الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

رجاء إبراهيم تكتب: رجاء شخصي (6)

صدى البلد

 رحل محمد الصغير ..الرجل الأسمر البشرة وصغير الحجم وصاحب الابتسامة الهادئة وذو الست والسبعون عاما .رحل محمد عبد المنعم أو محمد جونيور أو محمد ترانزستور وكل هذه بعض ألقابه ولكن الأشهر هو ( محمد الصغير ) صاحب مؤسسة وأكاديمية مهمتها الأساسية تصدير الجمال إلى كل روادها من النساء والرجال.

صنع الصغير أسطورته ورحل ، وتتجلي هذه الاسطورة التي تلخص عبقرية شاب مصري حتي النخاع في حلمه منذ الصغر بأن يحول مهنة (حلاق السيدات ) التي عشقها الي قارب للعبور إلى دنيا الجمال والأناقة والشهرة والنجاح ، ركب زورق المهنة ولديه حلما صغيرا ان يصبح (أسطي) في محل خاله وأستاذه في المهنة بمحل نورماندي بمنطقة مصر الجديدة في الستينيات، واستطاع بالصبر والإصرار والدأب الشديد أن يتحول إلى أيقونة عالمية في مهنة تصفيف الشعر،  تتجه اليه نجمات السينما والمشاهير ليضع لمساته علي شعورهن وتكتمل بهذه اللمسات خطواتهن نحو الأضواء والشهرة . 

محمد الصغير الذي نعاه تلاميذه وهم كثر ( رحل المعلم والمعلم ) بضم الميم في الاولي وكسرها في الثانية لانه استطاع أن يجمع بين الاستاذية في المهنه التي تحتاج الي أنامل فنان تشبه انامل الموسيقي والرسام و هو المعلم ( بكسر الميم ) في الحياة أدار صالون الحلاقة الحريمي كما يدير حياته الشخصية منظومه متكاملة للجمال والأناقة والاتقان والاهتمام بأدق التفاصيل من الزي الذي يرتديه فريق العمل إلى الدقة في المواعيد وحتي رائحة النظافة التي تستقبل زبائنه في الصالون .رحل محمد الصغير بعدما استطاع تحقيق جل احلامه بان يصبح كوافير الطبقة الارستقراطية ، وتغلغل بحلمه في هذه الطبقة واكتسب منها أفضل ما لديها من حب لتفاصيل الحياة المتميزة بداية من نوع القهوة التي تشربها في الصباح وحتي اختيار أماكن التنزة والذهاب الي عروض الاوبرا وقاعات الفن التشكيلي وقراءة الكتب .

كان سفيرا للطبقة الصنايعية المصريين لدي زوجات الملوك والامراء وكذلك جميلات السينما وعارضات الازياء يقف خلفهن بمنتهي الأحساس بالمسؤولية وبادراك لأهمية المكان والانسان الذي يتعامل معه . قالت له الكاتبة الاستاذة سناء البيسي ( كما حكي في مذكراته أيام من عمري ) : انت تقص شعري كما أكتب ، وانا أكتب قصصي عن النساء كما تقص انت شعر النساء ، تصريح هام من كاتبة مخضرم يترجم قدرة محمد الصغير رحمه الله علي التغلغل الي عقل المرأة ووجدانها ليستطيع تصفيف شعرها .

رحم الله محمد الصغير الانسان المصري العصامي والملهم لنا جميعا بقصة حياته التي كتب في مقدمتها : لو عاد بي الزمن لأنجزت كل مافعلته في حياتي في وقت أقل حتي أجد وقتا لأفعل المزيد .ولكنه رحل وكان لديه حلم أخير بدخول مهنة تصفيف الشعر الي مناهج التعليم الفني المصري ويتولي هو الاشراف عليها وفق منهج علمي ولكن تصدي لحلمه بعض أصحاب الافق الضيق وحاربوه .  رجاء شخصي الي كل تربوي مسؤل عن التعليم الفني والصناعي في مصر بتحقيق حلم الراحل العظيم محمد الصغير وضم مهنه الحلاقة وتصفيف الشعر الي مناهج التعليم الفني مثل السباكة والخياطة لعلنا نخرج لمصر محمد الصغير ..جديد