الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هجوم اليائسين الواهمين على مصر.. حملة علاقات عامة موجهة وممولة ضد القاهرة دفاعا عن مرتزقة كيان غير شرعي.. وزارة الخارجية: لا حصانة لأحد لطبيعة عمله.. والدولة تحترم سيادة القانون والمساواة أمامه

إيرينا تسوكرمان ومحمود
إيرينا تسوكرمان ومحمود بسيوني

  • مراقبون:
  • تعليمات صدرت للتربص بمصر من خلال جمعيات مرتبطة بمشروع الجماعة الإرهابية ورعاتها وسفاراتهم
  • الخارجية: نرفض أي محاولة للتأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة
  • محامية حقوقية أمريكية: المنظمات تلعب دورًا سياسيًا غير مرحب به للتأثير على توجهات الدول ذات السيادة 
  • القبض تم بسبب نشاط سياسي خبيث لا علاقة له بالعمل الحقوقي وحرية التعبير المشروعة
  • محمود بسيوني: لقاء السفراء مع أعضاء المبادرة غير حقوقي والمنظمة ذراع خارجية للضغط السياسي على مصر


حالة من الدهشة أصابت العديد من متابعي الميديا الدولية، في أعقاب الهجمة الشرسة التي تعرضت لها مصر من وسائل الإعلام العالمية وكيانات دولية، بعد القبض على أعضاء من العاملين في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بالقاهرة، فسرعة رد  فعل  الدول الغربية، والاتحاد  الأوربي وبعض أعضاء الكونجرس أثارت استغراب الكثيرين.

وكمصريين لم نعد نحتمل سماع توجيهات من مسئولين دول أخرى عن الشأن الداخلي المصري وخصوصا ملف حقوق الإنسان، فنحن من دفعنا ثمن استغلال هذا الملف، وانتهى هذا العهد البائد ومصر لا يمكن لي ذراعها، وتخطت هذه المرحلة ولن تقبل مساومات، فهناك دول منفردة أظهرت تصريحات ضد مصر، بل إن بعض السفراء الأجانب في القاهرة قاموا بالتعليق أيضا، والسؤال الآن: "من أين جاءت هذه السرعة في رد الفعل والتي لم نرها في تعامل الاتحاد الأوروبي مع القرصنة التركية في البحر المتوسط مثلا أو التدخل بالمرتزقة في ليبيا أو سوريا أو الهجوم بالأسلحة على شعب التيجراي في إثيوبيا؟".

النهج التدخلي ورد الفعل المتعالي كان منسقا ومتزامنا بين عواصم كثيرة وجوقة حقوقية وإعلامية دولية. وفد السفراء والدبلوماسيين الأجانب الذين زاروا مجتمعين أيضا مقر ما يسمى بــ "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، كان يهدف لاستفزاز السلطات المصرية ولذا عدوا توقيف 3 من مديريها صفعة.

هجوم البيانات المتزامن من الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وألمانيا والسويد وآخرين كان متوقعا بعد أن صدرت التعليمات للتنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية وأذرعها الإعلامية والحقوقية الحليفة دوليا، لشن هجوم على مصر ومحاولة النيل واستهداف نظامها القضائي والتعرض لسيادتها، عقب نجاح الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن.  

ويعلم القاصي والداني أن هناك تعليمات صدرت من التنظيم الدولي للإخوان الارهابيين من الأجهزة الاستخباراتية الراعية له، بعد إعلان فوز بايدن، ببدء التسخين الإعلامي ضد مصر وبقوة أملا في استدعاء مواقف متشددة من الإدارة الأمريكية ضد القاهرة.

أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأيرلندا والسويد والأمم المتحدة، سياسيون أمريكيون وأوروبيون كبار، وأكثر من 50  منظمة دولية لحقوق الإنسان، أصدروا بيانات متزامنة تهاجم مصر. يعد هذا غير طبيعي والرد عليه يجب أن يكون كذلك، لأن اللوبي القطري-الخرفاني يعمل ليلا و نهارا لكسب ثقة وعطف إدارة بايدن.. وعلى مصر أن تنافس هذا اللوبي. ووصل الإفلاس بإيطاليا والخضوع لــ قطر بإحياء قصة ريجيني مرة أخرى والمبالغة في بعض الأمور. 


رد النيابة العامة القوي
وأصدرت النيابة العامة، بيانا مشتركا بالتعاون مع النيابة الإيطالية، قالت فيه إنه في إطارِ التعاوُنِ القضائيِّ المتبادَلِ والمُستَمِرِّ بيْنَ «النِّيابَةِ العَامَّةِ المِصْرِيَّةِ» و«نِيَابَةِ الجُمْهُوريَّةِ بِرُومَا» على مدَارِ السَّنَواتِ الماضِيَةِ وحتَّى الآنَ، وبعْدَ عقْدِ العَدِيدِ مِنْ الِاجْتِمَاعاتِ بيْنَ الطَّرَفيْنِ، وآخِرُهَا اجتماعُ فَرِيقَيِ التَّحقِيقِ بالنِّيَابَتَيْنِ يوْمَيِ الثَّامِنِ والعشْرِينَ منْ شَهْرِ أُكْتُوبَرَ المَاضِي بالقاهِرَةِ، والخَامِسِ مِن شَهْر نُوفِمْبِرَ الجَارِي بِرُومَا، حيثُ قَدَّمَ كلُّ فريقٍ لِلآخَرِ كافَّةِ مَا لدَيْهِ منْ مَعلُومَاتٍ وَمَا أسْفَرَتْ عنه التَّحقيقَاتِ بالواقِعَةِ، وبعدَ أنْ تبادَلَ الفريقَانِ الآرَاءَ بِرئاسَةِ كُلٍّ منَ «النائبِ العامِّ المِصريِّ»، و«النائِبِ العامِّ الجُمهورِيِّ بِرُومَا»؛ توصَّلَا إلى النتائِجِ الآتيَةِ: أولًا: تُعلِنُ «نِيَابَةُ الجُمْهُوريَّةِ بِرُومَا» عنْ نِيّتِهَا إِنهاءَ التَّحقيقَاتِ في الواقِعَةِ بالِاشْتِبَاهِ فِي خمْسَةِ أفْرَادٍ مُنتمِيَةٍ لأَجْهِزَةٍ أمنِيَّةٍ بتَصرُّفَاتٍ فَرْدِيَّةٍ مِنْهُم، دونَ صِلَةٍ بأيَّةِ جِهَاتٍ أو مُؤسَّسَاتٍ حُكُومِيَّةٍ مِصْريَّةٍ، وعَرْضَهَا هذَا الاشتِبَاهَ وَفْقَ الإجرَاءَاتِ القَضَائيَّةِ الإِيطاليَّةِ علَى قَاضِي التَّحقيقَاتِ الأَوَّلِيَّةِ في رُومَا لِتقيِيمِهِ واتِّخَاذِ الإجرَاءَاتِ القضائِيَّةِ بِشَأنِهِ.

وتابع البيان الصادر أمس، الاثنين، أنَّ «النِّيابَةَ العَامَّةَ المِصْرِيَّةَ» رَغْمَ إِحاطَتِهَا وتَقْديرِهَا الإجرَاءَاتِ القانونيَّةَ الإيطاليَّةَ، إلَّا أنَّها تَتحفَّظُ تمامًا على هَذَا الاشتبَاهِ ولا تُؤيِّدُهُ؛ إذ تَرَى أنَّه مَبنيٌّ على غيْرِ أدلَّةٍ ثابتَةٍ، وتُؤكِّدُ تَفهُّمَهَا للقرارَاتِ المستقِلَّةِ التي سوْفَ تتخذُهَا «نِيَابَةُ الجُمْهُوريَّةِ بِرُومَا».ثانيًا: تُعْلِنُ «النِّيابَةُ العَامَّةُ المِصْرِيَّةُ» أنَّها توصَّلَتْ إلى أدَلَةٍ ثَابِتَةٍ على ارْتِكابِ أفْرَادِ تَشكيلٍ عِصَابِيٍّ واقِعَةَ سَرِقَةِ مُتعَلِّقَاتِ الطَّالِبِ المَجْنِيِّ عليه بالإكْرَاهِ، حيْثُ عُثِرَ على تِلْكَ المتعَلِّقَاتِ بِمَسْكَنِ أحَدِ أفْرَادِ التَّشْكِيلِ، وأيَّدَتْ شَهَادَاتُ بعضِ الشُّهودِ ذَلِكَ، كما ثَبَت منَ التحقيقاتِ ارتِكَابُ التَّشكِيلِ جرَائِمَ مُمَاثِلَةً كانَ مِنْ بَيْنِ المَجْنِيِّ عليهم فيها أجانِبُ؛ مِنْهُم «إيطاليُّ الجِنسيَّةِ» خِلَافُ الطَّالِبِ المَجْنِيِّ علَيْهِ، وأَنَّهُمُ اسْتَعْمَلُوا في ارتكابِ جرائِمِهم وَثَائِقَ مُزورَةً تنْسُبُهُم –على غَيْرِ الحقِيقَةِ- إلى جِهَةٍ أمنِيَّةٍ مِصريَّةٍ، وسَوْفَ تتصرَّفُ «النِّيابَةُ العَامَّةُ المِصْرِيَّةُ» في تِلْكَ الواقِعَةِ على هَذَا النَّحْوِ.
 
ثالثًا: أكدت «النِّيابَةُ العَامَّةُ المِصْرِيَّةُ» أنَّ مُرتَكِبَ واقِعَةِ قتْلِ الطالِبِ المَجْنِيِّ علَيْهِ لا يَزَالُ مَجْهُولًا، وأَنَّها سَتَتصرَّفُ في مَلَفِ تحْقِيقَاتِ الواقِعَةِ بغَلْقِهِ مُؤَقَّتًا، معَ تكْلِيفِ جِهَاتِ البَحْثِ والتَّحرِّي بِمُوالَاةِ اتِّخَاذِ كافَّةِ الإجْرَاءَاتِ اللَّازمَةِ للوُصُولِ إلى مُرتَكِبِ الجَريمَةِ، وتتفَهَّمُ «نِيَابَةُ الجُمْهُوريَّةِ بِرُومَا» قرارَ «النِّيابَةِ العَامَّةِ المِصْرِيَّةِ».
 
وأخيرًا، فقَدْ أبْدَى الطَّرفَانِ الْتِزَامَهُمَا باسْتِمرَارِ التَّعاوُنِ القَضَائيِّ بيْنَهُما وتقديمِ كُلِّ ما يَتِمُّ التَّوصُّلُ إليْهِ منْ معلوماتٍ حوْلَ الواقِعَةِ لِلكَشْفِ عنِ الحقِيقَةِ، وتُؤكِّدُ النِّيابَتَانِ أنَّ التعاوُنَ القَضَائِيَّ بيْنَهُما كانَ وسَيَظَلُّ عَلَى أعْلَى المُسْتويَاتِ في كافَّةِ المَجَالاتِ القَضَائِيَّةِ.


العين الحمراء
ويرى مراقبون أن على هؤلاء اليائسين الواهمين أن يعرفوا أن تصريحات المرشحين في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مصممة لتحمل قدرا كبيرا من الهواء الساخن بداخلها نكاية في ترمب أولا، ومزايدة عليه في لعبة حقوق الإنسان المفضلة لدى الديمقراطين ثانيا.

وأكد هؤلاء أنه على يتامى أوباما أن يتذكروا أنه حين أسقط الشعب المصري في 2013 دولة المرشد الخائنة، لم تستطع الإدارة الأمريكية الديمقراطية الحامية للمشروع الإخواني وقتها وهي في عز قوتها ومصر في مستوى تاريخي من ضعفها أن تفعل لهم شيئا، كما لن تفعل لهم الآن الكثير ومصر في أقوى حالاتها.

وطالبوا وزارة الخارجية برد يليق بتصريح مفوضة الحكومة الألمانية لحقوق الإنسان بيربل كوفلر بشأن مصر فالردود المعتادة ذات الصياغات الشكلية التي تتحدث عن إدانة التدخل في السيادة و عمل القضاء لم تعد تكفي، وحان وقت إظهار "العين الحمراء" لهؤلاء، واستدعاء سفراء الدول التي أصدرت ييانات ضد مصر تعاطفا مع هؤلاء المرتزقة.

وقالوا إنه على أطفال أنابيب السفارات من هؤلاء المرتزقة أن يفهموا أن عربدتهم التي مارسوها في السابق من داخل مصر ضد مصر لن يسمح بها ثانية، وليفهم أسيادهم ومموليهم في المنطقة والغرب أيضا، أن بإمكانهم النباح ما وسعتهم أكاذيبهم، فلن تخضع القاهرة لابتزازهم المنافق الرخيص.

وتابعوا أن المشكلة الآن أن هناك تعليمات واضحة صدرت للتربص بمصر من جديد بملفات منها جمعيات المرتزقة المرتبطة بمشروع الجماعة الإرهابية ورعاتها وبسفاراتهم، بعد أن استهلكتهم أحداث وباء كورونا المستجد والاحتجاجات في دولهم والعمليات الإرهابية، ما جعلهم مضطرين لكف شرهم قليلا عن مصر.

وأكدوا أن لدى مصر الآن فرصة ذهبية لاستدعاء سفراء دول البيانات ومواجهتهم بنفاقهم لأنهم يتخذون مؤخرا إجراءات قوية ضد المتأسلمين والاخوان في بلادهم ويحتجون على حق مصر بالدفاع عن أمنها القومي.


 شركة اللوبي
فيما رجح خبراء أن هذه الحملة تشنها شركة علاقات عامة من شركات "اللوبيات" وتتم بشكل منظم وسريع ودفعت فيها مبالغ طائلة، بما خلق حالة من "الشو" الإعلامي الموجه، إلا أنهم أكدوا أن ذلك سيضر أكثر بمن يجري التحقيق معهم، لأن القضاء المصري يعمل وفق ضوابط ولن يتأثر بمثل هذه الحملة الموجهة.

وقال خبراء إن الحملة الشعواء شهدت تغريدات لعدد كبير من الساسة الأمريكيين نتيجة ما دفع فيها من مبالغ طائلة، والكل يعرف من يدفع مصدر هذه الأموال التي تخرج من "الدوحة" من دويلة "قطر". حيث من المعروف أن هذه الشركات تقدم خدمات للساسة مقابل خدمات أخرى يحصلون عليها.

وأكد الخبراء أن هذه الحملات لن تغير موقف القضاء المصري تجاه المقبوض عليهم ولن تؤدي للإفراج عنهم أو إيقاف التحقيقات. وهذا يعني أن من دشن الحملة لم يفكر بمصلحة المتهمين على الإطلاق ولكن كان همه الإساءة إلى سمعة مصر في مجال حقوق الإنسان عالميا.


رد قوي
وحسنا فعلت وزارة الخارجية، ففي رد عاجل عقبت وزارة الخارجية في القاهرة، على البيان الصحفي الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية بشأن واقعة القبض على المدير الإداري للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وأكد السفير أحمد حافظ، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، رفض ما تضمنه البيان الفرنسي من تدخل في شأن داخلي مصري ومحاولة التأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع مواطن مصري تم توجيه اتهام له اتصالا بأحد القضايا المنظورة أمام القضاء المصري، وهو المبدأ الذي تلتزم به مصر من حيث الامتناع عن التدخل في أو التعليق على الإجراءات التي تتخذها سلطات إنفاذ القانون في الدول الأخرى بما فيها فرنسا.


كيان غير شرعي 
وأعرب حافظ عن الأسف لعدم احترام البيان الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية للقوانين المصرية، ودفاعه عن كيان يعمل بشكل غير شرعي في مجال العمل الأهلي، في ضوء أن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مسجلة كشركة وتمارس أنشطة أخرى بالمخالفة لما يقضي به القانون رقم ١٤٩ لسنة ۲۰۱۹ من خضوع نشاطها لولايته.

كما شدد على أن الدولة المصرية تحترم مبدأي سيادة القانون والمساواة أمامه، وأن العمل في أي من المجالات يجب أن يكون على النحو الذي تنظمه القوانين المطبقة ويتم محاسبة من يخالفها، وأكد على عدم تمتع أي فئة من الأشخاص بحصانة لعملها في مجال محدد. كما نوه حافظ إلى ضرورة احترام مبدأي السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية اللذين نص عليهما القانون الدولي الذي يحكم العلاقات بين الدول.

وحذرت وزارة الخارجية من الانسياق وراء ردود الأفعال والاستنتاجات المغلوطة التي تتناقلها وسائل الإعلام الدولية حول القبض على عدد من العاملين بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

وقال بيان آخر للوزارة إنه واتصالا بما يتم تناقله من ردود أفعال واستنتاجات مغلوطة على وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي حول القبض على عدد من العاملين بالمُبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والتي تستبق نتائج التحقيقات التي تُجريها السلطات القضائية المصرية في هذا الشأن، فقد أكد السفير أحمد حافظ المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية، برفض أي محاولة للتأثير على التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع مواطنين مصريين تم توجيه اتهامات إليهم.

وأكد "حافظ" أن الدولة المصرية تحترم مبدأي سيادة القانون والمساواة أمامه، وأن حرية العمل الأهلي مكفولة في مصر بموجب الدستور والقوانين المصرية، وأن العمل في أي من المجالات يجب أن يكون على النحو الذي تُنظمه القوانين المطبقة ذات الصلة ومُحاسبة من يخالفها، كما أكد على عدم تمتع أي فئة من الأشخاص بحصانة لعملها في مجال مُحدد.


قضاء مصر خط أحمر
من جانبه، أكد محمود بسيوني، الباحث في شئون منظمات حقوق الإنسان، أن هناك حملة ممنهجة تقوم بها بعض المنظمات الدولية المرتبطة بسياسات دول تحاول التدخل في شئون مصر، وهو ما ظهر في الاجتماع الذي عقده عدد من السفراء في مصر مع مسئولي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهو في الأساس عمل غير حقوقي، لأن الأساس أن يدور الحوار بين منظمات حقوق الإنسان والدولة وليس منظمات حقوق الإنسان والسفارات الأجنبية.

وقال بسيوني، في تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، إن المنوط به تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر هي الدولة المصرية ومؤسساتها وليس أي طرف آخر، مستهجنا اللقاء الذي تم ويضع علامات استفهام كثيرة على نشاط مثل هذه المنظمات، التي هي في الأساس ليست كيانات شرعية ولكنها أسست نفسها باعتبارها شركات غير هادفة للربح مستغلة ثغرة في قانون الشركات، ومضيفا أن العمل الحقوقي ليس مجاله الاستثمار أو القوانين التجارية، وأساسه هو قانون الجمعيات الأهلية، ومصر لديها قانون متقدم جدا في هذا المجال وهناك ترحيب شديد وإشادة بالعمل الحقوقي، وترحيب التعامل مع الجهات الأجنبية وتلقي تمويلات بشرط خضوعها لقوانين وسيادة ورقابة الدولة، ولن تقبل دولة في العالم أن يتم تجاوز قوانينها وسيادتها.


خطيئة فرنسية
وأشاد الباحث في شئون الجمعيات الحقوقية، بــ حنكة وفن تعامل الخارجية المصرية مع بيان الخارجية الفرنسية الذي جانبه الصواب، ويعتبر خطيئة سياسية، خاصة أن القضية لا تزال منظورة أمام القضاء، الذي يعد صاحب اليد العليا وخط أحمر، ولن يقبل أحد تدخل في أعمال القضاء المصري.

وأوضح أن القضية ليست حقوقية وإنما قانونية لأنها تتعلق بكيان غير شرعي يهدد الأمن القومي المصري، خاصة وأن المبادرة تنشر موضوعات مسيسة وموجهة، تفسد النسيج الوطني المصري بالتركيز على الأقليات وتستخدم معلومات مغلوطة غير حقيقية، ثم إنها تعمل ضد ثوابت وقيم المجتمع المصري بتركيزها على قضايا الشذوذ الجنسي وحقوق الشواذ، وهي أشياء لن تقبلها مصر على الإطلاق وهناك تحفظ كبير على الكثير من المعاهدات الدولية، لأنها لا تتفق مع الشريعة الإسلامية وهذا حق تكفله القوانين الدولية، ويتم الدفاع عن المتطلبات الدينية كحق من حقوق الشعب المصري قبل أن تكون تنفيذا لإرادة الدولة، لأن الأساس في العمل الأهلي الحفاظ على حقوق الشعب ودعمها، وهو عكس ما تقوم به هذه المنظمة المشبوهة.

ولفت بسيوني إلى أن "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" لديها أجندات تتعلق بأمور لا تتناسب مع طبيعة الشعب المصري ولا قيمه ولا شرائعه الدينية، مؤكدا أنه في كثير من الأحيان تورط مسؤولين في المنظمة في إصدار تقارير مغلوطة وهو ما يثبت أن لديهم أجندات، وربما الدليل على ذلك القبض على رئيس المبادرة السابق حسام بهجت، فيما يتعلق بهجومه المستمر على مؤسسات الدولة، وهو كان هجوما ممنهجا لفرض ضغوط على مؤسسات الدولة المصرية، وهو ما يخرج المنظمة من إطار العمل الحقوقي لإطار أداة للضغط السياسي على مصر.


ممولة من قطر    
وشدد بسيوني على أن هذه المنظمة لديها ارتباطات بمنظمات قطرية مشبوهة، ومنها "مؤسسة الكرامة" القطرية التي ترأسها عبد الرحمن النعيمي، الموضوع على قوائم الإرهاب الأمريكية، وكان مكتب الكرامة القطرية موجود داخل مقر المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وكانت المسؤولة عن المكتب في ذلك التوقيت سلمي أشرف عبد الغفار ابنة القيادي الإخواني أشرف عبد الغفار، والهاربة الآن في تركيا، وعملت باسم الكرامة القطرية وربطتها علاقة بحسام بهجت، واستغلوا هذه العلاقة في ذلك التوقيت لمحاولة النيل من الدولة المصرية أثناء اعتصام رابعة المسلح، لمحاولة التشكيك في عملية الفض وتشويه ما قامت به الدولة لحماية أمنها الداخلي ومحاولة إثارة المجتمع الدولي ضد مصر، وهنا يظهر أن هذه المنظمة ذراع خارجي للضغط السياسي على مصر، وهو ما يخرج بها من صفة النشاط الحقوقي إلى كيان لــ تهديد الأمن القومي المصري.

وأكد الخبير الحقوقي أن هناك رهانات من قطر والتنظيم الدولي للإخوان على الرئيس الأمريكي بايدن لاستعادة سياسات أوباما، الداعمة للإخوان، مشددا على أن الصواب جانبهم هذه المرة لأن مصر الآن ليست مصر التي كانت موجودة في 2011، فمصر الآن دولة قوية مؤثرة في محيطها ولديها الكثير من أدوات التعامل السياسي ولن تقبل بأي حال من الأحوال التدخل في شؤونها الداخلية وستحمي أمنها ونسيجها الوطني من أي اعتداء تقوم به هذه المنظمات المشبوهة، واصفا الأمر كله باللعبة التي لن تفلح مرة أخرى في مصر، بعد أن استقرت جميع مؤسساتها وأصبح لديها شراكات مع الكثير من الدول ومنها الولايات المتحدة نفسها، موضحا أن الدرس المطلوب من الجميع استيعابه أن الإصلاحات الديمقراطية تأتي من الداخل وليس وفق الإملاءات والأجندات الخارجية خاصة وأن هناك تقدم كبير في مجال حقوق الإنسان في مصر.


بيوتهم من زجاج
ولا شك أن الغرب ينظر علينا في مسائل حقوق الإنسان ويرفضون بشدة المساس بسيادة دولهم أو انتقاد سياسات الحكومة، يذكر أن فرنسا وفي يوليو 2019، أصدرت عبر قصر الإليزية بيانا شديد اللهجة ضد إيطاليا ترفض فيه تدخل روما في الشئون الداخلية الفرنسية، واستدعت سفيرها، والسبب أن مسئول إيطالي "دي مايو"، وزير الخارجية والتعاون الدولي وقتها، التقى بعدد من نشطاء السترات الصفراء الفرنسية، وفرنسا ماكرون وقتها اعتبرت هذا اللقاء تدخلا سافرا في شئونها الداخلية.

كما اعتقلت الشرطة الألمانية خلال جائحة كورونا الطبيب إندرياس نوك، بسبب قيامه ببث فيديو على قناة يوتيوب كان يقدم خلاله نصائح طبية للمعترضين على قرارات الإغلاق في ألمانيا.

وفي بريطانيا أظهر استطلاع رأي بين الطلاب أن 25% من الدارسين يمارسون الرقابة الذاتية على آرائهم خوفا من إلغاء السنة الدراسية لهم وفق السياسات السائدة بالجامعات، كما أظهر الاستطلاع أن 40% من العاملين بالجهاز الإداري البريطاني يقومون بالشئ ذاته خشية فقدان وظائفهم إذا عبروا عن آرائهم بـ حرية.


شاهد من أهلها
من جانبها، قالت المحامية الحقوقية الأمريكية إيرينا تسوكرمان، في تصريحات خاصة، إن القبض على أعضاء من العاملين في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" جاء في سياق القوانين المصرية القائمة، وليس قرارا تعسفيًا ولا يهدف إلى تقويض حرية التعبير والصحافة والانتقاد.

وأوضحت تسوكرمان أن المشهد الإعلامي المصري متنوع وحتى المنافذ المؤيدة للإخوان تعمل بحرية، وعندما يتم القبض على أفراد وفق القوانين المصرية، فإن هذا لا يرجع إلى الحجر على آرائهم، بل بسبب نشاط سياسي خبيث لا علاقة له بالعمليات الصحفية وحرية التعبير المشروعة.

وتابعت أنه ومرة أخرى، تحاول منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، ووسائل الإعلام الغربية ممارسة الضغوط على مصر بشأن قضية لا علاقة لها بالمخاوف المشروعة المتعلقة بحقوق الإنسان، مضيفة أنه وفي الآونة الأخيرة، أصدرت مصر قانونًا يحد من تولي أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية وظائف في الجهاز الإداري للدولة المصرية ويهدف هذا القانون إلى مكافحة استمرار الفكر المتطرف في المؤسسات المختلفة.

وشددت تسوكرمان على أن أيديولوجية جماعة الإخوان المسلمين مبنية على العنف بطبيعتها، وفقًا لكتابات قطب نفسه، الذي يعتبره الطريق الشرعي لأتباع الإخوان المسلمين لتحقيق أهدافهم، ويأتي النشاط السياسي السلمي كغطاء لمثل هذا النشاط الذي يتم استغلاله لتسهيل الأجندة الإخوانية.

وأضافت: "رأينا خلال الربيع العربي كيف أوصل"النشاط السياسي السلمي" الإخوان المسلمين ومرسي إلى السلطة ثم أسفر عن أعمال عنف جماعية طالت الجميع بعد أن كانت في ظاهرها مشروعة".

وذكرت المحامية الحقوقية الأمريكية أن الإعلام يتعمد وصف الأفراد العنيفين الفاسدين باعتبارهم معارضين سلميين، وفي الواقع، في أي دولة غربية، سيكون أي شخص يتلقى تمويلًا أجنبيًا دون تسجيل، أو يخطط لأي نوع من النشاط التحريضي أو العنف، عرضة للتحقيقات والتهم الجنائية من قبل الدولة.

ولفتت إلى أن المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان، تتعمد تحريف توصيف أفراد معينين يشاركون في شكل معين من النشاط السياسي الخبيث، وبالتالي تلعب هذه المنظمات دورًا سياسيًا غير مرحب به في محاولة التأثير على توجهات الدول ذات السيادة التي لا تشكل جزءًا من مهمتها، والمفترض أنها الحفاظ على حقوق الإنسان، مضيفة:" ولكن ما يحدث هو العكس فمن خلال تشجيع هؤلاء الأفراد وتبييض جرائمهم، فإنهم يقفون في الواقع في طريق الدفاع عن حقوق الإنسان للأقليات وأي شخص ينتقد هذه الأيديولوجيات الإرهابية.

واختتمت المحامية الحقوقية الأمريكية حديثها قائلة: "عندما كان هؤلاء "المنشقون" في السلطة كانوا فاسدين، وحتمًا إذا عادوا للسلطة فسيعودون لاضطهاد المنتقدين والمعارضين، وهي نفس القضية التي من المفترض أن تحارب من أجلها المنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان".