الجلوتاثيون والمناعة

الجلوتاثيون هو أحد أهم مضادات الأكسدة في الجسم وأكثرها فعالية. مضادات الأكسدة هي مواد تقلل الإجهاد التأكسدي من خلال محاربة الشوارد الحرة في الجسم .معظم مضادات الأكسدة توجد في الأطعمة التي تتناولها ، لكن أحد المميزات الفريدة فى الجلوتاثيون هو أن جسم الإنسان يمكن أن يصنعه ، عكس أغلب مضادات الأكسدة الأخرى .يوجد الجلوتاثيون في كل خلية في الجسم، و يتكون بشكل أساسي من ثلاثة أحماض أمينية:هى الجلوتامين والجليسين والسيستين. 
وظائف الجلوتاثيون معقدة  ، وهي تشمل صنع الحمض النووي ، ودعم وظائف المناعة ، وتشكيل خلايا الحيوانات المنوية ، وتحطيم بعض الشوارد الحرة ، ومساعدة بعض الإنزيمات على العمل ، وتجديد فيتامين س وفيتامين هـ، ونقل الزئبق من الدماغ ، ومساعدة الكبد والمرارة على التعامل مع الدهون.
الجلوتاثيون هو أحد مضادات الأكسدة القوية جدًا. قد تساهم الشوارد الحرة في حدوث بعض الأمراض .  تشير التقديرات إلى حدوث 10000 تفاعل مؤكسد بين الحمض النووي و الشوارد الحرة المتولدة داخليًا لكل خلية بشرية يوميًا.
تشكل البروتينات والدهون  والحمض النووي جزءًا كبيرًا من الجسم ، و يمكن أن يؤدي الضرر فيها إلى عدد كبير من الأمراض بمرور الوقت.عندما يكون هناك عدد أكبر من الشوارد الحرة ، يمكن أن تبقيها مضادات الأكسدة في حالة توازن ، عند فقدان هذا التوازن ، يمكن أن تبدأ الشوارد الحرة في إلحاق الضرر بالأنسجة الدهنية والحمض النووي والبروتينات في الجسم. الإجهاد التأكسدي هو اختلال التوازن بين إنتاج الشوارد الحرة وقدرة الجسم على مواجهة أو إزالة السموم من آثارها الضارة من خلال تحييدها بمضادات الأكسدة.
لا يتم نشأة الشوارد الحرة داخليًا فقط في أجسامنا ، ولكن أيضًا من خلال مصادر خارجية في البيئة. تشمل بعض المصادر الأوزون وبعض المبيدات الحشرية والمنظفات ودخان السجائر والإشعاع والتلوث.  قد يساهم النظام الغذائي الغني بالسكر والدهون والكحول أيضًا في إنتاج الشوارد الحرة.
هناك أدلة كثيرة على أن اضطرابات الحساسية ، مثل الربو والتهاب الأنف التحسسى والتهاب الجلد التأتبي ، يتوسطها الإجهاد التأكسدي. فى حالات الحساسية الصدرية ، يؤدي الإجهاد التأكسدي إلى تفاقم التهاب مجرى الهواء عن طريق تحفيز مواد وسيطة التهابية متنوعة، وزيادة  فرط استجابة الشعب الهوائية ، وتحفيز ضيق الشعب الهوائية وزيادة إفراز المخاط.
فى الكبد ، يلعب الجلوتاثيون دورًا رئيسيًا في إزالة السموم والحماية من السموم والمواد المسرطنة. يقلل الجلوتاثيون من تأثير الشوارد الحرة فى تلف الخلايا في مرض الكبد الدهني الكحولي وغير الكحولي. يتفاقم موت الخلايا في الكبد بسبب نقص مضادات الأكسدة ، بما في ذلك الجلوتاثيون، مما يؤدي إلى مرض الكبد الدهني .
ينخفض الجلوتاثيون في مرض السكري. يميل الأشخاص المصابون بمقاومة الأنسولين إلى انخفاض مستويات الجلوتاثيون ، خاصةً إذا عانوا من مضاعفات ، مثل الاعتلال العصبي أو اعتلال الشبكية. يمكن أن تؤدي مقاومة الأنسولين إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثانى .يحسن الجلوتاثيون الاستجابة للأنسولين. 
هناك بعض الأدلة على أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم مستويات أقل من الجلوتاثيون مقارنة بالأطفال غير المصابين بالتوحد، وفى  بعض الحالات ، تم استنفاد ما يصل إلى 80٪ من مضادات الأكسدة المهمة ، مما أدى إلى ارتفاع مستويات الإجهاد التأكسدي. الجلوتاثيون مهم في العلاج الطبي الحيوي لمرض التوحد لأربعة أسباب رئيسية: أنه يعمل كمضاد أكسدة رئيسي في الجسم ، ويلعب دورًا رئيسيًا في إزالة السموم من المواد الضارة ، وأظهرت أحدث الأبحاث عن الجلوتاثيون أنه يلعب دورًا في تنظيم المناعة ، كما أنه ينظم الجلوتامات الكيميائية في الدماغ. الجلوتاثيون عامل مختزل ، يساعد في الحفاظ على الفيتامينات الرئيسية الأخرى التي تعمل أيضًا كمضادات للأكسدة فى المخ  مثل فيتامينات س وفيتامين هـ.  ثبت أن فيتامين هـ  يقلل من الضرر الذي يلحق بغشاء الخلية ويستخدم في العلاج الطبي الحيوي لدعم التخطيط الحركي اللازم للمهارات اللغوية والاجتماعية والمعرفية والحركية المثلى. يتم أيضًا إزالة السموم من المعادن الثقيلة بمساعدة الجلوتاثيون. يمكن أن تتسبب الكميات الصغيرة من هذه المعادن في تلف الخلايا.
الأطفال المصابون بالتوحد لديهم توازن مختلف في البكتيريا الصديقة ، مما يؤدي إلى تغييرات في طريقة عمل الدماغ والجهاز المناعي، وهذا يلعب دورًا مهمًا في مرض التوحد. يجب إزالة البكتيريا والخمائر والفيروسات من الجسم بعد قتلها أو تحييدها بواسطة جهاز المناعة. 
هناك أكثر من 100 ألف مادة كيميائية تلوث الهواء والماء و التربة. الأمهات المعرضات لمستويات أعلى من تلوث الهواء لديهن معدلات أعلى من الأطفال المصابين بالتوحد. يساعد الجلوتاثيون على إزالة المواد الكيميائية الضارة من الجسم. كما أنه يزيل الجلوتامات الزائدة ، ويمنعها من جعل الدماغ متهيجًا لدرجة التسبب في حدوث تسمم.   
هل هناك طرق طبيعية لزيادة الجلوتاثيون ؟ نعم ، بتناول الأطعمة الغنية بالكبريت. يوجد الكبريت في العديد من الأحماض الأمينية. تشمل الأطعمة الغنية بالكبريت اللحوم والبيض والأسماك والحبوب والبصل والثوم والبروكلي والكرنب. تحتوي منتجات الألبان على بروتين بيتا كازين ، والذي لديه القدرة على زيادة مستويات الجلوتاثيون في الجسم. تناول المزيد من بروتين مصل اللبن لاحتوائه على كميات كبيرة من السيستين يزيد من مستويات الجلوتاثيون. تناول فيتامين سي ، فهو مضاد للأكسدة كما أنه يحافظ على إمداد الجسم بمضادات الأكسدة الأخرى.
الأسماك واللحوم العضوية والمكسرات كلها أطعمة غنية بالسيلينيوم والتي قد تساعد في زيادة مستويات الجلوتاثيون بشكل طبيعي. لا يفوتك تناول الأطعمة الغنية بالجلوتاثيون بشكل طبيعي ، مثل عش الغراب و الأفوكادو و السبانخ و البامية. يجب تجنب الكحول . الأشخاص الذين يستهلكون الكحول بانتظام ينخفض لديهم الجلوتاثيون في الرئة بنسبة 80-90٪.  لحسن الحظ ، يمكنك الحفاظ على مستويات الجلوتاثيون المناسبة عن طريق زيادة نشاطك البدني والحصول على قسط كافٍ من النوم.