الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

معركة الوعي (6)

يمثل غياب الوعي ، وخاصة "الثقافي" خطورة كبيرة على الأجيال الحالية ومستقبل الأجيال القادمة .. فغياب الوعي الثقافي يؤدي إلى نشوء سلوكيات ومفاهيم غريبة بين أفراد المجتمع ، مثل اللامبالاة ، وعدم النظر للأمور بجدية ، ويسود الفكر الواحد ، والأنانية ، وحب الذات ، فضلًا عن انتشار حالة من التردي الفني وثقافة المهرجانات والتيك توك ، وتصدر المشهد العام نجوم هذه الفئة دون غيرها بعد أن أصبحت للأسف قدوة ومثل لكثير من الشباب .
  وعلى الرغم من أن الرئيس عبد الفتاح السيسي ، شدد في كلمته للشعب المصري والعالم ، وفي مؤتمرات الشباب على ضرورة الاهتمام بالثقافة ودور تجديد الخطاب الثقافي في مواجهة التطرف والإرهاب ، إلا أن المجتمع المصري لم يستشعر حتى الآن صدى هذه الثقافة ، وخصوصًا الثقافة الحقيقية التي تعتمد على معايشة ما يدور في ذهن الشباب في عصر السماوات المفتوحة ، وذلك لوأد الشائعات وخلق حالة من الوعي لدى فئات المجتمع المختلفة وبالأخص الشباب .
 فحتى يومنا هذا ، لا توجد استراتيجية ثقافية تنمي وعي الإنسان والمجتمع ، في الوقت الذي تحتاج مصر في كل أرجائها لدور تنويري وتوعوي لتطهير منابع التطرف التي خلفته الجماعات المتطرفة .. حيث تقف قصور الثقافة عاجزة عن أداء دورها ، وتشهد معوقات كثيرة في التلاحم مع المواطنين ، فلم تقدم للمواطن وسائل جذب جديدة ، حتى أصبحت كلاسيكية التقديم و ملّ الناس التواصل معها .. هذا بالإضافة إلى الاتجاهات العامة للسياسة المتبعة للقائمين على هيكلة الثقافة والحد من إبداعات المؤلفين والشعراء.
 لقد لمس المجتمع المصري بالفعل التطور الهائل والطفرة في مجالات عديدة مثل الصحة والطرق والكباري وغيرها ، ولكن حتى الآن لم نشاهد أي رؤية أو خطة حقيقية وملموسة لتطوير الثقافة ، وذلك على الرغم من أن تنمية الوعي الثقافي للمجتمع يمثل الركن الأساسي لأي تنمية شاملة يسعى المجتمع لتحقيقها .
 إن تفعيل الجانب الثقافي باعتباره الجانب المضيء في الإنسان ، من خلال المناهج البحثية والتعليمية ، لبناء فكرة أن الثقافة هي معادل أخلاقي وسلوكي في المجتمع ، وهي أساس بنائه وتحضره ، وهي مخرجه لنتطلع إلى مستقبل أفضل ... يقتضي الاهتمام بالثقافة بمعناها الشامل " والتي لا تعني بالطبع معارض الكتاب أو العروض الاستعراضية فقط" ، ووضع خطط واضحة لتثقيف الشباب المصري ، وتطوير المحتوى الثقافي والفني ، وتوصيل الرسالة الثقافية إلى القرى والنجوع والمناطق الحدودية .. وهذا يقتضي بالتبعية ضرورة تطوير قصور الثقافة في جميع المحافظات للتواصل مع الشباب ونشر التوعية والشعور بالانتماء للوطن وإظهار حجم الانجازات الهائلة التي تمت في إطار المشروعات القومية والبنية التحتية في مصر،  وتعليم الفنون واكتشاف المواهب في مجالات الفنون والآداب ... فالثقافة فكر وتنوير ، ووجود أصوات معتدلة من المثقفين والمفكرين والمخططين ومستقرئي المستقبل ، ضرورة للمساهمة في تحسين الوضع الذي وصلنا إليه ، ووجود إرادة ووعي مجتمعي سينتزعنا مما نحن فيه ، فالمثقف جزء من المجتمع ، وعامل من عوامل تطوره ، وله اليد الطولى في نشر الوعي ، ومسئولية المثقف المجتمعية تحتم عليه أن يكون موجودًا ، ويبدي رأيه ، ويثير كثيرًا من الأسئلة ، ويزيح الغبار العالق عن كثير من مشكلاتنا .
 فلا شك أن صعود أدوات التواصل الاجتماعي "واختراقها" للجدران الثقافية والتراثية دون استعداد ، سواء كان تربويًا أو ثقافيًا أو دينيًا أو إعلاميًا في كيفية التعامل مع الأدوات الجديدة يعدان من أهم التحديات التي تواجه المجتمع المصري في الوقت الراهن .. مما يستوجب وضع سياسة ثقافية مرنة قادرة على استيعاب المتغيرات المتلاحقة .. تفتح الباب أمام تبادل الآراء والاستماع إلى الشباب ومعايشة ما يدور في ذهنهم .

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط