الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محدش هنا عواطلى.. حكاية امرأة سيناوية بـ 100 راجل.. «أم محمد»: بشتغل 10 ساعات يوميا.. وإعجاب الناس بشغلى بيهون علىَ.. وبحمد ربنا إنى قادرة أشتغل

صدى البلد

«من جاء دهب عقله ذهب» جملة تقليدية تستخدم للترويج عن مدى جمال وروعة وهدوء المدينة التى تبعد عن القاهرة آلاف الكيلومترات، تتأكد من مدى صدقها فور أن تخطوا قدماك أرض المدينة الساحرة الهادئة وكأنها جنة الله فى الأرض، يحافظ المواطن السيناوى عليها ويقدرها ويحنو على طبيعتها الخلابة التى تعد مصدر رزقهم،  والتى يأتى إليها السائحون من مختلف بلاد العالم ليتمتعوا بجمالها ولمشاهدة الشعب المرجانية وممارسة رياضة الغطس، و«السنوركينلج»، حيث يعمل أهالى دهب ونوبيع من الرجال فى السياحة كمرشدين سياحيين فى أماكن الغطس الشهيرة وفى تنظيم الرحلات البحرية، وإقامة الحفلات البدوية فى المساء أعلى جبل الطويلات وفى وادى جنى، أما الأطفال والسيدات فكان لهم نصيبًا من الشقاء أيضًا فعملوا فى الحرف اليدوية والتطريز والخرز وغيرها، فكلِ يبحث عن قوت يومه بطريقته، فلا تجد متسولا واحدا فى المدينة الساحرة أو سيدة تبكى على حالها من شظف العيش.




وبينما أنت تتجول داخل الممشى السياحي بالمدينة الساحرة، تصادفك على الجنبات بين كل عدة أمتار، امرأة سيناوية، جالسة فى ركنِ بعيد هادئ متخذة من ظل النخل مأوى لها، تركت الدنيا بصمتها على ملامحها فتظهر تجاعيد وجهها وكأنها خريطة، فكل خيط وكل تجعيدة فى وجهها تحكى قصة بطولة امرأة لم تقهرها قسوة الحياة وصعوبتها.


بوجه باسم راضٍ بما قسمه الله له، تبدأ "أم محمد"  يومها والذى تستهله بسماع آذان الفجر مع شقشقة ضوء النهار، حيث تخرج من منزلها  بمدينة نوبيع وتودع أبناءها وتستعد للانتقال إلى دهب التى تبعد مدة ساعة أو ساعة ونصف عن منزلها كى تستقر فى الساعة السابعة صباحًا فى مكانها بقلب الممشى لتحيك بأطراف أناملها المشغولات اليدوية البدوية التى يتميز بها أهل المنطقة، ولتمارس عملها اليومى  الذى تتجاوز مدته العشرة ساعات يوميًا.


وتقول أم محمد، زوجى كان يعمل فى السياحة وتوفى فى إحدى السفريات وترك لى خمسة أبناء فى مراحل التعليم المختلفة، فكان يجب عليَ الخروج للعمل ولم أجد إلا التطريز والمشغولات اليدوية التى أتقنها منذ الصغر لكى أعمل بها، وأحصل على قوت يومى أنا وأبنائى، " ما يصحش أبدًا أمد إيدى لأى حد، لا أبو ولا أخو ولا عمو.. عيب عندينا".


وتابعت: "يومى بيبدأ من الفجر أحضر الفطار للأولاد وأجهز بضاعتى وأركب العربية وأوصل لأقرب مكان من الممشى وأكمل الطريق مشى، وأقعد فى مكان "ضلة" من أول النهار لآخره يمكن لأكثر من 10 ساعات يوميًا، لأكمل تطريز الشنط والخدادية والمفارش البدوى، فالكل بيحب الشغل اليدوى وبيشتروا منى هدايا وتذكار لأهليهم وأحبابهم، جنوب سيناء كلها معروفة ومشهورة بشغلها اليدوى والتمور".


وأكملت أم محمد " المفرش الواحد ياخد 6 ساعات شغل، ولكن الشنطة أقل ممكن أربعة ساعات فقط، ولكن فرحة وإعجاب الناس بشغلى بيهون عليَ أى تعب تعبته فى الشغل، وأرجع لبيتي وولادي مرضية، وبحمد ربنا إنى قادرة أشتغل ولا أمد ايدى لحد أبدًا.


«محدش هنا عواطلى».. بجملة تلقائية وسريعة قالتها أم محمد لتؤكد على رضا وسعى أهل المنطقة وراء رزقهم، فالكل يعمل وفقًا لقدراته وإمكانياته مهما عظمت أو صغرت بداية من الحرف اليدوية البسيطة وحتى تقديم وعمل الشاى البدوى المميز أو عمل الحلوى البيتى وبيعها، حتى تأجير المراكب والصيد وعمل الأكل البيتى وبيعه لزائرى المنطقة.