الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. الشيماء أبو الخير تكتب: كيف تخلق من الجائحة وقودًا لتطوير ذاتك؟

صدى البلد

بلا إنذار يجد العالم نفسه فى مواجهةٍ تساوت فيها قوى وأعراق وأجناس،  ففى مواجهتها الكونية المستجدة ارتدت البشرية على نفسها تتساءل بذهول ما هذا الذى نتعامل معه؟ كائن غير مرئي سرعان ما توغل واستشرى في منازلنا وحاراتنا ومدننا، قد يستقر فى أى مكان وداخل أيٍ مكان، فبدأت الأمم تنأى عن بعضها البعض، أغلقت علي أثره مطارات وانقلبت موازين الحياة فباتت المصانع تعمل بنصف طاقاتها الإنتاجية وتبدلت معالم التواصل البشري إلى الشاشات الصغيرة فتحولت المجتمعات لعالم افتراضي كبير وتسابقت منظومات الصحة في تحقيق معدلات الحماية لطواقمها الطبية وتنافست شركات الدواء علي إنتاج العقاقير واللقاحات المختلفة وأصبحت قاعات الدروس فارغة وبين كل هذا الزخم من ناحية وبين العزل الفردي والنفسي، من ناحيةٍ أخرى نبت فى الكثير من الأشخاص حب العزلة فانطوت إثره الكثير من عاداتهم وحتى تفاعلاتهم .

العديد من الدراسات النفسية التى أجريت أكدت أن ما يتراوح بين 10 إلى 15 في المائة من الناس لن تعود حياتهم كسابق عهدها بسبب تأثير الجائحة على صحتهم النفسية.

ظهرت نتائج استطلاع أُجْرِيَ في يونيو الماضي أن أكثر من 40% من نحو 5500 أمريكي بالغ يعانون عرضا واحدا على الأقل من أعراض الاضطراب النفسي ومنها: الاكتئاب وحالات الخوف واضطراب ما بعد الصدمة وتعاطي المخدرات، وأوضحت النتائج أن هذه المعدلات تعادل 3 إلى 4 أضعاف ما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي.

وأظهرت دراسة فنلندية أن 25% من 4000 شخص تحدثوا عن زيادة عدد الكوابيس التي صاروا يرونها منذ بدء الأزمة، فيما أظهرت نتائج دراسة أخرى أن 15% من الأمريكيين قالوا إن الأحلام التي يرونها تزداد سوءًا.

ومؤخرًا ربطت نتائج دراسة حديثة بين تفشى متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) في عام 2003، وبين زيادة معدلات الانتحار بنسبة 30 في المائة بين كبار السن الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا.

وأشارت دراسة نشرت في فبراير العام الماضى إلى أن التدابير التي تتخذ للحد من انتشار الفيروسات مثل الحجر الصحي قد يكون لها آثار سلبية على الصحة النفسية، فقد تؤدي إلى الإصابة بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة أو الاكتئاب أو الأرق، وربطت دراسات أخرى بين فقدان الوظائف والضوائق المالية أثناء فترات الكساد الاقتصادي العالمي وبين تردي الصحة النفسية للشعوب.

وما بين  إعلان إصابات هنا وإغلاق وتقييد وحظر تجوال هناك يبرز تساؤل عن كيفية التغلب على تأثيرات الجائحة وسط كل هذا التأثير المعنوي والاجتماعي الخطير، ومن هذا المنطلق أضع بين أيديكم روشتة لتطوير أنفسنا كما يلى:

أولًا: الاهتمام بتغيير الروتين اليومي بشكلٍ إيجابي من حيث الاهتمام بممارسة الرياضة يوميًا، فهى الطريق الأساسي للتغلب على القلق والتوتر وتفريع طاقة الهلع من المستقبل وما سيحدث فيه. 

ثانيًا: استغلال أوقات الحظر فى إعادة اكتشاف الذات واستخراج الطاقات الكامنة وتنمية المواهب التى لم نجد الوقت الكافى لكى ننميها فى السابق  كالرسم والعزف والطهي والحياكة وغيرها من المواهب.

ثالثا: محاولة الوقوف على أوجه القصور فى العلوم واللغات المختلفة وترميمها بالعمل على التعلم من خلال الدورات عن بُعد والتواصل الفعال مع المختصين من خلال المنتديات العلمية وورش العمل عن بعد.

رابعًا: إعادة بناء العلاقات الاجتماعية وتوطيد العلاقات داخل الأسرة فى محاولة للقضاء على حالة الفراغ التى ساهمت الافتراضية فى خلقها بين أفراد الأسرة الواحدة من ناحية وبين العيش تحت براثن الخوف وغاية الأمان الزائف بعيدًا بحثًا عن مأمن من انتقال العدوى مهما قرب الآخر.

خامسًا: الاهتمام بالقراءة وتنمية المفاهيم المختلفة وتصحيح المفاهيم المغلوطة.

سادسًا: تنمية المهارات المختلفة عن طريق التعلم عن بعد كالكتابة والتأليف والتصوير. 

سابعًا: استغلال مواقع التواصل الاجتماعي بأوقات محددة وبطريقة إيجابية والبعد عن متابعة الأخبار السلبية وأخبار الموتى وإحصاء أعدادهم بشكل يومي، الأمر الذى من شأنه خلق حالة من الترقب تطغى على العقل البشري فتزيل كل مؤشرات التطلع للمستقبل بعين الأمل ولو بنسبة ضئيلة.

ثامنًا: الاهتمام بالزراعة فى أى مكان بالمنزل، ففي دراسة نشرتها مؤسسة (Green Plants for Green Buildings GPGB) المهتمة بدراسة أثر النبات على حياة الإنسان، أكدت نتائجها على أهمية النباتات والمساحات الخضراء على صحة الإنسان النفسية، هذا الإنسان الذي اعتاد العيش قديمًا في بيئات مفتوحة وكانت له علاقات مباشرة مع الطبيعة يجد نفسه الآن في غرف مغلقة لمدة قد تفوق 80% من يومه، فنظرة بسيطة لمساحة خضراء قد تخفف الضغط النفسي الذي قد يتعرّض له أثناء يومه، سواء في العمل والاحتكاك بالناس، أو في بيته ومعايشته لمشكلاته اليومية أو سماع بعض الأخبار السلبية فى ظل هذه الجائحة، ويمكن للشخص أن يقوم بزراعة بعض الأزهار أو النباتات فى شرفة المنزل أو على الأسطح ورعايتها يوميًا.