الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في دراسة جديدة.. باحث يؤصل للتصوف المصري

مصطفى زايد الباحث
مصطفى زايد الباحث المتخصص في الشأن الصوفي

أكد مصطفى زايد الباحث المتخصص في الشأن الصوفي، أن التصوف كمنهج روحاني ورباني يحظى بقبول عام لدى عموم المسلمين في الوقت الراهن، متخطياً بذلك معوقات السلفية والمتشددين الذين دأبوا على تشويهه وهدم آثاره في كل لحظة أتيحت لهم ذلك، فتارة يوصف بأنه خارج من رحم التشيع وأخرى امتداد لفلسفات ومعتقدات قديمة لعصور سابقة على ظهور الإسلام، ورغم أن مكانة التصوف في الإسلام متفق عليها بين عموم المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها إلا أن للتصوف المصري نهجا ومنهاجا امتاز به وعرف بخصوصيته التي توارثت في النطف واستقرت في القلوب والأرواح.

 

التصوف المصري

ولفت زايد خلال بحث بعنوان "أهل الحقيقة.. رحلة في أعماق التصوف المصري"، إلى أن الاختلاف في أصل كلمة "صوفي" ومنشأها وما قيل من أنها يونانية "سوفيا" وتعني الحكمة، وقيل إنها من الصوف، وقيل إنها منسوبة إلى صفة مسجد رسول الله، وقيل إنها من الصفاء، إلا أن الراجح ما قاله إمام الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود في كتابه "قضية التصوف" والذي يذهب إلى أن التصوف ينسب إلى الصوف، وهو عنده معرفة – أسمى درجات المعرفة بعد النبوة- إنه مشاهدة وهو طريقة إلى المشاهدة، وهو اتصاف بمحاسن الأخلاق والصفات وترك المذموم منها، وهو أيضاً بحسب الإمام الجنيد: "استعمال كل خلق سني وترك كل خلق دني".  

 

وتحت عنوان "التصوف المصري القديم" بين سر ارتباط المصري القديم بالدين، حيث كانت الغلبة له في كافة مسارات الحياة فظهر في مأكله وملبسه ومشربه وفي حياته وإيمانه وتسليمه بالبعث حتى عرف بأنه "شعب متدين"، وقد ذهب كثير من العلماء إلى القول بأنّ اخناتون هو مؤسس التصوف، ومنه إلى الرهبنة التي تحمل التصوف والتعبد، وابتعد به البعض إلى النبي المصري إدريس "إخنوخ"، وعنه عرف ثوبان بن إبراهيم الملقب بـ"ذو النون المصري" على أنه المتصوف الإسلامي الأول، ما يجعل التصوف في بلاد النيل متوارثاً منذ القدم، رغم محاولات شيطنته التي سبق وأن قال مدعون من المتسلفة إن التصوف وفد في عهد العبيدين"الفاطميين" من خلال أتباع عبيد الله المهدي مؤسسة دولتهم في الشمال الإفريقي، متجاهلين بذلك أن التصوف وجد في عهد النبي الأكرم والرسول الأعظم محمد بن عبدالله والذي وصف بأنه أول صوفي أي مستسلم لله تعالى.

 

وأشار إلى أن التصوف يعود کفکرة ومضمون ونشأة مع نشأة الإنسان، حيث إن الإنسان منذ نشأته وهو يتطلع إلى عالم ما وراء الطبيعة، بل وإلى الاتصال بهذا العالم ومحاولة الوصول إلى سر الوجود وخالقه، ومحاولة التقرب إلى هذا المبدع بالعبادات والشعائر والطقوس المختلفة، موضحاً أن جمع من الفقهاء وعلماء الدين قالوا بأن النبي محمد هو أول صوفي بما تعنيه الكلمة من معاني الاستسلام لله وقد تجلى ذلك في دخوله الخلوة بغار حراء، وأنه لا وجه لما يزعمه الجهلاء والمستشرقون بأنه دخيل في الإسلام مأخوذ عن الرهبانية الشامية، الإفلاطونية اليونانية، الزرادشتية الفارسية، أو الفيدا الهندية.

 

وأوضح أن العصر النبوي يعتبر هو المرجع الأساسي لكافة الطرق الصوفية في مصر من مدارس وفرق، وتربط كل طريقة أورادها بسند رجال يعيدها إلى أحد الصحابة أو إلى الرسول- صلى الله عليه وسلم- بذاته، ما يجعل التصوف المصري أفضل أنواع التصوف المعتدل، حيث يستمد أصوله من الكتاب والسنة كون الحياة الروحية تتماشى مع الطبيعة المصرية الهادئة المستقرة.

 

واختتم بأن كثيرا ممن حرصوا على مهاجمة التصوف بهيئته الحالية مبرراً بما يرتكبه بعض الدخلاء والمحبين لأفعال تتنافى مع أخلاقيات ومبادئ التصوف التي عرفها عبر تاريخه الممتد إلى عصر النبوة لكن ذلك لا يمكن أن يكون مبرراً لهم في محاولات التشويه والافتراء والرغبة في القضاء عليه، ورغم ذلك فإنني على يقين بأنه قد آن الأوان لأن يطهر الصوفية أنفسهم من هؤلاء المدعين والدخلاء وأن يتصدر المشهد علماؤهم الذين يتعطش العالم لأفكارهم الدينية المعتدلة خاصة وإن هناك من بينهم قامات تقود المؤسسة الوسطية الأشهر في العالم - الأزهر الشريف-، وعليهم أن يبادروا بتصحيح المسار فإن الفرصة مواتية لأن يكونوا في وجه التطرف والتشدد.