الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تلوث بترولى وصيد جائر وردم مصايد.. حكاية ١٠٠ سنة من معاناة الصيادين بالبحر الأحمر

صدى البلد

 يعتبر مجتمع الصيادين هو أول من وطأت أقدامه سواحل مدينة الغردقة وشكل النواة الأولى فى نشأتها حيث كانوا يقومون بعملية جمع الأصداف مثل "النهيد – صدف اللؤلؤ" إلى جانب صيد الأسماك، ونظرا لعدم وجود ثلاجات لحفظها كانو يقومون بتمليحها وتجفيفها أو تمليح وتفسيخ بعض الأنواع مثل "البورى والعنبرة" فى براميل ثم بيعها فى الصعيد عبر تجار متخصصين فى هذا النوع من التجارة.

يقول المؤرخ صلاح سليمان الرشندى ابن محافظة البحر الأحمر تعتبر مياه البحر الأحمر غنية بالتنوع البيولجى حيث مساحات الشعاب المرجانية الشاسعة، كما أنه من الأماكن النموذجية للصيد وغابات "المانجروف" التى هى بمثابة حضانات لصغار الأسماك، ورغم ذلك يعتبر البحر الأحمر من البحار الفقيرة إقتصاديا لأنة عبارة عن حوض شبة مقفول ويختلف عن المحيطات المفتوحة يحتاج إلى فترات طويلة لتعويض مايتم صيدة من أسماك ورغم قلة الأسماك وندرتها تعرض قطاع الصيادين إلى عدة نكبات أثرت على مصيدهم وعلى المخزون السمك. 

 وفيما يلى نستعرض بعض اسباب معاناة الصيادين أولا: الحروب حيث  تسببت الحروب التى خاضتها البلاد فى تهجير سكان مدينة الغردقة إلى محافظات الصعيد كما حصل لأبناء سيناء وذلك ابتدء من حرب 1956 وحرب 1967 مرورا بحروب الاستنزاف حتى الحرب الكبرى سنة 1973ومن لم يهاجر من الصيادين منع من نزول البحر وممارسة اعمالة مما أضطر بعض الصيادين الذين ضاقت بهم الاحوال ولا يجيدون إلا هذة المهنة إلى النزول خلسة مستعينين "بفلاق النخل" ليضعوا عليها شباكهم ليقتاتو ببعض الأسماك الصغيرة القريبة من الساحل التى يرزقهم بها الله.

واضاف الرشندى :ثم جائت شركات استكشاف البترول فى أواخر السبعينات وقعت مدينة الغردقة فى مخطط انتقامي تحت زريعة البحث عن البترول بأستخدام "المتفجرات" وهى طريقة قديمة مدمرة للبيئة ومنع إستخدامها فى العالم كلة من عشرات السنين إلا فى مصر رغم إستحداث طرق كثيرة غير مضرة بالبيئة مثل الموجات والزبزبات والأستعانة بالأقمار الأصطناعية إلا أنة كان هناك تصميم على إستخدام هذة الطريقة مما يضع علامات أستفهام كثيرة وكانت عملية البحث شملت اغنى وأجمل المناطق فى البحر الأحمر وهى شرق وشمال شرق مدينة الغرقة بما فيها من شعاب مرجانية ومجموعة كبيرة من الجزر مثل (طوال – جيسوم – مكورات – أم لحيمات) وغيرها، وتبدأ هذة  المنطقة التى تضررت من جزيرة الجفتون إلى منطقة جبل الزيت فى الكيلو 80 شمال مدينة الغردقة. 

و تعرضت هذة المنطقة إلى أبشع أنواع التدمير بالمتفجرات حيث قسمت على الخرائط إلى مربعات وتم تقسيم هذة المربعات إلى خطوط طول وخطوط عرض ووضعت علامات عبارة عن عوامات لها ثقل فى القاع المسافة بين الواحدة والأخرى 50 متر ويقوم مركب التفجير برمى كابل من المتفجرات طولة 50 متر بين العوامات ثم يقوم بعملية التفجير بعد أن يخبر محطة الأستقبال الأرضية لتسجيل الزبزبات لحظة التفجير لمعرفة ما إذا كان هناك بترول قى باطن الأرض من عدمة بعد قراءتها وتحليلها. 

وقال:هذه العملية تتسبب فى تكسيرالشعاب المرجانية وتناثرها وخلق حفر على هيئة وديان والتى يوجد آثارها حتى الآن لاتنبت فية الشعاب كما لوكان أصابتة موجة ثلوث إشعاعى، ثم تطفو الأسماك النافقة بجميع أنواعها وكذلك السلاحف والدرافيل، رأيت ذلك بأم عينى لأنى كنت أعمل مع إحدى هذة الشركات فى العام 1983وأسمها شركة ( الآبار المشتعلة) الأمريكية وكان مقرها فى منطقة "رأس البحار" شمال الغردقة فى الكيلو 70 وكنت أعمل بحارا فى مركب التفجير تحديدا وكان أهالى الغردقة يقومون فى الصباح الباكر ويتجهوا صوب الساحل حيث أكوام الأسماك النافقة نتجية عمليات التفجير لعلهم يجدون بعض الأسماك الطازجة.

وتابع : التلوث البترولى الذى تعرضت له محافظة البحر الأحمر لحوادث كثيرة بسبب التسريب المتكرر من أنابيب البترول فى مدينة رأس غارب والغردقة ونظرا لوجد عدد ليس بقليل من آبار البترول وكذلك شبكة كبيرة من أنابيب النقل قريبة من مدينة الغردقة جعلتها فى عرضة دائمة للتلوث لأن الرياح الشمالية الدائمة تساعد فى إنتشار أى تلوث وسرعة وصولة إلى شواطىء المدينة وجزرها، وكان التأثير على مجتمع الصيادين تأثيرا مباشرا حيث فقد الكثير من الصيادين أدواتة مثل الشباك التى علقت بها هذة المادة وأصبحت لا تصلح للصيد والمراكب أيضا الذين أضطر أصحابها إلى سحبها إلى البر بعد أن تلوثت حبالها ومعظم  أجزائها من الداخل والخارج، ويأتى هذا التلوث على شكل موجات بكميات متفاوتة الحجم لايمر شهر إلا ويلاحظ الصيادين وجودها، ولكن ما تعرضت لة المدينة فى أوائل الثمانينات كانت كارثة بكل المقاييس حيث ضربت بقعة من البترول المتسرب بطول أكثر من 60 كيلو متر وعرض 20 كيلو مترإمتلأت على أثرها الشواطىء والجزر مما أدى إلى توقف عملية الصيد تماماورغم حجم تأثير هذة الكارثة على البيئة البحرية وقطع أرزاق عدد كبير من الصيادين إلا أنة لم يحاسب أحد  وذلك لعدم معرفة المتسبب الحقيقى وذلك لوجود أعداد كثير من الآبار فى هذة المنطقة لعدة شركات مختلفة ومن الصعب توجية إتهام إلى أى منها، وحتى توارى هذة الشركات سوأتها تقوم  برمى مواد مزيبة على سطح البقعة المسربة لتجعلها تترسب إلى القاع على الشعاب المرجانية فتحجب عنها الضوء والغذاء فتموت وتصبح منطقة شبة صحراوية لازرع فيها ولاحياة وهذة مصيبة أخرى.
     
وكشف الرشندى قيام بعض المستثمرين بردم آلاف الأمتار من الشعاب المرجانية وإقامة مشروعات سياحية عليها فى منطقة "نمرة 10" التى تأتيها أطنان من سمك "العنبرة" كل عام، وبالتالي تقلصت أماكن الصيد جراء تلك الاعتداءات التى لم ترحم ضعف الصيادين كما تعارضت بعض الأنشطة مع نشاط الصيد مثل ( الغطس والأسنوركل ) والتى قلصت بدورها المساحات المتاح الصيد فيها مما زاد الخناق على الصيادين.      

كل هذا بجانب الصيد الجائر فهناك طرق عديدة للصيد منها المحرم والمجرم دوليا ومنها المخالف للقوانين والقرارات الداخلية.

من الطرق المحرمة دوليا الصيد بالمفرقعات وانتشرت هذة الطريقة فى سبعينات القرن الماضى فى مدينة القصير ومدينة الغردقة فكان بعض الصيادين يلجأ لهذة الطريقة لإستهداف أسراب الأسماك فى المواسم لجمع أكبر كمية منها فى وقت قصير، فكانو يقومون بتصنيعا بطريقة بدائية فى عبوات مختلفة الأحجام، فكانت تترك أثرا مدمرا على الشعاب المرجانية والبيئة البحرية ككل ناهيك عن الخطر المحدق على مستخدمها والمحيطين بة حيث تعددت الحوادث التى أودت بكثير من الصيادين ومن الطرق المحرمة أيضا الصيد بالسم حيث يقوم بعض الأشخاص ليسو بصيادين بالنزول إلى أماكن تجمع الأسماك القريبة من الساحل ويضع عجينة من الدقيق المضاف إليها مواد سامة تستخدم فى مجال الزراعة منها ما يرش على محصول الطماطم فتتجمع كل الأسماك الموجودة بالمنطقة منها الكبيرة والصغير ومنها أسماك الزينة فتأكل من هذة العجينة التى سرعان ما تقتلهم جميعا فى ظرف دقائق معدودة ثم يبيعونها فى الأسواق فتسبب الأمراض لمن يأكلها لما لها تأثير على أعضاء الجسم وخاصة الكبد والكلى.

 هناك وجه آخر للصيد الجائر والمخالف للقانون والقرارات الداخلية وهى استخدام الشباك السبيب المخالفة وبطريقة مخالفة أيضا، الطريقة هى رمى هذه الشباك بمسافات طويلة على الشعاب المرجانية مباشرا مما يؤدى إلى إتلافها لما تحتوية من رصاص ثقيل يجعلها جاثمة على الشعاب مباشرا، وهذه الطريقة لاتتلائم مع طبيعة البحر الأحمر حيث الشعاب المرجانية الكثيفة ويستخدمها صيادو منطقة الدلتا والفيوم فى البحيرات ذات القاع الرملى مثل ( البردويل والمنزلة ) والتى جلبوها معهم إلى مدن المحافظة، ويكون حجم التدمير كبيرا عندما يتركونها من المساء إلى صباح اليوم التالى فتعلق بها السلاحف والدرافيل التى سرعان ما تختنق وتموت كما أن صيد خيار البحر بطريقة عشوائية وممحلة أحدثت خللا بيئيا لضرورة وجود هذا الحيوان فى البيئة البحرية لعمل توازن بيئى لما يقوم بة من عمل عظيم وهو فلترة رمال القاع وتغذيتة على العوالق الميتة المترسبة علية وبالتالى تكون الرؤية فى الماء واضحة. وظهورأسواق فى الصين ودول جنوب شرق آسيا ساعد فى إتجاة كثير من الصيادين إلى تجميع خيار البحر وتفضيلة على عملية صيد الأسماك لسهولة صيدة وتجميعة مع دخلة المادى الوفير.