الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ياسر عبيدو يكتب: جزَّ صوف الكباش.. خير من سلخ جلود الحملان

صدى البلد

الدول في ضيق مالي، وعندما تحتاج الى المال لا تلجأ الى الحلول المبتكرة بل تتجه فورا الى قروش الموظف الغلبان لتقضم منها قضمة تلو اخرى ولأن التاريخ ثرى بأحداثه وتتشابه مواقفه وظروفه لكن تتغير فقط التواريخ والزمن والعصر,لكن نتائج هذه الأحداث تظل صادقة الى حد بعيد ويمكن ضبط بعض تفاصيلها لتناسب تغير الزمن والأذواق لكن مع الاحتفاظ بالفكرة خاصة أن الاوطان العربية التى تعرضت للاحتلال لفترات طويلة وتسلطت علي شعوبنا قوى وثقافات استعمارية تؤثر نهب خيرات الشعوب وتحتكر مقدراتها ومواردها .

الى أن تولى زمام أمور البلاد بالانتخاب قيادات تفكر فى ازكاء القومية وبروز مطلب عودة خير البلاد الى شعوبها لذا رأينا الضرائب تؤخذ من الاغنياء والقادرين كل على قدره حسب دخله ورأى المواطن المشاريع العملاقة تنبت فى ربوع الوطن واستصلاح الاراضى يحيلها الى اللون الأخضر وهناك من آثر انشاء المصانع العملاقة كثيفة العمالة مثلما فعل الزعيم جمال عبد الناصر مع صناعة الحديد والصلب وصناعة النسيج فى مصر وسوريا وحديثا التصنيع الغذائى وتعليب وتغليف الخضراوات  وصناعات البترول ومشتقاته التى تدخل فى مئات الصناعات وتعظيم عوائد المناجم التى تستخرج كنوزا من باطن الأرض كانت تنهب وتسرق بل وتصدر كمواد خام أولية بقروش قليلة وكنا نعود لاستيرادها بأموال باهظة تستنزف الموارد وتجور على حقوق الاجيال القادمة التى يجب ان يظل لها بعض خيرات الارض وباطنها.

ثم برز التبارى فى تعلية البناء وثقافة ناطحات السحاب وشق الطرق وحفر الانفاق فى الجبال وباطن الارض بأعماق وقدرات لم نكن نحلم بتذليلها فبدأت مصر مثلا تفكر فى شق قناة الكونغو لتربط بين نهرها والنيل لجنى مليارات الامتار المكعبة من المياه وقدرات هائلة لآلاف الميجاوات من الكهرباء المولدة من سدود الانهار ومن طاقة الرياح وحرارة باطن الارض بل واقتحمنا مجال تحلية مياة البحر رغم أنها مكلفة تصل تكلفتها ل150 مليار جنيه وقد تصل ل200 مليار جنيه، بل ليشير خبراء هذه المجالات إلى ضرورة النظر للحلول طويلة المدى وهي ربط نهر الكونغو بمياة النيل، وأصبح مشروعه مجهز بكافة الخرائط والرسومات وشرح وصفى واقتصادى للمشروع باعتباره مشروعا قومىا ولكن قوى معادية لا تحب الخير لشعوبنا ولا لشعب الكونغو بدأوا عرقتله.

كما أشار المهندس إبراهيم الفيومى، رئيس فريق عمل مشروع تنمية إفريقيا، وربط نهر الكونغو بنهر النيل، الى إن ترشيد استهلاك المياه يتم من خلال أليات تحددها الدولة، بأسلوب إدارة الأزمات العسكرية، بداية من ترشيد الاستهلاك والاستخدمات اليومية للمياه، بجانب ترشيد استهلاك المياه في الزراعة باعتبارها النسبة الأكبر بحوالى 80% من أجمالى استهلاك مصر من المياة،إلى أنهم بجانب دراسة نهر الكونغو قدموا دراسة أخرى عن جنوب السودان، والاستفادة من أمطارها الغزيرة التي تسببت في غرقها وهى أمطار موسمية ومواعيدها معروفة، من خلال عمل مجرى وممر لدخولها لنهر النيل من خلال دراسة بحثية أرسلت لوزارة الرى، تساهم في إدخال 30 مليار متر معكب من المياه سنويًا لمصر.

وعن أهمية مشروع نهر الكونغو قال المستشار القانوني عصام الديب، إنه تم تعطيل مشروع نهر الكونغو ونشر معلومات مغلوطة عنه، وبناء عليه قامو برفع دعوى قضائية في مجلس الدولة ضد وزير الرى السابق حسام مغازى، لنشر معلومات خاطئة عن مشروع نهر الكونغو رغم ما لديه من مستندات ووثائق تفيد صحة كلامه بداية من مسار الكونغو والممرات المائية الخاصة به، بجانب الدراسة الاقتصادية لنهر الكونغو، باعتباره نهرا محلىا في دولة الكونغو يمر في منتصف خط الاستواء تسقط عليه أمطار 10 شهور في السنة، يضخ في المحيط الأطلسى حوالى 42 ألف متر مكعب مياه في الثانية الواحدة، مياهه مهدرة، تعانى الكونغو من كثافة المياة، ومع نقطة التماس بين نهر الكونغو ونهر النيل، يمكننا عمل ضخ لمياة نهر الكونغو الزائدة بأمطارها لفرع نهر النيل المتواجد بالكونغو وتسير في اتجاهها الصحيح لمصر.


وحتى يحدث تعظيم الناتج القومى من خراج الارض وركازها وإن اردنا فعلا كسب ثقة الشعب يمكن استقدام فكرة من التاريخ نفعت وأتت بثمارها دون أن تمس الموظفين والمدرسين وبساط العمال والفلاحين وأمثالهم من فئات الشعب التى جرفت مواردها وأنهكها تقزيم قيمة الجنيه والتعويم الذى رفع أناسا قليلين وتكفل سواد الشعب بسد باقى العجز وهو لا يملك زاد من أثرها تأثير وتبعات فيروس الكورونا الذى ضرب اقتصادات العالم فى قلبه النابض .

- وهناك قصة رواها الرحالة الفرنسي ڤولني عن والي دمشق أسعد باشا العظم خلال رحلاته بين دمشق وبيروت
يقال أنه كان في يوم ما بحاجة إلى المال للنقص الحاد في مدخرات خزينة الولاية،كحال بلادنا اليوم فاقترح عليه حاشيته أن يفرض (ضريبة) على المسيحيين.. وعلى صناع النسيج في دمشق.. فسألهم أسعد باشا: وكم تتوقعون أن تجلب لنا هذه الضريبة؟

قالوا :من خمسين إلى ستين كيسا من الذهب
فقال أسعد باشا: ولكنهم أناس محدودي الدخل.. فمن أين سيأتون بهذا القدر من المال؟
فقالوا: يبيعون جواهر وحلي نسائهم يا مولانا

فقال أسعد باشا:
وماذا تقولون لو حصلت المبلغ المطلوب بطريقة أفضل من هذه؟!

في اليوم التالي..
قام أسعد باشا بإرسال رسالة إلى المفتي لمقابلته بشكل سري وفي الليل وعندما وصل المفتي قال له أسعد باشا: نما إلى علمنا أنك ومنذ زمن طويل تسلك في بيتك سلوكا غير قويم وأنك تشرب الخمر وتخالف الشريعة، وإنني في سبيلي لابلاغ اسلامبول.. ولكنني أفضل أن أخبرك أولا حتى لا تكون لك حجة علي، المفتي  أخذ يتوسل.. ويعرض مبالغ مالية على أسعد باشا لكي يطوي الموضوع.. فعرض أولا ألف قطعة نقدية.. فرفضها أسعد باشا.. فقام المفتي بمضاعفة المبلغ.. ولكن أسعد باشا رفض مجددا.. وفي النهاية تم الاتفاق على ستة آلاف قطعة نقدية!  وبعد اخذها عزله.

وفي اليوم الثاني..
قام باستدعاء القاضي.. وأخبره بنفس الطريقة.. مضيفا أنه يقبل الرشوة.. ويستغل منصبه لمصالحه الخاصة.. وانه يخون الثقة الممنوحة له؟! وهنا صار القاضي يناشد الباشا.. ويعرض عليه المبالغ كما فعل المفتي.. فلما وصل معه إلى مبلغ مساوِ للمبلغ الذي دفعه المفتي ثمٔطلقه ففر القاضي سريعا وهو لا يصدق بالنجاة.

بعدها جاء دور المحتسب.. وآغا الينكجرية.. والنقيب.. .. وكل من له مسئوليه في ذاك الوقت .. من مسلمين ومسيحيين

بعدها قام بجمع حاشيته الذين أشاروا عليه أن يفرض ضريبة جديدة لكي يجمع خمسين كيسا وقال لهم: هل سمعتم
أن أسعد باشا قد فرض ضريبة جديدة في الشام؟ فقالوا: لا ما سمعنا

فقال: ومع ذلك فها أنا قد جمعت مائتي كيس.. بدل الخمسين التي كنت سأجمعها بطريقتكم.. فتساءلوا
جميعا بإعجاب.. كيف فعلت هذا يا مولانا؟

فأجاب : إن جزَّ صوف الكباش.. خير من سلخ جلود الحملان

 فهل سيأتي اليوم الذي يُجَزُ فيه صوف الفاسدين.. بدل سَلخِ جِلد المواطن

المرجع:

قسطنطين فرانسوا ڤولني (1757 - 1820 م) و هو فيلسوف و رحالة و مؤرخ و سياسي فرنسى.