة، وجعلوا منها: طلب الإمام المال بدل المنصوص.

وأكمل أن إخراج زكاة الفطر نقودًا أولى للتيسير على الفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد; لأنه قد لا يكون محتاجًا إلى الحبوب، بل هو محتاج إلى ملابس, أو لحم، أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب يضطره إلى أن يطوف بالشوارع ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية، هذا كله في حالة اليسر, ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق، أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة مراعاة لمصلحة الفقير.

فضل زكاة الفطر:
وأردف أن زكاة الفطر لها فضل عظيم، وثواب جزيل، لا يعلمه إلا الله وقد أعلمنا الله ببعض ذلك الفضل والثواب، وذلك الفضل والثواب قد يكون لارتباط هذه العبادة الجليلة بعبادة صيام رمضان فقد روي عن النبي  - صلى الله عليه وسلم- أنه (سئل: أي الصوم أفضل ؟ فقال شعبان لتعظيم رمضان قيل: فأي الصدقة أفضل ؟ قال صدقة في رمضان) [الترمذي]

واختتم: زكاة الفطر صدقة تخرج في رمضان كما صح عن ابن عمر (أنه كان يؤديها قبل العيد بيوم أو يومين) [مسلم]، قال محمد بن مصطفى الخادمي : (ودفع القيمة أفضل من دفع العين على المذهب، ومن فضائلها: قبول الصوم، والفلاح، والنجاة من سكرات الموت، وعذاب القبر كذا عن المنية والسراجية) [بريقة محمودية].