الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كواعب أحمد البراهمي تكتب: قسوة القلب

صدى البلد

من أصعب العقاب الذي يصيب الإنسان في الحياة الدنيا , هو أن يتركه الله لقسوة القلب , والتي شيئا فشيئا  تنتزع منه الرحمة , فيصبح أسوأ من أي شئ ,حتي من الحيوان البهيم الذي ليس به عقل , وإن كان الحيوان أعطاه الله
جزءا من الرحمة , حتي أن الفرس ترفع حافرها عن وليدها رحمة به .



ولكننا في ذلك الوقت انتشرت مظاهر قسوة القلب , وكثرت فوق العادة وأكثر مما  كانت . فأصبح الأب لا يرحم طفله  , والأم تقتل أطفالها . والأبن يقتل أحد والديه.



أصبحنا نتخطي الجريمة المعروفة إلي الجريمة الأشد قسوة , والأكثر عنفا . تغيرنا بسرعة كبيرة – ولا أدري ما سبب كل هذا التغير , من أين أتينا بهذه المشاعر البغيضة .



ولابد لنا كمجتمع أن نحاول إنقاذ مجتمعنا من هذه المشاعر التي سيطرت علي حياتنا , فالبعض يعتقد أن تلك أمور بسبب الحياة المادية التي طغت علينا , والبعض الآخر  يري أنه لابد من الإصلاح المجتمعي عن طريق الندوات ودروس التنمية البشرية .



والبعض الثالث  يري أن السبب هو البعد عن الدين , وأنا من هؤلاء الناس . لأنه في معتقدي أن الشخص الذي يسلم كل أموره لله لابد أن يعيش مرتاح البال هادئ السريرة , قانع بكل العطايا.



و لأن  التصرفات الناتجة عن قسوة القلب ليست محصورة في طبقة معينة ولا في مستوي اجتماعي معين ولا في مستوي مادي معين , ولا مستوي علمي أو ثقافي معين .



لقد انتشرت  الجريمة في جميع الأوساط , وأصبحت تحدث من كل سن , ومن أي شخص لا فرق بين كبير أو
صغير أو شاب , لا فرق بين رجل أو امرأة , ولا فرق بين طفل وشاب .



أصبحت  الجريمة لا سبب لها  ولا يوجد سبب  يمكن التعويل عليه لنتمكن من تفاديها أو البعد نها . والجريمة مثل القتل ليست فقط الدليل علي قسوة القلب  . فهناك صور كثيرة لقسوة القلب يجب الوقوف عندها لنتمكن من التخلص من تلك القسوة



فمثلا الظلم   فظلم الناس وسوء معاملتهم أكبر دليل علي قسوة القلب فرب العمل لا يرحم العامل الذي يعمل عنده ولا يعطيه حقه، ومن عنده خادم يقسو عليه ويشتد ولا يرحم  ضعفه وفقره.



ومن مظاهر قسوة القلب  حب الدنيا وكراهية الموتفإن ازدياد  التعلق بالدنيا، ونسيان  لقاء الله والدار الآخرة،  من أسباب قسوة القلب .



ومن  أسباب قسوة القلب انعدم التأثر بالموعظة وتلاوة القرآن: بل أن الكثير يقوم بتشغيل الكاسيت أو الراديو  دون  الانتباه إلي الآيات أو محاولة فهمها .رغم أن  الله سبحانه وتعالي قال (إِذَا قُرِئَ ٱلْقُرْءَانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُۥ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ  ) . فرحمه الله تتنزل علي من يستمع إياته وينصت لها .



و من مظاهر قسوة القلب عدم الشعور بالذنب البسيط و استسهال ارتكاب المعصية واستثقال أداء الطاعة.



ولكن السؤال  الأهم الآن كيف نتخلص من قسوة القلب لكي نستطيع البعد عن تلك الجرائم وتقليلها . وكيف نستطيع أن نجعل الدين أساس سلوكياتنا  وهو الذي يحكم انفعالاتنا وتصرفاتنا . مع كل من نتعامل معهم .



واعتقدت أنه لابد من اتخاذ بعض الخطوات للوصول إلي ذلك .



فمن يدرك خطر مرض قسوة القلب في الدنيا والآخرة، ويشعر بعظم فداحة الآثار المترتبة عليه، لا شك أنه سيسارع إلى معالجته ومداواته.



 يقول مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: "مَا ضُرِبَ عَبْدٌ بِعُقُوبَةٍ أَعْظَمَ مِنْ قَسْوَةِ قَلْبٍ، وَمَا غَضِبَ الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم".



ولذلك وجب علينا تلاوة القرآن بخشوع وبتدبر وحضور  حتي يلين القلب القاسي، .



و الإكثار من ذكر الله تعالى: فهو من أسباب لين القلب وإزالة القسوة  منه، خاصة إذا صاحبه بكاء من خشية الله، قال ابن القيم رحمه الله: إن في القلب قسوة لا يذيبها إلا ذكر الله تعالى، فينبغي للعبد أن يداوي قسوة قلبه بذكر الله
تعالى.



وذكر حماد بن زيد عن المعلى بن زياد أن رجلًا قال للحسن: يا أبا سعيد  أشكو إليك قسوة قلبي، قال: أذبه بالذكر.



 وهذا لأن القلب كلما اشتدت به الغفلة اشتدت به القسوة فإذا ذكر الله تعالى ذابت تلك القسوة كما يذوب الرصاص
في النار، فما أذيبت قسوة القلوب بمثل ذكر الله عز وجل .



وكذلك  الإكثار من ذكر الموت:  لأن قسوة القلب تأتي من تعلق القلب بالدنيا ونسيان الآخرة،.



ومن وجهة نظري البسيطة أن الدين دعا في كل لحظة إلي ذكر الله , كجزء من العبادة وجعل ذلك محببا إلي النفس  فجعل من يكثر من سبحان الله  له ثواب , ومن أكثر من الحمد له ثواب , وكل ذكر لله فيه خير وثواب .



وقد يقول البعض ما فائدة الذكر والقلب لاه , أو مشغول ؟



فأقول  فلنبدأ حتي ولو كان القلب مشغول , ولكن الله لا يرد من ذكره , ولا يرفض من يتقرب إليه , ومن تقرب إلي الله شبرا , تقرب الله إليه ذراعا ومن تقرب إلي الله  ذراعا تقرب إليه الله باعا .



فلنبدأ  ولنستعين ,وسوف نصل إلي  الإخلاص , المهم البداية , وذكر الله لا يحتاج إلي مال ولا إلي سفر ولا إلي مشقة ولا حتي وضوء , أنه أسهل الأشياء , وقبل دروس التنمية البشرية , والدروس العلمية والدينية . معا  فلنبدأ .