الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سبب نزول سورة يوسف.. 4 أقوال للعلماء تعرف عليها

سبب نزول سورة يوسف..
سبب نزول سورة يوسف.. 4 أقوال للعلماء تعرف عليها

سبب نزول سورة يوسف محل لبحث الكثيريين، حيث تحدثت السورة بشكل منفرد عن قصة نبي الله يوسف -عليه السلام-، وما لاقاه في حياته من أحداث ومحن نستفاد منها بالعديد من الدروس والحكم من خلال 111 آية تتحدث عن كثير من المواقف التي مر بها يوسف - عليه السلام- مع إخوته ومجئيه إلى مصر وكيف أصبح عزيزًا لها إلى غير ذلك من التفاصيل، وتعد سورة يوسف من سور المئين، وسُميت سور المئين بهذا الاسم؛ لأن عدد آياتها تجاوز المئة آية.

سبب نزول سورة يوسف:

ورد في بيان سبب نزول سورة يوسف عددٌ من الأقوال: 

الأول: يرى بعض أهل العلم أن سورة يوسف -عليه السلام- نزلت ابتدائيةً من غير سبب، خاصة أن أغلب الروايات التي استدل بها المفسِرون في بيان أسباب النزول لا تصح، والذي دفعهم للاعتقاد بأن للسورة سبب نزولٍ مُعيَّن ما ورد في سياقها من الإشارة إلى أن هناك سائلين تُجيبهم هذه السورة، كما جاء في قوله -تعالى-: «لَقَد كانَ في يوسُفَ وَإِخوَتِهِ آياتٌ لِلسّائِلينَ».

الثاني: أن جماعةً من اليهود أرسلوا إلى كفار قريشٍ يطلبون منهم اختبار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن يسألوه عن نبيٍ خرج من بلاد الشام إلى أرض مصر وعن تفاصيل قصته، فلما سأله مشركوا مكة أنزل الله -تعالى- سورة يوسف، وجاء فيها قصة يوسف -عليه السلام- كاملةً وبالتفصيل، على الرغم من ورود العديد من قصص الأنبياء -عليهم السلام- مجزّأة في سورٍ مختلفة، وقد بيّن الإمام القرطبي -رحمه الله- أن في ذلك حُجّةً ودليلًا على أن الله -تعالى- تحداهم بأن يأتوا بمثل هذا القرآن مفرّقًا أو مجتمعًا، فعجزوا عن الإتيان بمثله في الحالتين.


الثالث: ذكر بعض المُفسِّرين أن اليهود سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رجلٍ كان في الشام فارقه ولده فبكى عليه حتى عُمي، وسألوه عن خبره ومن يكون؛ فنزلت السورة، وفي روايةٍ أخرى أن اليهود سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن أسماء الكواكب التي وردت في سورة يوسف.

الرابع: أن سبب نزول السورة الكريمة أن الصحابة -رضي الله عنهم- سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يقُص عليهم القَصص بعدما نزل عليهم الكثير من القرآن الكريم، فأنزل الله -تعالى- قوله: « نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ بِما أَوحَينا إِلَيكَ هـذَا القُرآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبلِهِ لَمِنَ الغافِلين»، مصداقًا لما رُوي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- أنه قال: « أُنزل القرآنُ على رسولِ اللهِ، فتلا عليهم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ لو قصصتَ علينا؛ فأنزل اللهُ تبارك وتعالى: الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ إلى قولِه: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ؛ فتلا عليهم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم زمانًا، فقالوا: يا رسولَ اللهِ! لو حدَّثْتَنا؛ فأنزل اللهُ: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا... الآية، كلُّ ذلك يُؤمَرُونَ بالقرآن». 


سبب نزول سورة يوسف على الرسول: 

كان نزول سورة يوسف على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عوامل التثبيت، والمواساة، وتخفيف الآلام والأحزان في مرحلة الشدة والوحشة، وفقد النصير بوفاة عمه أبو طالب وزوجته خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- في مكة، وفي السورة الكريمة إشارة إلى أن الفرج آتٍ لا محالة مهما اشتدت المصاعب، وتكالب أهل الباطل، وذلك من خلال استعراض ما مر به يوسف -عليه السلام- من شدائد وفتن ومصائب ابتداءً من قصته مع إخوته، وإلقائه في البئر، ثم انتقاله إلى بيت العزيز.. 

وتعلق امرأة العزيز به ومراودته عن نفسه، مرورًا بدخوله السجن، وصبره على كل ما أصابه في سبيل الله، وتَحمُّل أعباء الدعوة إلى الله -تعالى-، وبعدها انقلاب الحال وخروجه من السجن عزيزًا كريمًا، وتوليه مُلكَ مصر، وفي السورة الكريمة رسالة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والصحابة -رضي الله عنهم- مفادها أن الصبر طريق التمكين، وأن الله -تعالى- ينصر أولياءه وعباده الصالحين، مصداقًا لقوله -تعالى-: «وَكَذلِكَ مَكَّنّا لِيوسُفَ فِي الأَرضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأويلِ الأَحاديثِ وَاللَّـهُ غالِبٌ عَلى أَمرِهِ وَلـكِنَّ أَكثَرَ النّاسِ لا يَعلَمونَ».


فضل سورة يوسف: 

في سورة يوسف لم يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أي حديث يُفضلها عن غيرها من السور، إلا أن فضل هذه السورة قد ورد في بعض الأخبار من استنباط العلماء، أو من بعض الروايات في فضلها.

وقال بعضهم: إن مُعظم هذه الروايات موضوعة؛ وذلك لما اشتُهر من الوضع في أحاديث النبي -صلى الله عليه وسلّم- وخاصةً في فضل سور القرآن الكريم، ومن هذه الرويات: "علِّموا أرقَّاءَكُم سورةَ يوسُفَ؛ فإنَّه أيُّما مسلمٍ تلاها مُعلِّمَها أهلَهُ وما ملكتْ يمينُهُ، هوَّنَ اللهُ عليه سكَرات الموتِ، وأعطاهُ القوَّةَ ألَّا يحسُدَ مسلمًا".

وورد فضل سورة يوسف في أحاديث شاملة لها ولغيرها من بعض السُّور، وذلك كما في حديث واثلة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه قال: « أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطِّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئين، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلتُ بالمُفصَّلِ».


الدروس المستفادة من سورة يوسف: 

تشتمل سورة يوسف على كثير من الدروس والعِبر، وأبرز هذه الدروس:

أولًا: قضاء الحاجات بالسر والكِتمان، وخاصة الأخبار التي رُبما تضر الإنسان؛ حيث أمر سيّدُنا يعقوب سيدَنا يوسف -عليهما السلام- بكتم الرُّؤيا التي رأى فيها سجود الشمس والقمر والكواكب له؛ حتر لا يكيد له إخوته كيدًا يضرُّه.

ثانيًا: الثبات على الحق ومُجابَهة الفِتن؛ فسيدنا يوسف -عليه اسّلام- بقي ثابتًا على دينه ودعوته ومنهجه أمام إغراءات امرأة العزيز وفِتَن السُّلطان، حتى إنه تحمل في سبيل ذلك آلام السجن، وقد كانت عاقبة ثباته على الحقّ أن مكّن الله له في الأرض يتبوّأ منها حيث يشاء.

ثالثًا: حقيقة الغيرة بين الإخوة التي قد تؤدّي إلى الضُّر، وأحيانًا محاولة القتل كما فعل إخوة يوسف؛ حيث قالوا: «اقتلوا يوسف..».

رابعًا: الفرَج بعد الشِدة واليُسر بعد العُسر سُنة إلهية للأنبياء والصالحين؛ فقد صبر يعقوب -عليه السلام- على بُعد ابنه وفقدانه، وكانت عاقبة الصبر الجزاء الحسَن في الدّنيا؛ حينما جمع الله شمل العائلة من جديد مع ما ينتظرها من الجزاء الحسَن في الآخرة.

خامسًا: خطورة الخُلوة المُحرَّمة بالمرأة؛ فهي من خطوات الشّيطان ، قال -تعالى-: «وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ».

سادسًا: تعبير الرُّؤيا بمثابة الفتوى؛ وذلك لِما ورد في السّورة في قوله -تعالى-: «قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ»، ولذلك قال العلماء لا يجوز لِمن لا يعرف في تعبير الرُّؤى أن يتكلّم فيما لا يعلم.

سابعًا: السعي إلى اتخاذ الأسباب الجائزة للنّجاة من المصائب؛ حيث قال يوسف -عليه السلام-: «اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ»؛ حتّى يذكر من خرجَ من السّجن القصّة للملك، ويُجري الملك تحقيقًا في الموضوع، فيكون هذا هو سبب خروج سيّدنا يوسف من السّجن بريئًا.

ثامنًا: جواز طلب التمكين من المنصب؛ إذا كان هذا المنصب يخدم شرع الله ويُبين قدرات يوسف -عليه السّلام- للملك دون أن يضُرّ نفسه، على أن تكون نيّته خالصةً لله، وقد ورد هذا في قوله -تعالى-: «قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ»، أما من طلب المنصب لنفسه، فيوكِله الله -جلّ جلاله- إلى نفسه ولا يُعينه، فيكون المنصب له فِتنةً.