دروس في التحول الديمقراطي(1)

في زيارته للقاهرة الشهر الماضي التقيت الدكتور جيرزي بوزيك, رئيس وزراء بولندا الأسبق,وقد شغل الدكتور بوزيك منصب رئيس وزراء بولندا في الفترة1997-2001
ثم كان أول بولندي يترأس البرلمان الأوروبي خلال الفترة2009-.2013 وهو المنصب الذي وصل إليه لشهرته كخبير في الشئون العلمية في مجال الطاقة, وكحاكم نزيه, ووسيط بارع.
وقد لعب بوزيك دورا مهما في بناء بولندا ما بعد الشيوعية حيث أجري إصلاحات واسعة لقوانين الصحة والمعاشات, وتطبيق اللامركزية وتعزيز علاقات بولندا بمحيطها الدولي والاقليمي. تناول لقائي مع الدكتور بوزيك نقل أهم ملامح التحول الديمقراطي في بولندا مقارنة بالوضع الراهن في مصر حيث راي أن الأوضاع في مصر الأن أفضل مما كان عليه الوضع في بولندا أثناء عملية التحول الديمقراطي مؤكدا أن العالم يتطلع لنجاح التجربة الديمقراطية المصرية.
وقد بدأت شرارة التحول في بولندا في ظروف مشابهة حيث بدأ تراجع النظام البولندي مع لحظة بداية ارتكابه ممارسات وحشية لم تكن خاضعة للمساءلة, وهو ما تمثل رمزيا في مقتل الشاعر جريجوز بيرزميك ذي التسعة عشر ربيعا, والذي قتلته قوات البوليس بوحشية في عام3891, تماما كما حدث في مصر, في شهر يونيو0102 عندما قتل خالد سعيد,82 سنة بالإسكندرية والفرق كما قال ان الامر استغرق6 سنوات في بولندا بينما استغرق6 شهور في مصر. كما مثل التدهور المستمر في وسائل المعيشة, والصعوبات الاقتصادية, والبطالة, والتفاوت ما بين السلطة والشعب, والفجوة بين الأجيال, والرقابة أزمات عصفت ببولندا في الثمانينات وعصفت بالعالم العربي في القرن الحادي والعشرين. وأدت حالة الانهيار الكبير للاقتصاد في بولندا في الثمانينات إلي عملية التغيير, فلم تتمكن نظم الإصلاح العتيقة من التعامل مع حجم المشكلات, ومع بداية رفع أسعار الخبز في بولندا نشبت الاحتجاجات تحت شعار' نريد الخبز'. مما أدي لموجة كبيرة من الإضرابات والمظاهرات في شتي أنحاء البلاد, وهو ما اضطر الحكومة لإضفاء الشرعية علي حركة التضامن وهي الحركة الاحتجاجية واسعة الانتشار, وسرعان ما بدأت المفاوضات بين ممثلي الحكم الشيوعي والقوي السياسية المعارضة وعلي رأسها حركة تضامن. وانتهت المفاوضات بإجراء انتخابات برلمانية شبه حرة عام1989 لثلث المقاعد.
وأظهرت نتائج الانتخابات فوز جبهة التضامن بأغلبية المقاعد مما أدي لسقوط مدو للحكومة الشيوعية وهو ما وضع البلاد في أزمة سياسية كبيرة خاصة انه بموجب الاتفاق لابد ان يكون رئيس الدولة شيوعيا وقد جرت محاولتان في هذا الصدد لتكوين حكومات من قبل الشيوعيين ولكن باءت تلك المحاولات بالفشل.
وبنهاية عام1989, وللمرة الأولي ومنذ اكثر من أربعين عاما تم تكوين حكومة غير شيوعية,ووافق البرلمان علي تطبيق برنامج الإصلاح الحكومي الذي يقضي بتحويل الاقتصاد البولندي من اقتصاد مركزي التخطيط إلي اقتصاد حر, هذا إلي جانب إدخال تعديلات دستورية تقضي بإزالة كل ما يتعلق بقيادة الحزب الشيوعي للبلاد, وتزامن هذا مع تغيير اسم الدولة لتكون الجمهورية البولندية.
وفي عام1991 فاز أعضاء جبهة التضامن في الانتخابات المحلية التي تم التنافس فيها بشكل حر, وبعد ان تم تعديل الدستور جرت أول انتخابات رئاسية حرة في البلاد, و فاز فيها زعيم المعارضة ليخ فاونسا ليصبح أول رئيس منتخب للبلاد,وقد وافق البرلمان علي وضع دستور مؤقت للبلاد عام1992 حتي الإنتهاء من الدستور الأساسي في.1997
وقد عرض الدكتور/ جيرزي بوزيك اثناء لقائنا معه عددا من الدروس المستفادة من الثورة البولندية لمصر ولدول المنطقة في التحول الديمقراطي والاقتصادي معا,ومن بين تلك الدروس التي أري أهمية اطلاع الرأي العام المصري:نقلا عن الاهرام