خطيب المسجد الحرام : المحروم من عرف الطريق إليه ثم أعرض عنها

قال الشيخ الدكتور أسامة عبدالله خياط، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن العبد السالكُ إلى ربّه، النافذ إليه حقيقةً نفوذًا يتّصل به قلبُه، ويتعلّق به تعلّقَ المحبِّ التّامّ المحبّةِ بمحبوبه، فيسلوَ به عن جميع المطالبِ سواه، فلا يبقى في قلبِه إلاّ محبّة الله ومحبّةُ أمره.

العبد السالكُ إلى ربّه

وأوضح «خياط» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة ، أنه كان عاقبةَ ذلك أن قرّبه ربّه واصطفاه، وأخذ بقلبه إليه وتولاّه في جميع أموره، في دينه ومعاشه، ومَن ذاق شيئًا من ذلك وعرف طريقةً موصِلة إلى الله ثمّ تركها، فحياته عَجز وغمّ وحزن، وموته كدَر وحَسرة، ومعادُه أسفٌ وندامة، ذلك بأنّه عرف طريقَه إلى ربّه ثمّ تركها، ناكبًا عنها، مكِبًّا على وجهه.

وأضاف أنه لو نال بعض حظوظه وتلذّذ براحاته فهو مقيّدُ القلبِ عن انطلاقه في فسيح التّوحيد، وميادين الأنس، ورياض المحبّة، وموائد القرب ، ومن أعرض عن الله بالكلّيّة أعرض الله عنه بالكلّيّة، ومن أعرض الله عنه لزِمه الشقاء والبؤسُ في أعماله وأحوالِه، منوهًا بأن الطريقَ إلى الله تعالى في الحقيقة واحدٌ لا تعدّدَ فيه، وهو صراطه المستقيم الذي نصبَه موصِلاً لمن سلكه إليه وإلى رضوانِه وجنّاته.

واستشهد بما قال سبحانه: «وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، منوهًا بأن الله سبحانه وتعالى وحّد سبيلَه لأنّه في نفسه واحدٌ لا تعدّدَ فيه، وجمع السّبل المخالفةَ له لأنّها كثيرة متعدِّدة، فالطّريق إلى الله واحد؛ لأنّه سبحانه الحقّ المبين، والحقّ واحد مرجعُه إلى واحد، وأمّا الضّلال فلا ينحصِر.

المحروم من عرف الطريقَ إليه 

ولفت إلى أن المحروم من عرف الطريقَ إليه ثمّ أعرض عنه، أو وجد بارقةً من حبّه ثمّ سلِبها، ولم ينفذ إلى ربّه منها، موضحًا أن الله إذا أقبل على عبدِه السالكِ إليه استنارت حياته، وأشرقت ظلمَاته، وظهر عليه آثارُ إقباله من بهجةِ الجلال ونضرة الجمال، وتوجّه إليه أهل الملأ الأعلى بالمحبّة والموالاة؛ لأنهم تبعٌ لمولاهم سبحانه، فإذا أحبّ عبدَه أحبّوه، الله قلوبَ أوليائه تفِد إليه بالودّ والمحبّة والرّحمة، وناهيك بمن يتوجّه إليه مالكُ الملك ذو الجلال والإكرام بمحبّته، ويقبل عليه بأنواع كرامتِه، ويلحَظ إليه الملأ الأعلى وأهلُ الأرض بالتّبجيل والتّكريم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.