تابعت منذ أيام المشروع القومي لميكنة مكاتب التوثيق، والذى يتم تنفيذه بالتعاون بين وزارتي العدل والاتصالات انطلاقا من حرص الدولة على تطوير أساليب العمل للتيسير على المواطنين في المعاملات الحكومية، وتابعت افتتاح معالي الوزير المستشار عمر مراون وزير العدل والسيد الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لأول مكتب توثيق مميز بالمركز التجاري “سيتي ستارز” بمدينة نصر في العاصمة القاهرة، والذي سيتم من خلاله تقديم خدمات التوثيق المميكنة للمواطنين بشكل متميز بما يسمح بإعداد التوكيل على سبيل المثال في 3 دقائق فقط، بدلًا من 30 دقيقة.
وكذلك كنت أتابع عن كثب منذ فترة جهود وزارة العدل لتطبيق عملية التقاضى (أون لاين) في المحاكم الاقتصادية , عبر منصة مصر الرقمية ,بحيث تصبح إقامة الدعاوى القضائية من خلال منصة مصر الرقمية يسهم بشكل مباشر في حل مشكلة تأخر القضايا المنظورة أمام المحاكم ,حيث تستهدف وزارة العدل إقامة الدعاوى القضائية المدنية عن بعد عبر المنصة في المرحلة الأولى، أما الشق الجنائي عبر منصة مصر الرقمية, فقد تم البدء التجريبي فيه بمحافظة بورسعيد، وقريبا سيتم في باقى المحافظات تدريجيا.
وفي الحقيقة أرى أن كل المشروعات القومية والتى تتم وتنفذ تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي , بحق تعد مشاريع عظيمة ومحورية وفارقة , ولا أستطيع منح الأفضلية لمشروع عن الآخر، ولكنى اليوم اود الحديث عن مشروع من أعظم ما يكون وهو المشروع القومى للتحول الرقمى , بما يضمن تقدم الدولة بخطى سريعة وقفزات ملحوظة نحو تحقيق هدفين استيراتيجيين وهما اولا: تحسين جودة الحياة للمواطن المصرى, ثانيا : تنفيذًا للإستراتيجية القومية لمكافحة الفساد 2019/2022، إعمالًا لنص المادة 218 من الدستور المصري 2014، التي تضمنت التزام الدولة بمكافحة الفساد، عبر الاستراتيجية الأولى لمكافحة الفساد 2014/2018؛ ثم الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد ووفقا لكل الدراسات الامنية والرقابية المعدة من قبل الاجهزة المعنية بمكافحة الفساد, سواء في مصر أو خارجها , فأن التحول الرقمى يعد من أهم آليات المكافحة للقضاء علي الفساد داخل الجهاز الإدارى لاى دولة , فظاهرة الفساد موجودة في كل دول العالم سواء النامية أو المتقدمة، ولكن بنسب ودرجات مختلفة، كما أن التحول الرقمى يُسهم وبشكل فعال في تسريع وتيرة الإجراءات الإدارية وتيسيرها ، الامر الذي يؤدى بدوره إلى زيادة معدلات الاستثمارات الأجنبية المباشرة وكذلك المحلية, بما يتبعه من تحسين المستوى المعيشى للمواطن المصرى ورفع مستوى جودة الخدمات المقدمة له ,ليس هذا فحسب, ولكن سيسهم نجاح التحول الرقمى في تعزيز قدرة الدولة على دمج الاقتصاد غير الرسمى للدولة مع الاقتصاد الرسمى بما يضمن الحساب الدقيق للناتج القومى للاستفادة الكاملة منه, ودعمه بشكل مباشر. ولعلنا هذه الأيام بصدد قضية قانون التصالح في مخالفات البناء , وتبعات المشكلات الجسيمة الناجمة عن جرائم مخالفات البناء على اراضى الدولة والاراضى الزراعية، ولعل هذا الامر يظهر مدى اهمية الحاجة إلى تفعيل استراتيجية الحكومة الهادفة للتحول الرقمى وإحلال التكنولوجيا والاعتماد عليها فيما يتعلق بأدارة ملف المحليات , وميكنة المحليات, لاحكام السيطرة على انضباط وجودة عمل الاجهزة المحلية. ولاينبغى ان نظن ان عملية التحول الرقمى عملية سهلة وبسيطة , فالتحول الرقمى مشروع قومى مرتبط بمعظم المشروعات القومية من حيث تجهيزات البنية التحتية اللازمة له, واليات ربطه بكل قطاعات الدولة من اجل تحقيق الضمانات اللازمة لنجاح الرقمنة ، وعلى رأسها التأكد من جاهزية العاملين بالدولة بمؤسساتها وإداراتها المختلفة للتعامل مع طبيعة مختلفة تماما من العمل عما كان من قبل، وهو ما يستوجب إجراء تدريبات مكثفة للعاملين , فضلا عن ان مشروع التحول الرقمى والميكنة أمر في غاية الخطورة من حيث أمن المعلومات، فهى قضية أمن قومى، تضع لها الدولة خطط التأمين وحماية المعلومات الواجبة , ولعلنا بالفعل من الرواد في مجال المعلومات والبرمجة الإلكترونية على مستوى العالم ولدينا بالفعل من الكوادر التقنية ما يكفى لامتلاك العصا السحرية (الرقمنه) نحو التقدم والقضاء على أي سلبيات تعترض عملية التنمية المستدامة , ولجلب كل المنافع والايجابيات للقفز قدما نحو وطن مزدهر متتطور ومواكب لسرعة تطور العصر.