في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في يوليو 2016، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن من قُتلوا في مصادمات ليلة الانقلاب هم "شهداء" وأن الجرحى سيتم اعتبارهم "محاربين قدامى"، ولا يقتصر إسباغ هذه الألقاب على التكريم المعنوي فحسب، وإنما يتضمن صرف مستحقات مالية دورية.
وبحسب موقع "المونيتور" الأمريكي، قال أردوغان في خطاب عام بعد محاولة الانقلاب مباشرة "هؤلاء الشهداء والمحاربين القدامى هم إخوتي الحقيقيون، وكل من يمسهم بسوء سيكون حسابه لديّ عسيرًا"، وتم تدشين حملة لجمع التبرعات لضحايا الانقلاب هؤلاء، بلغ ما جمعته في حساب مصرفي في ديسمبر 2019 مبلغ 339 مليون ليرة تركية حسبما أعلن نائب الرئيس التركي فؤاد أقطاي.
ولكن في 8 يونيو الجاري، وبعد شهور طويلة من المفاوضات والمماطلة، نظم عدد من مستحقي ألقاب المحاربين القدامى وفق إعلان أردوغان مسيرة احتجاجية في العاصمة أنقرة، اعتراضًا على تأخر تسوية أوضاعهم القانونية وصرف مستحقاتهم الموعودة منذ 4 سنوات.
وفي 15 يونيو، وبناءً على معلومة تسربت حول وجود أردوغان في مقر حزب العدالة والتنمية بالعاصمة أنقرة، نظم المحاربين القدامى مسيرة أخرى نحو المقر، رددوا خلالها هتافات حادة اللهجة، تتهم النظام بالخيانة والاحتيال، ووقعت مصادمات عنيفة بين المحتجين والشرطة.
وفي محاولة لتشويه سمعة الاحتجاجات، أوعز الحزب للجانه الإلكترونية بشن حملة تزعم أن المحتجين ليسوا من المحاربين القدامى، وإنما ينتمون على حركة "الخدمة" بزعامة رجل الدين التركي المقيم بالولايات المتحدة فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب 2016 الفاشل.
ونقل الموقع عن مسئول بحزب العدالة والتنمية رفض ذكر اسمه أن المحاربين القدامى هؤلاء كانوا بمثابة "إنكشارية أردوغان" الذين "قلبوا أوانيهم" وأصبحوا يهددون الحكومة لصرف مستحقاتهم، وكان قلب قدور الطعام هي إشارة الاحتجاج المتبعة لدى جنود الإمبراطورية العثمانية القديمة للتعبير عن السخط.
وأضاف المسئول الحزبي "في ليلة الانقلاب دعا هؤلاء الناس بعضهم عبر واتساب للنزول إلى الشوارع وحماية النظام، ويبلغ عددهم نحو 2700 شخص، لكن أعتقد أن ما بين 250 و300 شخص منهم فقط هم الذين صرفوا مستحقاتهم"، وأوضح بلهجة صريحة أن الوعود التي تلقاها هؤلاء كانت غير واقعية، وقال مازحًا "سيكون من الصعب العثور على من هم مستعدون للموت من أجل أردوغان في المرة القادمة".
وقدم نواب حزب الخير في البرلمان التركي مقترحًا لصرف مستحقات المحاربين القدامى فورًا، لكن أغلبية الائتلاف الحاكم المكون من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية أسقطت الاقتراح في التصويت عليه، وقرر المحتجون الاعتصام في أماكنهم.
وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي ليفينت جولتكين إن هؤلاء المحاربين القدامى يتصرفون بوحي من شعورهم بالخذلان، فهم كرسوا حياتهم وخاطروا بها لتأييد أردوغان ثم أدار لهم الأخير ظهره بعدما انتهت حاجته إليهم.
وأضاف جولتكين أن السمعة الشائعة عن حزب العدالة والتنمية هي أنه حزب فاسد، لكنه يجتذب عددًا كبيرًا من الأتباع والمؤيدين بتقديم المزايا والمغريات إليهم، أما الآن وقد تقلصت هذه المزايا ولم يعد هناك ما يغري المنتفعين بتأييد الحزب فقد انفضوا عنه وبحثوا عن بدائل في أحزاب المعارضة.