الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صعيد شبه الصعيد !

بعد أن وصل الحال في سيناريو الأحداث لهذا البطء والملل، سألت نفسي لماذا لم يستغل المخرج والمؤلف محمد سامي تاريخ الخلاف القديم في عدة حلقات من بداية مسلسله " نسل الأغراب " بين عساف وغفران ونشاهد عساف في السجن وغفران يعيث فسادا في الأرض في غيابه بدلا من تلك البداية التي اختصرت 20 عاما طالما لا توجد أحداث "مسلية" بعد ذلك للجمهور! والذي ظل ينتظر المواجهة 22 حلقة! اقتصرت كلها على التهديد والوعيد !؟
الجمهور كان يريد أن يشاهد بعضا من تلك الأحداث "المهولة" عن التاريخ العنيف الذي سمعنا عنه ولم نشاهده حتى ولو فلاش باك ! ولكن أن تظل تلك الأحداث جامدة طوال أكثر من عشرين حلقة! للأسف المسلسل خيب ظني وظن الكثيرين، رغم أنه يملك مقومات نجاح كثيرة .
بدت الأحداث غير مقبولة ومبالغة وأن يتم اختصارها في صراع على الفوز بقلب امرأة! ذكرتني بعبلة وعنتر يدخل حروب مع القبائل بسببها! كان ممكن صناعة فيلم ساعة ونصف لتلك القصة "اللطيفة" المكررة ولكنها غير مقبولة للجمهور في مسلسل طويل مع وجود نجوم لهم جماهيرية كبيرة مثل أحمد السقا وأمير كرارة.
كنت سعيدا عندما علمت أن أسرة المسلسل ذهبت للتصوير في صعيد مصر ! وسنشاهد الأماكن الطبيعية بدلا من الديكور! خاصة وأنني أنتمي للصعيد ولدي حنين للأعمال التي تتحدث عنه.
ولكن لم أشاهد عالم الصعيد الذي أعرفه مثلما حدث في أعمال سابقة، أين أهل البلدة والأراضي ومنازل الفلاحين، لماذا كلف صناع المسلسل أنفسهم والذهاب إلى أقصى الجنوب! هل من أجل مشاهد لقاء جليلة وعساف على شط الترعة! مشهد يذكرك بلقاء الكبيرة مع منصور في فيلم الجزيرة!! وتبدو جليلة متأثرة طوال الوقت بتلك الشخصية! 
الأحداث تسير بالكاد من منزل غفران إلى منزل عساف والعكس، وأحيانا الكاميرا "تمر" خجلا على مركز الشرطة ! أو منزل الخالة! مع أساطيل سيارات تتحرك في معظم المشاهد لتكتمل المبالغة في الصورة.
الديكور والملابس بعيدة عن الحقيقة، مثلا منزل غفران كان أشبه بقصور ألف ليلة وليلة لماذا تلك المبالغة التي تفقد العمل الكثير من الموضوعية! ربما منزل شخصية عساف كان أفضل ومعبر عن حالة "الخراب" لسنوات طويلة.
أيضا شخصية جليلة ما هذه القوة ! لامرأة قلبها مكسور ومقهورة بعد سجن زوجها الأول وإجبارها على الزواج من أخر ! تظهر في كامل وأناقتها دائما حتى وهي مستيقظة من النوم ! ومشاهد غير مبررة مثلما ذهبت لغرفة نوم غفران لتلقي عليه "خطبة" في الأخلاق وهو مع الغازية رغم أنها تركته لتذهب لحبها الأول! 
الأم التي انتظرها سنوات أين ذهبت بعد لقاءها المؤثر مع غفران! وأيضا قصة اختفائها عشرين سنة غير منطقية !
أداء الممثلين كان متباين ولكن أكثر الممثلين سوءا رغم موهبتهما أحمد مالك وأحمد داش ! لا أعرف لماذا ظهرا طوال المشاهد بزي كامل لا يتم ارتداؤه سوى في المناسبات ولكن ليلا ونهارا يرتديان العمامة والعباءة فوق الجلباب وهما شابين صغيرين ! بدت شخصيتهما  كاريكاتورية أكثر منها طبيعية ، كان يكفي ارتداء الجلباب بدون غطاء رأس مثل عساف! هكذا يبدو الشباب في الصعيد ولكن يبدو أن الممثلين رفضا قص شعرهما من أجل الحفاظ على "اللوك" وهو ما ظهر في مشهد عراك سليم وحمزة بعد أن سقطت العمامه وظهر الشعر الطويل لحمزة "أحمد مالك" وهو غير مناسب لشخصية في الصعيد! الثنائي كان أداءهما كوميدي رغم محاولتهما إظهار الجدية بالصوت العالي وملامح الغضب او "التطجين" في الكلام أحيانا، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل.
أحمد السقا نجح بخبرته في تقديم أداء لافت لشخصية عساف وصنع تفاصيل جيدة أقنعت الجمهور بالشخصية، مثل طريقة نطق الكلام والأسنان الفضة وحلاقة الشعر ، ساعدت في إضافة الصدق لتلك الشخصية العنيفة، رغم ملاحظة أن علاقته مع الخادمة "فاطمة" كانت غير مناسبة لشخصيته الدموية!، في حين ظلم "اللوك" أمير كرارة رغم أنه حاول واجتهد وقدم مشاهد جيدة ولكن الصوت العالي غير مبرر لكي تكون الشخصية شريرة ! 
جليلة "مي عمر" لم أصدق انها تلك المرأة المهزومة لسنوات طويلة الحائرة بين أبناءها وحبها! ربما أفضل مشاهدها كان مشهد مواجهة جليلة مع شقيقها العمدة حسيب.
دياب ومنه فضالي وعماد زيادة هم مفاجآت المسلسل. 
الدراما الصعيدية تأثر قلوب الجماهير دائما بقربها من الواقع بتفاصيله ، تذكرت الغجر أو "المساليب" الذين كنت أشاهدهم عند زياراتي لبلدتي في سوهاج، وأسمع حكاياتهم أثناء جلوسي في "دوار" عمي عمدة البلدة رحمه الله، أجد أن ما عرضه المسلسل عنهم أقرب للخيال.
أعتقد لاتزال أعمال المخرج محمد سامي الأفضل في مشواره حكاية حياة ومع سبق الإصرار وآدم ربما لأنه لم يكن منشغل بكتابة السيناريو والحوار.

رسائل : 
_ فتحي عبدالوهاب بعد القاهرة كابول، تفوقت على الكثيرين من مذيعي التوك شو.
_ يوسف الشريف "النهاية" كان أكثر خيالا وإبداعا.
_ سهر الصايغ موهبتك أكبر من الأدوار التي تسند إليك 
_ لاتزال أغنيات علي الحجار الأفضل في الدراما الصعيدية.
_ما ذنب الجمهور ليتم خلط الخاص بالعام في سيناريوهات المسلسلات هذا العام !؟
_ شريط الصوت في مسلسل "2020" يذكرني بأعمال المبدع عاطف الطيب رحمه الله، العمل من مفاجآت الدراما العربية هذا الموسم.
_ محمد ممدوح أصبح إضافة لأي عمل يشارك فيه.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط