الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم المنتحر.. أمور تدفعك للتمسك بالحياة الصعبة

الانتحار
الانتحار

حكم المنتحر.. في الوقت الذي تتكرر فيه حالات الانتحار بدوافع نفسية تارة، واقتصادية في أخرى، وعاطفية في ثالثة، وغيرها من الأسباب والدوافع، يبحث كثير من الناس عن حكم المنتحر في ظل حالات الجدل الفقهي وسط الجزم بأنه مخلد في النار والأخرى بأن الأمر يجب توكيله لله عزوجل وأن النية قد تكون سبباً في النجاة أو العذاب، وأن علينا مراعاة البعد الإنساني والنفسي خاصة لأهل المنتحر.

 

حكم المنتحر.. روي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «من تردّى من جبلٍ فقتل نفسَه، فهو في نارِ جهنمَ يتردّى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سمًا فقتل نفسَه، فسمُّه في يدِه يتحساه في نارِ جهنمَ خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسَه بحديدةٍ، فحديدتُه في يدِه يجأُ بها في بطنِه في نارِ جهنمَ خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»، حيث يشير الحديث صراحةً إلى أن المُنتحر خالد في نار جهنم، وأنه يُعاقب في الآخرة بمثل ما استخدمه في قتل نفسه.

 

حكم المنتحر

شدد مركز الأزهر العالمى للفتاوى الإلكترونية، على ضرورة الحفاظ على النفس البشرية وعدم الانتحار، مشيراً إلى أن الإسلام يأمر بالحفاظ على النفس البشرية، وجعلها من الضروريات الخمس التى يجب رعايتها، وهى: الدِّين والنَّفس والنَّسل والمال والعقل.

وتابع في بحث بعنوان"التنفير من جريمة الانتحار": الحفاظ على النفس البشرية مطلوب، ولو وصل الأمر فى حالة الاضطرار إلى مواقعة محرم ليبقى على نفسه، ويحفظها من الهلاك، ومن العجيب أن يصل الحال بإنسان أن ينهي حياته بيده، وكأنها ملك خالص له، وكأن الموت سينهى معاناته ويريحه من كل مشاكله، ولا يخفى على ذى عقل أن هذا الظن خاطئ بيِّن الخطأ؛ فالله سبحانه وتعالى خلقنا واستعمرنا في الأرض، وأعلمنا أن الدنيا دار عناء وابتلاء، قال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ} ،وقال عز من قائل: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ }.

 

وأشار إلى أن المؤمن يعلم هذه الحقيقة، ولذلك يستقبل المصائب بالصبر والاحتساب، وقد ساق الحق سبحانه وتعالى البشرى لمن صبر على البلاء ولم يجزع، قال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ "،وفي صحيح مسلم عن صهيب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرًا له.

 

وأكد على أن المقدِم على هذه الجريمة ظالم لنفسه، مهما حاول أن يلقي باللائمة على الظروف المعيشية والحياتية فهذا ليس مبرر للانتحار، ولا عذر مقبول، قال الله تعالى: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}، وقتل النفس من أكبر الكبائر فهي إزهاق للروح التي حباك الله إياها، وعدم صبر على اختبار الله سبحانه وتعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}واستعجال ما قُدر، ولذلك توعد الله سبحانه وتعالى المنتحر بالعقاب الأليم، قال تعالى {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31) } .

واستشهد بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح، فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة » ،وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسى سما فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» .

 

جريمة شنعاء

وشدد الأزهر على أنه قد لا تنجيك أعمالك الصالحة في الدنيا حال ارتكابك لهذه الجريمة الشنعاء من العقاب - {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}-، ولنا في هذه القصة العبرة والشاهد، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار»، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالًا شديدًا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت له إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالًا شديدًا وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إلى النار»، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم على ذلك، إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحًا شديدًا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فقال: «الله أكبر، أشهد أنى عبد الله ورسوله»، ثم أمر بلالا فنادى بالناس: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».

كما عاقب النبي صلى الله عليه وسلم مرتكب هذا الجرم بعدم صلاته عليه، وفي ذلك ردعًا لمن جال بخاطره أن يقدم على قتل نفسه، فعن جابر بن سمرة، قال: «أتى النبى صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمشاقص، فلم يصل عليه».

حكم المنتحر

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المنتحر يلي بنفسه ويعرض حياته للهلاك ولا يقدم عليه إلا الأشرار.

وأضاف علي جمعة، في لقائه على فضائية "سي بي سي"، أن المنتحر يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، منوها أن الانتحار حرام شرعاً ولكن المنتحر ليس كافر، وأنه لو حاول الانتحار وفشل، فهو بذلك قد ارتكب جريمة يعاقب عليها القانون.

وشدد عضو هيئة كبار العلماء أن الله يحب عباده، وعلى الشخص أن يعتقد أن الكون ليس ملكا له ، فالكون كله ملكا لله تعالى هو الذي يسيره بحكمته تعالى.

 

 عقوبة المنتحر في الآخرة

من جانبه، أكد الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا» [النساء: 29]، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.

ونبه «عاشور» خلال بث مباشر من مسجد الحسين، على أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن تحسَّى سمًّا فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها -أي يطعن- في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا» رواه البخاري (5442) ومسلم (109).

 

لماذا يعذب الله المنتحر

وأوضح مستشار المفتي، في إجابته عن سؤال: «لماذا يعذب الله المنتحر رغم أن الله قدر له الانتحار؟»، أن المنتحر قد انتهى أجله، بالسبب الذي أقدم عليه، ولا يعني ذلك أنه لما كان أجله المقدر منتهيًا ينبغي ألا يؤاخذ بما هو مكتوب قدرًا، وذلك لأن الله تبارك وتعالى جعل في العبد قدرة وإرادة ليتمكن بهما من عمل ما أراد وترك ما لم يرد، فإذا أقدم على أمر منهي عنه شرعًا مع تمكنه من الترك، فقد خالف ما أمره الله تعالى به، وأراده منه شرعًا، ومن خالف الأمر مُختارًا استحق العقاب، وما كتبه الله عز وجل قدرًا لا ح أن يحتج به على مخالفة الأمر الشرعي.

 

هل يسامحه الله

بين الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال لقائه بالبث المذاع عبر صفحة دار الإفتاء على موقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك"، حكم المنتحر وذلك خلال رده على سؤال: هل يسامحني الله إذا حاولت الإنتحار؟ 

ورد ممدوح، على السائل قائلاً: الانتحار ذنب عظيم يفعله الأشرار، مُشيراً الى أن المنتحر إذا مات يظل يتردى في نار جهنم ويكرر ما فعله بنفسه الى الابد لو قتل نفسه بسكين يظل يطعن نفسه بالسكين في النار الى ما لا نهاية.

وتابع: المسلم لا ييأس من روح الله ورحمته ومن عنده مشاكل نفسية يجب ان يذهب للطبيب يساعده ويعالجه غفر الله لك ولنا جميعا، مشيراً إلى أن من يفكر فى هذا الأمر كثيراً عليه أن يراجع طبيب نفسي ويتقرب من المولى عز وجل ويصلى على النبي ويستغفر الله كثيراً ويندم على الاقدام عليه والعزم على عدم العودة، حتى تهدأ روحه.