انطلقت اليوم بمدينة مونبلييه جنوب فرنسا، قمة أفريقية - فرنسية غير مسبوقة بحضور الشباب وغياب رؤساء الدول الأفريقية، وسط توترات بين فرنسا والجزائر ومالي.
يشارك في القمة الـ28 التي يريد من خلالها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "الخروج من الصيغ والشبكات البالية" لإحياء العلاقة مع القارة السمراء نحو ثلاثة آلاف شخص بينهم أكثر من ألف شاب أفريقي من مختلف المجالات لبحث ملفات اقتصادية وثقافية وسياسية.
وبحسب قناة "فرانس 24"، فللمرة الأولى منذ العام 1979، تاريخ بدء القمم بين فرنسا وأفريقيا، لم توجه دعوة إلى أي رئيس دولة أفريقية. ويُفترض أن تسمح هذه الصيغة الجديدة، وفقا للرئاسة الفرنسية، "بالإصغاء إلى الشباب الأفريقي" و"الخروج من الصيغ والشبكات القديمة". بعبارة أوضح، ستتيح هذه القمة الخروج من سياسة فرنسا القديمة حيال أفريقيا، وممارستها الغامضة وشبكات تأثيرها.
وتنعقد هذه القمة في وقت بات تأثير فرنسا في منطقة نفوذها السابقة، متنازعاً عليه أكثر فأكثر خصوصاً من جانب روسيا، كما أن علاقات باريس بمالي والجزائر تمر بأزمة مفتوحة.
وفي تقرير قدمه الثلاثاء إلى الرئيس الفرنسي، قال المفكر الكاميروني أشيل مبيمبي المكلف بتنظيم القمة إن فرنسا منفصلة جدا عن واقع "الحركات الجديدة والتجارب السياسية والثقافية" التي يقوم بها الشباب الأفريقي.
وأشار أيضا إلى أنه من بين كل الخلافات "ليس هناك ضرر أكبر من دعم فرنسا المفترض للاستبداد في القارة". على سبيل المثال ما حصل مؤخراً في تشاد، عندما دعم الرئيس الفرنسي فوراً المجلس العسكري الذي وضعه نجل إدريس ديبي بعد اغتيال والده في أبريل الماضي.
وردا على اتهامات بدعم أنظمة الاستبداد وانتقاد التدخلات العسكرية، كرر ماكرون أن "فرنسا موجودة عسكريا بناء على طلب" الدول الأفريقية. وأعاد تحميل تلك الدول مسؤولياتها قائلا "لست أنا من سيشيد مدرسة، ولست من سيؤدي دور الشرطة... لن يحل التدخل العسكري محل عمل دولة".
من جهة أخرى، اعتبر ماكرون أن "دولة مثل فرنسا عليها واجب الاستجابة لمطالب الشباب الأفريقي"، معتبرا أن هذه القمة وأسلوبها الجديد نموذج لعلاقات جديدة بين فرنسا وأفريقيا.
وأضاف "نحن مدينون لأفريقيا... القارة التي تبهر العالم بأسره، وتخيف البعض أحيانا"، في إشارة إلى النقاشات حول الهجرة التي تطغى على انطلاقة حملة الانتخابات الرئاسية الفرنسية.
وأكد الإليزيه أن "كل المواضيع التي تثير الغضب ستطرح على الطاولة" من التدخلات العسكرية الفرنسية إلى السيادة والحوكمة والديمقراطية، معترفا بأن "الأجواء السياسية الحالية تجعل المناقشات حساسة".
من جانبهم، رأى مفكرون من مجموعة "كورا" الأفريقية أن المجتمع المدني الذي سيُشارك في قمة مونبلييه "مصمم حسب الطلب" وانتقدوا "أفريقيا التي تنجح في أن توهم" الناس بأن فرنسا "تستمع لشعوب أفريقيا ومفكريها".