الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعرف ليه بنقول السرايا الصفراء؟.. حكاية أول مستشفى للأمراض العقلية بمصر

صدى البلد

هل سألت نفسك يومًا لماذا يطلق على السرايا الصفرا هذا الاسم؟ وما علاقتها بالمرضى النفسيين؟ لماذا هذا اللون تحديدًا؟ فمنذ القدم ارتبط على مسامعنا جملة " هنوديك السرايا الصفراء" كإشارة لمستشفى الأمراض النفسية والعقلية ولم يعرف أحد السبب، ولكن بالرجوع لتاريخ إنشاء مستشفى الأمراض العقلية بالعباسية نجد أنه أقام السلطان قلاوون مكان المستشفى لعلاج كل الأمراض بمختلف فروع الطب وبعد تدهور حال المستشفيات فى مصر وقتها، هُجرت المستشفى بشكل تدريجى.

 ولم تعد حالتها متاحة لاستقبال المرضى، وذلك فى عهد محمد على الذى نقلها إلى منطقة بولاق، بقى هناك المرضى حتى عصر الخديو إسماعيل وتدهورت أحوالهم بصورة كبيرة حتى نقلهم الخديوى إسماعيل عام 1880 إلى قصر بالعباسية على أطراف القاهرة وقتها، وكان القصر يرجع لأحد الأمراء سابقًا ويسمى بالسرايا الحمراء نظرًا للون المبنى المائل للأحمر، وفى عام 1883 التهمت النيران المبنى فى حريق ضخم وأتت عليه تمامًا إلا مبنى صغير من طابقين تم طلائه مرة أخرى فى محاولات الترميم باللون الأصفر، وكانت هذه البداية للتسمية.

وكتب الدكتور محمد كامل الخولي مدير مصلحة الصحة العقلية، في مجلة المصور عام 1955 ، مقالا يحكي فيه قصة إنشاء مستشفى المجانين التي سميت فيما بعد بالسرايا الصفراء قال فيه:

من الأقوال الشائعة قولهم خذوا الحكمة من أفواه المجانين، والواقع أن بعض الأذكياء والعباقرة قد يدخلون مستشفى المجاذيب ويقيمون بها.

ولا يمكنك أن تعدهم عقلاء ولا مجانين، فهم بين بين.. يحسنون المناقشة ولا ينسون ما يعلموه، وقد يقدرون على الكتابة والبحث والتأليف، لكنهم يستسلمون للمرض أحيانا ثم يعودون إلى الصفاء الذهني.

من هذه الطائفة رجل في التسعين من عمره مضى نصف عمره في مستشفى المجاذيب، وكان شغوفا بدراسة التاريخ، فاتجه إلى البحث في تاريخ الجنون والمجانين في مصر.

راح يطلب المعلومات والمراجع ويدرسها وهو في المستشفى حتى وضع كتابا فريدا في هذا الموضوع كتبه بيده ولم يتح له إخراجه في شكل كتاب مطبوع.

قال مؤرخ المجانين في كتابه: يبلغ عدد المجانين في مصر الآن نحو 7000 مجنون، هم نزلاء العباسية والخانكة، وهناك آلاف المجانين يعيشون طلقاء، بل إنهم أولى بأن يوضعون في المستشفى لأنهم أكثر جنونا من النزلاء.

كان المرض بعقولهم منذ 200 سنة، يربطون بالسلاسل في الجدران خشية أن يهربوا، وكان علاجهم المفضل هو وضعهم تحت الدش صيفا وشتاء بعد تجريدهم من ملابسهم، ذلك لأن الأطباء القدامى كانوا يعتقدون أن المياه ترد العقول الذاهبة.

وكان مستشفى قلاوون هو البيمارستان الوحيد في مصر، ولم يكن مخصصا لعلاج المجانين وحدهم بل كان فيها قسم لعلاج الأمراض العقلية واحد من أقسامه.

وكانت هناك عيادة خارجية يتردد عليها المجانين كل يوم ليعالجوا، وكان كل مريض يسجل اسمه في سجلات المستشفى يمنح شهرية مالية وأقمشة من وقف هذا المستشفى الخيري.

وحين جاء كلوت بك إلى مصر وأشرف على المستشفيات رأى عام 1825 أن ينتقل قسم الأمراض العقلية من قلاوون إلى العباسية، وكانت قصرا لأحد حكام الأسرة العلوية، وكان صاحبه يطلق عليه (السرايا الحمرا) فأزيل عنه الطلاء الأحمر وطلي باللون الأصفر.