الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

"زهرة سوريا".. من هي شرارة الانطلاقة لليوم العالمي لضحايا الشرف؟

صدى البلد

في 29 أكتوبر من العام 2009، بدولة سوريا، أصدر أحد القضاة حكما أشبه بالبراءة لشاب قتل شقيقته متحججا بغسل العار، وتعالت الأصوات النسائية المنددة بالحكم حينها، وأعلن مرصد نساء سوريا ذلك اليوم يوما عالميا للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف.

 

جرائم الشرف

يقصد بـ"جرائم الشرف" جرائم القتل التي يرتكبها غالبًا أحد الذكور في الأسر والعائلات ضد أنثى أو أكثر في ذات الأسرة، بسبب شكوك حول ارتكابها فعلًا مخلاً بالأخلاق بنظر الجاني، مثل الزنا أو إقامة علاقة "غير شرعية"، ويبرر مرتكبو مثل تلك الجرائم جريمتهم بزعم "الحفاظ على شرف العائلة وغسل العار".

تحيي بلدان العالم، اليوم، 29 أكتوبر من كل عام، ذكرى الاحتفال باليوم العالمي للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف، حيث يتم في هذا اليوم تكريس الجهود لمناهضة العنف ضد مرتكبي جرائم الشرف، خاصة في الدول العربية، ويهدف هذا اليوم إلى دعم النساء والفتيات المتضررات من"جرائم الشرف" بكل أشكالها، التي تهدد حياتهن، حيثُ كانت وما زالت تحصد آلاف الأرواح منهن في كل وقت ومكان.

 

أصل الحكاية

في مثل هذا اليوم، أصدر قاضٍ حكماً أشبه بالبراءة مع إخلاء السبيل، لقاتل شقيقته بدافع الشرف، وتتلخص قضية «زهرة العزو» ذات الـ16 عاماً، بأنها اختطفت من قبل أحد أصدقاء العائلة، ثم أودعت في معهد للتربية الاجتماعية بهدف إعادة تأهيلها، وبعد أن كتب والدها تعهداً بعدم التعرض لها بعد خروجها من المعهد، زفت إلى ابن خالتها بموافقة ومباركة ذويها، ولكن بعد زواجها بأشهر، قام أخوها بقتلها وهي نائمة بدافع غسل العار، ليأتي حكم القاضي بتبرئة المتهم وفق القرار رقم 484 بتجريم المتهم «فايز العزو» بجناية القتل العمد بدافع الشرف، وفق المادة 533 عقوبات عام بدلالة المادة 192 عقوبات، ومعاقبته لأجل ذلك بالاعتقال ثلاث سنوات، وللأسباب المخففة التقديرية، تخفف العقوبة إلى سنتين ونصف، تحتسب منفذة من خلال مدة توقيفه، وإطلاق سراحه فوراً ما لم يكن موقوفاً بجرم آخر.


رئيس مرصد نساء سورية «بسام القاضي» قال: «مرصد نساء سوريا أطلق هذا اليوم رداً على الحكم الجائر الذي أصدره القاضي بحق قاتل «زهرة العزو»، ونحن نسعى من خلال هذا اليوم إلى التأكيد على أن تلك الجريمة عالمية وليست على المستوى المحلي فقط، ومهما اختلفت تسميات الجريمة بين الدول، فهي تعبر بالنهاية عن السطوة الذكورية على النساء»، مضيفاً: «عام 2009 هناك 57 جريمة شرف أعلنتها الحكومة بشكل رسمي، ولكن تقديراتنا تشير إلى أن الأرقام أعلى من ذلك، وبالتالي تحتل سوريا المرتبة الأولى عالمياً بلا منازع في ارتفاع نسبة جرائم الشرف».


واعتبرت النساء السوريات اليوم الذي وقعت فيه هذه الجريمة يومًا عالميا للتضامن مع ضحايا جرائم الشرف، تحت شعار "يوم لكي نتذكر أنَّ هذه الجريمة لن تصير تاريخا أسود ما لم نقم جميعا بمواجهتها دون كلل ولا ملل، دون تساهل ودون أعذار".
وتُشكل هذه القضية أهمية كبرى في سوريا، نظرًا لزيادة ارتفاع معدَّل جرائم الشرف خلال الثورة السورية في مناطق سيطرة النظام والمعارضة على حدٍّ سواء، حيث سجلت وزارة الداخلية السورية في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2014 أكثر من ثمانين جريمة شرف.
وكان قانون العقوبات السوري قد ألغى العمل بالعذر المحل من عقوبة القتل، بهذا الدافع، عندما صدر المرسوم رقم 1 لعام 2011، الذي منح القاتل بالدافع الشريف عذرا مخففًا.

 

إحصائيات جرائم الشرف عالميا

يشير تقرير أعدته الأمم المتحدة، منذ عامين، إلى أنه يقع سنويًا نحو خمسة آلاف شخص ضحايا لـ"جرائم الشرف"، أغلبهم من الإناث في المجتمعات التي تعيش وفق العادات والتقاليد المحافظة، فيُقتلن خنقاً أو حرقاً أو رجماً أو طعناً، وأوضح التقرير أن جرائم الشرف أصبحت معركة دموية في بلدان كثيرة كباكستان، أفغانستان، الهند، إسرائيل، إيطاليا، الأردن، اليمن، تركيا، السويد، العراق، المغرب، ومصر، الأمر الذي يدفع المنظمات الحقوقية والدولية للمطالبة بتشديد العقوبات على هذا النوع من الجرائم.

 

في مصر 92% من الجرائم بدعوى الشرف

أما في مصر، فقد كشفت إحصائية صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في عام 2018، أن 92% من الجرائم الأسرية تندرج تحت مسمى "جرائم الشرف"، التي يرتكبها الأزواج أو الآباء أو الأشقاء بدافع الغيرة على "الشرف وغسل العار".


التقرير أكد أن 70% من جرائم الشرف ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما ارتكب الآباء 7% فقط من هذه الجرائم ضد بناتهم، أما نسبة الـ3% الباقية من جرائم الشرف فقد ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم، في وقت تراوح عدد ضحايا جرائم الشرف من 900 لألفي جريمة سنويًا.
ورغم انطلاق الكثير من الحملات لوضع حد لجرائم الشرف في العالم، سواء كانت محلية أو عالمية، إلا أنها لا زالت تقع.