الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من سان جيرمان إلى البايرن: قطر تستغل كرة القدم كقوة ناعمة لحماية نفسها وسط مقاطعة الرباعي العربي.. وسجلها الحقوقي يفشل فرصها في استعطاف الغرب

تميم بن حمد
تميم بن حمد

  • دويتشه فيله:  قطر أدركت الحاجة إلى تأمين موقعها من خلال مغازلة الغرب والاستثمار في الرياضة
  • قطر استثمرت المليارات في باريس سان جيرمان الفرنسي وبايرن ميونخ الألماني 
  • الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان لطخت استضافتها لمونديال 2022
  • هيومن رايتس: القطريون يهتمون أكثر بمظهرهم على المسرح الدولي بدلا من إصلاح الوضع على الأرض


مع استمرار عزلتها الإقليمية، تحاول قطر استخدام طرق ملتوية لغزو العالم عبر القوة الناعمة، ومن بين أبرز أبوابها الخلفية إلى جانب دعمها لتركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، عالم كرة القدم، اللعبة الأكثر شعبية في العالم. 

وذكرت شبكة "دويتشه فيله" الألمانية أن قطر أدركت الحاجة إلى تأمين موقعها على المسرح العالمي من خلال مغازلة الغرب والاستثمار في الرياضة، لكن سجلها الحقوقي يمكن أن يقوض فرصتها في التغلب على قلب المجتمع الدولي.

وعندما واجه نادي باريس سان جيرمان بايرن ميونيخ في نهائي دوري أبطال أوروبا 2020، لم يتوقع أحد أن تكون قطر هي الفائز الحتمي. حتى أن المباراة أطلق عليها اسم كلاسيكو Qlasico، حيث يتم اللعب على الكلمة الإسبانية المستخدمة للإشارة إلى المطابقات الأسطورية.

وأشارت "دويتشه فيله" إلى أنه منذ 10 سنوات، اشترت الذراع الاستثمارية لقطر الحصة الأكبر في نادي باريس سان جيرمان، والذي تحول منذ ذلك الحين إلى أفضل فريق كرة قدم في الدوري الفرنسي. ومنذ 2017، قامت الشركة الحكومية القطرية، ومن بينها الخطوط الجوية القطرية، برعاية فريق بايرن ميونخ الألماني. 

وأضفات أنه بالنسبة لقطر، فإن رهاناتها تؤتي ثمارها في نهائي دوري أبطال أوروبا بغض النظر عن الفائز.

ومنذ أوائل التسعينيات، استثمرت قطر بشكل كبير في تعزيز صورتها من خلال الرياضة. لم يقتصر الأمر على إنفاقها أكثر من 1.6 مليار دولار على باريس سان جيرمان، بل حاربت أيضا لاستضافة كأس العالم لكرة القدم "مونديال" 2022، لكن الفساد وانتهاكات حقوق العمال فضحت مسعاها. 

وكإمارة صغيرة تعتمد على العمال من المهاجرين، ومعرفة المغتربين وعائدات النفط ، تدرك قطر أنها تواجه مستقبلا غامضا، ويصبح تأمين هذا المستقبل أكثر صعوبة عند حساب المنافسات مع دول الجوار، بما في ذلك المنافسة مع المملكة العربية السعودية ذات الوزن الثقيل في المنطقة.

ونقلت "دويتش فيله" عن فابيان بلومبرج، ، الذي يمثل مؤسسة كونراد أديناور الألمانية لدول الخليج، قوله إن الفهم الاستراتيجي لأهمة الرياضة والعلوم، هو ما يقود قطر، وكلاهما يساعد الدوحة على توسيع قوتها الناعمة وتحسين صورتها في الخارج. 

وقال بلومبرج: "قطر دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها 2.3 مليون نسمة، 90٪ منهم من الوافدين، وقد واجهت عزلة إقليمية منذ عام 2017"، موضحا أن كل هذا يؤدي بقطر إلى درجة عالية من محاولة تأكيد الذات وحاجة أكبر للأمن.

وفي منتصف التسعينيات، أدرك أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الحاجة إلى حشد الدعم من الحلفاء الغربيين، مما يسمح للولايات المتحدة بإنشاء أكبر قاعدة عسكرية لها في الشرق الأوسط. زتستضيف قاعدة العديد الجوية أيضا مجموعة ضمن سلاح الجو الملكي البريطاني. 

وفي يونيو 2017، قررت دول الرباعي العربي، مصر والسعودية والبحرية والإمارات، قطع علاقاتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية مع قطر، بسبب احتضانها للتنظيمات الإرهابية، مثل الإخوان والقاعدة، وتقاربها مع إيران وتركيا. 

وخلال انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن في 2018، اقترح أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني معاهدة أمنية تشبه اتفاقات هلسنكي الأوروبية التي تم توقيعها عام 1975، والتي تسمح بالخلافات السياسية بين اللاعبين الإقليميين، بينما تمهد الطريق للتعاون الاقتصادي، وقوبل الاقتراح بحماس بين المشاركين الأوروبيين، لكن تأمين مستقبل الدوحة يتجاوز دعم الحلفاء الأوروبيين. 

وفي عام 2008، أطلقت الدوحة رؤية قطر الوطنية 2030 التي تهدف إلى دفع البلاد إلى الأمام من خلال موازنة الإنجازات التي تحقق النمو الاقتصادي مع الموارد البشرية والطبيعية، وفقا لرؤية الحكومة.

ويعتبر وقف الاعتماد على البترول جزءا من هذه الرؤية، وهو مصدر ضروري يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، وتتصور رؤية 2030 "دولة نابضة بالحياة ومزدهرة تسود فيها العدالة الاقتصادية والاجتماعية للجميع، وتنسجم فيها الطبيعة والإنسان" ، بحسب بيان حدد أهدافها.

ومع ذلك، حتى في الوقت الذي حددت فيه رؤية 2030 مستقبلا أكثر عدلا من الناحية الاجتماعية، فشلت قطر في معالجة مجموعة واسعة من القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، لا سيما تلك المتعلقة بالعمال المهاجرين.

ومن جانبه، قال محمد جاويد، الباحث المساعد في منظمة "هيومن رايتس ووتش": "في بعض الأحيان، يهتمون أكثر بمظهرهم على المسرح الدولي بدلا من الاهتمام بما يجب القيام به لإصلاح الوضع على الأرض".

وانتقدت المنظمات الحقوقية ما يسمى بنظام الكفالة في قطر، والذي يضع فعليا رزق العمال في أيدي أرباب عملهم. على هذا النحو، يستغل أرباب العمل العمال بشكل روتيني لأن وضعهم القانوني والسكني يخضع مباشرة لسيطرة الشركة.

وتابع أن نظام الكفالة يزرع الخوف لدرجة أن العمال لا يمكن البحث عن حقوقهم، وهو ما يترك لدى أصحاب الشركات إحساسا بأنهم لا يحتاجون إلى منح العمال حقوقهم بسبب جو الخوف، ومن خلال مفهوم الانتقام تتولد الانتهاكات. 

على الرغم من تعهد قطر بسن إصلاحات واسعة النطاق لمعالجة مخاوف حقوق الإنسان، بما في ذلك إنشاء نظام لحماية الأجور، يعتقد المنتقدون أن القليل لن يتغير دون إصلاح النظام.

ومع اقتراب بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 من أن تكون تتويجا لقطر في تقديم نفسها كنموذج، فإن سجلها في مجال حقوق الإنسان قد يقوض فرصها في التغلب على قلوب وعقول المجتمع الدولي.

وعلمت منظمة العفو الدولية أن السلطات القطرية قد اعتقلت وطردت عشرات من العمال الأجانب بعد إبلاغهم بأنه سيجرى فحصهم للكشف عن الإصابة بفيروس كوفيد-19.

ودعت المنظمة الدوحة إلى "ضمان إبلاغ أي عامل محتجز أو مهدد بالطرد بالأسباب والسماح له بالطعن فيها. كما يجب على قطر ضمان إتاحة سبل الانتصاف وجبر الضرر الفعالين لأي عامل انتهكت حقوقه. ويجب على السلطات القطرية أيضًا ضمان حماية حق جميع العمال الأجانب في الصحة حماية كاملة أثناء أزمة تفشي وباء كوفيد-19".