الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف يفكر أردوغان ..هل تسلم تركيا الإخوان الهاربين في سبيل المصالحة مع مصر؟

صدى البلد

مع استمرار التصريحات الناعمة من جانب تركيا تجاه مصر، والحديث عن رغبة عارمة في عودة العلاقات بين أنقرة والقاهرة، لكن بالطبع هذه العودة تتطلب أولا إنهاء الكثير من القضايا العالقة بين البلدين، من بينها تسليم أنقرة لإعضاء جماعة الإخوان الإرهابية الفارين في تركيا.

وذكرت قناة "العربية"، في تقرير لها أن محاولات تركيا التقارب مع مصر تهدف في المقام الأول للتنسيق والتباحث حول ملفات إقليمية على رأسها الوضع في ليبيا، وترسيم الحدود في المتوسط، وهي ملفات حققت فيها السياسة المصرية تقدما واضحا بالتعاون مع الشركاء الإقليمين بعيدا عن أنقرة.

وأضافت وفقا لمصادر لديها أنه بالنسبه لملف الإخوان، فأنقرة لم تقدم ورقة تسليم قيادات الجماعة الفارين المقيمين على أراضيها، ووقف منصاتهم الإعلامية وفضائياتهم كأولوية يمكن التفاوض عليها في الوقت الحالي، بل مازالت حتى اللحظة تقدم تطمينات للجماعة بأنها لن تقوم بتسليم قادتها.

لكن المصادر أشارت إلى أن هناك مخاوف وسط جماعة الإخوان في تركيا، من قيام الحكومة بتسليمهم إلى القاهرة، خاصة بعد التقارب مع مصر.

كما أوضحت أن عدد المصريين المقيمين في تركيا يبلغ 35 ألفا، منهم ما بين 5 إلى 7 آلاف من عناصر وقيادات الإخوان والموالين لهم، وهؤلاء يتركزون في مدينة إسطنبول، وحصل نحو 3 آلاف منهم على الجنسية التركية، فيما لا يزال الباقون يعانون من التشتت وسوء الظروف المعيشية، وتصعب عودتهم إلى مصر لصدور أحكام نهائية ضدهم سواء بالمؤبد أو الإعدام في قضايا عنف وإرهاب

ونقلت عن محمد ترك أوغلو، نائب رئيس منظمة البيت التركي المصري قوله إن هناك ترحيبا بالتصريحات التركية الأخيرة تجاه مصر، فهما بلدان كبيران ومهمان إقليميا، والخلاف السياسي يجب فصله عن العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين، كما رأى أن هناك تفاهما بين الإخوان في تركيا حول التطورات الأخيرة، وتغيرات الوضع الإقليمي، وقد اتفقوا على عدم الوقوف عقبة قي طريق المصالحة التركية والقطرية المصرية.

كما قال الدكتور خيري عمر خبير الحركات السياسية والإسلامية المقيم في تركيا للعربية إن ملف الإخوان يجب النظر إليه من زاوية أخرى، فتركيا تتعامل مع الإخوان على أراضيها على أنهم معارضون، وأن تركيا قد تطلب بعد التطورات الأخيرة مع مصر من قيادات الإخوان وقف معارضتهم للقاهرة من داخل البلاد، أو تخفيف حدة الخطاب الإعلامي في منصاتهم الفضائية وعدم انتقاد مصر وقيادتها، مشيرا إلى أن الجماعة حاليا منغمسة في حل مشاكلها الداخلية ولن تندفع في تصريحات أو خطابات إعلامية ضد القاهرة.

صدر عن مسئولين أتراك كبار، خلال الأيام الماضية، تصريحات بها الكثير من التودد تجاه مصر، ما فسر على نطاق واسع على أنه إشارة إلى وجود تقارب أو محاولة إيجاد تقارب بين أنقرة والقاهرة، لدرجة أن الكثير من العناوين خرجت تتحدث عن إمكانية حدوث مصالحة.

لكن يبدو أن الأمر ليس كذلك، فمع إمعان النظر في التصريحات التركية رفيعة المستوى، سنجد أن التودد إلى مصر لا يعبر عن رغبة في إصلاح ما أفسده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأنه لا يقتصر فقط على تصريحاته العدائية، بل على دعم الإخوان الإرهابية ودعم إراهاب داعش في المنطقة ولا سيما الأراضي المصرية، في إطار رغبته في جعل مصر ولاية عثمانية، وأخيرًا تحركاته في ليبيا، التي وضعت مصر لها خطا أحمر لم يجرؤ على تجاوزه.

عودة النغمة التركية الناعمة والهدف منها

هذه التصريحات تحتاج إلى وقفة ووضعها ضمن سياقها الصحيح، ففي نوفمبر 2019 عندما أعلنت تركيا عن اتفاق ترسيم الحدود مع حكومة الوفاق الليبية، قالت تركيا تصريحات مراوغة مفادها أن الاتفاقية تمنح مصر مساحة أكبر من المياه مما تنص عليه الاتفاقات المصرية مع اليونان وقبرص، تلك التصريحات بالطبع تلقفتها الأبواق الإعلامية للإخوان الإرهابية خاصة المتواجدة في تركيا، وروجت لها في صياغة تقول إن الإدارة المصرية تهدر الفرصة الثمينة التي تمنحها إياها أنقرة، على اعتبار أن المستمع ساذج وسيصدق أن أردوغان يريد الخير لمصر وأنه سيتغافل عن المراد من وراء تصريحات كهذه.

الأمر ببساطة أن الاتفاقات البحرية بين مصر واليونان وقبرص تضر بموقف تركيا غير القانوني من الأساس، لذا قدمت تركيا هذا العرص السخي الوهمي لهدفين، أولهما أن تعمل الأبواق الإخوانية على إثارة الجدل والبلبلة، وثانيهما استمالة القاهرة وصناعة أزمة بينها وبين أثينا ونيقوسيا، لكن أيا من الأطراف الثلاثة لم يتلقف الطعم، فتركيا لا تملك أصلا تلك المياه لتمنحها إلى مصر، واتفاق أردوغان السراج غير قانوني ولا قيمته لا تتعدى الحبر المكتوب به.

وبعد توقيع الاتفاقية الوهمية، توسعت تركيا في أنشطة التنقيب عن الطاقة في مناطق تابعة لليونان وقبرص، بينما اعترضت مصر على الاتفاقية، وقالت إنها غير قانونية.

الآن ربما تكون عرفت الإجابة عن السؤال، لماذا عادت النغمة التركية الناعمة الآن، ولماذا كرر وزير الدفاع التركي خلوصي أكار تصريحات وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو بشأن رغبة تركيا توقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع مصر، كما  قال أكار إن مراعاة مصر لـ"الجرف القاري التركي" خلال قيامها بأعمال التنقيب عن الطاقة في شرق البحر المتوسط "يعتبر تطورًا مهمًا للغاية".

أهداف تركيا من التصريحات الأخيرة لا يختلف كثيرا عن أهداف ما بعد اتفاق أردوغان والسراج، وإن تزايد الحديث هنا عن حدوث مصالحة خاصة وسط جهود التصالح بين قطر - حليفة أنقرة- والرباعي العربي الجارية الآن، وهي ليست أكثر من مناورة تركية جديدة تستهدف اليونان وقبرص، ومصر من أجل خدمة أهداف ومصالح أردوغان.

وبحسب "جريك سيتي تايمز" اليونانية، ردت مصادر دبلوماسية يونانية على مزاعم وزير الخارجية التركية مولود تشاووش أوغلو بشأن وجود تقارب بين أنقرة والقاهرة بشأن ترسيم الحدود البحرية.

وقالت الصحيفة إن اليونان تتابع باهتمام تصريحات أوغلو بشأن دعوة مزعومة من مصر لتحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين. ونقلت الصحيفة عن "وسائل إعلام عربية" أن تركيا لم تتلق الرد الذي كانت تأمله.