الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فى اليوم العالمي لبر الوالدين.. سبب تقديمها على الجهاد في حديث أحب الأعمال إلى الله

بر الوالدين
بر الوالدين

بر الوالدين .. الله تعالى أمر بالإحسان إلى الوالدين والبر بهما، لقول الله تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا» (الإسراء: 23، 24). 

ورد الكثير من الأحاديث النبوية الشريف التى تحث على بر الأم لفضلها على أبنائها، وجعل الله تعالى ورسوله الكريم جزاء من يبر أمه هو الجنة، فكان بر الأم أعظم من الجهاد كما ورد فى أحاديث الرسول ومنها: ما رود عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه- قَالَ: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَت: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ»، رواه البخاري. 


وأورد الإمام ابن حجر العسقلانى فى كتابه "فتح البارى لشرح صحيح البخارى" أن معنى قول « أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟»، في رواية مالك بن مغول ‏«أي العمل أفضل»، ومحصل ما أجاب به العلماء عن هذا الحديث وغيره مما اختلفت فيه الأجوبة بأنه أفضل الأعمال، أن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأن أعلم كل قوم بما يحتاجون إليه، أو بما لهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها.
وتابع: «تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن ‏"‏أفضل‏"‏ ليست على بابها بل المراد بها الفضل المطلق، أو المراد من أفضل الأعمال، وقال ابن دقيق العيد‏:‏ الأعمال في هذا الحديث محمولة على البدنية، وأراد بذلك الاحتراز عن الإيمان لأنه من أعمال القلوب، فلا تعارض حينئذ بينه وبين حديث أبي هريرة ‏"‏ أفضل الأعمال إيمان بالله"»، وقال غيره‏:‏ المراد بالجهاد هنا ما ليس بفرض عين، لأنه يتوقف على إذن الوالدين فيكون برهما مقدما عليه‏.‏


وبين ابن حجر في شرح الحديث أن معنى قول سيدنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-‏«الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا» قال ابن بطال: فيه أن البدار إلى الصلاة في أول أوقاتها أفضل من التراخي فيها لأنه إنما شرط فيها أن تكون أحب الأعمال إذا أقيمت لوقتها المستحب‏، قيل المراد منها تحقق دخول الوقت ليقع الأداء فيه‏، وقوله « ثُمَّ أَيٌّ ؟»، أى والتقدير‏:‏ ثم أي العمل أحب‏؟‏».

وأوضح ابن حجر أن المقصود من قول النبى: ‏«‏ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ» قال بعض العلماء‏:‏ هذا الحديث موافق لقوله تعالى: «أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ»، وكأنه أخذه من تفسير ابن عيينة حيث قال‏:‏ من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا لوالديه عقبها فقد شكر لهما‏.‏

ولفت ابن حجر إلى أن في الحديث فضل تعظيم الوالدين، وأن أعمال البر يفضل بعضها على بعض‏، ‏وقال ابن بزيزة‏:‏ الذي يقتضيه النظر تقدم الجهاد على جميع أعمال البدن، لأن فيه بذل النفس، إلا أن الصبر على المحافظة على الصلوات وأدائها في أوقاتها والمحافظة على بر الوالدين أمر لازم متكرر دائم لا يصبر على مراقبة أمر الله فيه إلا الصديقون.

بر الوالدين بعد موتهما
بر الوالدين بعد موتهما له ثواب عظيم ومنزلة كبيرة عند الله عز وجل، وبر الوالدين بصفة عامة يعني الإحسان إليهما وطاعة أوامره في كل شيء إلا إذا أمرك بمعصية الله ورسوله، وبر الوالدين بعد موتهما كـ برهما حال الحياة فيه السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة.

بر الوالدين بعد موتهما قد يكون أكثر ثوابا لأنه خال من النفاق أو الريا، بر الوالدين بعد الموت لا يشترط فيه أن يكون بالصدقة الجارية بل قد يكون بالدعاء لهما في كل صلاة أو بصلة الرحم من أشقائهما العمة والخالة والخال وكل ما هو كان صديقا لهما، أو بالذهاب إلى القبر وقراءة الفاتحة لهما من وقت لآخر.

صور بر الوالدين
من صور بر الوالدين : «تقديم أمرهما ، والإنفاق عليهما ، تحري رضاهما، المبالغة في خدمتهما، طاعتهما، الصبر عليهما»، منوهًا بأن رضا الله سبحانه وتعالى يكون في رضا الوالدين، وأنهما السبيل لدخول الجنة.

قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «رِضَا الرَّبِّ في رَضَا الوَالِدَيْنِ، وسَخَطُ الرَّبِّ في سَخَطِهِمَا»، وبما قال ابن عمر رضي الله عنهما لرجلٍ عنده أُمُّه: «والله لو ألفتَ لها الكلام، وأطعمتها الطعام، لتدخُلَنَّ الجنة ما اجتنبتَ الكبائر»، وجاء في عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ قَالَ: «أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أُمُّكَ، ثُمَّ أَبُوكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ».

بر الوالدين في الإسلام
من صور الجهاد الراقية إكرام الإنسان وخاصة إكرام المرأة فى مرحلة الضعف وورد هذا فى صحيح البخارى قال صلى الله عليه وسلم (( الساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله))، فمن يتعب فى عمله ويعمل بإخلاص ولا يريد أن يسرق ولا يأكل حراما فهو يجاهد في سبيل الله.

وروت أيضًا أن هناك رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم، فرأى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من جلده ونشاطه ما أعجبهم، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في سبيل الله، وإن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج رياء وتفاخرا فهو في سبيل الشيطان".

عقوق الوالدين
عقوق الوالدين من الموبقات ومن أكبر الكبائر، ولهذا كان عبد الله بن عباس -رضي الله تعالى عنه- يقول: «والله لا نعلم عملًا أحب إلى الله عز وجل من بر الوالدين».

وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «االوالدُ أوسطُ أبوابِ الجنَّةِ فإن شئتَ فأضع ذلِكَ البابَ أوِ احفظْهُ»، وهذه أمانات ووفاء وحقوق، وليس منة أو فضلًا على الآباء ، وإنما هو ردًا لبعض الجميل والفضل.

جميع الأديان السماوية أجمعت على بر الوالدين، وحرمة عقوقهما، فمن عق والديه فقد انسلخ من دينه وآدميته وإنسانيته وكل الخلق الكريم، فلا وفاء له ولا ذمة له ، فمن ضيع ذمة والديه وانكر جميلهما وجحد فضلهما، فلا يُنتظر منه بعد ذلك خير.

جزاء بر الوالدين
بر الوالدين وصلة الرحم يزيدان فى العمر والرزق، والدعاء يرد القدر، لحديث النبى محمد عليه الصلاة والسلام: "لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد العمر إلا بر الوالدين"، كما أن بر الأبوين بعد الوفاة باب واسع وكبير، فمن الممكن بر الودين بعد الوفاة بالصدقة أو التقرب إلى الله بشتى أنواع الطاعات والقربات ونهب ثواب هذه الطاعات إلى الوالدين فلا مانع من ذلك شرعا.