الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فلسطين تنكس الأعلام.. لماذا ترفض بريطانيا تصحيح الخطأ في ذكرى وعد بلفور المشؤوم؟

صدى البلد

تمر في هذا اليوم من كل عام، ذكرى أليمة، مضى عليها 104عاماً ولازالت محفورة في الذاكرة ومستقرة في الوجدان, ذكرى مقيتة كانت المفصل التاريخي في ضياع فلسطين قلب الأمة النابض، صاحبة المجد والحضارة والتاريخ العريق، أرض الديانات السماوية ومهبط الأنبياء والملائكة الأطهار وجذورها، ضاربة في عمق الأرض وفروعها في عنان السماء.

 

 

الوعد اللعين 

وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور، هو بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى، لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ» في فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة «حوالي 3-5% من إجماليّ السكان»، وجاء نصها: «تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر».

صدر وعد بلفور المشئوم، في الثاني من نوفمبر 1917، من خلال «آرثر جيمس بلفور» وزير خارجية حكومة بريطانيا ـ آنذاك ـ حيث جاء هذا الوعد على شكل تصريح موجه إلى اللورد «روتشيلد» أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية، الذي بموجبه منحت بريطانيا، وطن قومي لليهود في فلسطين، حفاظاً منها على مصالحها بالمنطقة.

 

يوم أسود في تاريخ دول الإستكبار العالمي

 

يعد تاريخ إقرار وعد بلفور، يوما أسودا في تاريخ فلسطين العربية والأمة الإسلامية، ولا زال الجرح الفلسطيني ينزف دماً من الوريد إلى الوريد جراء ارتكاب بريطانيا الحمقاء جريمة بشعة، ظلماً وعدواناً بحق من له الحق بأرضه ووطنه، ويوما شديد السواد في تاريخ دول الاستكبار العالمي، التي نفذت مخططها الشيطاني لإرضاء هذه العصابات الإجرامية، لتكون جسماً عدوانياً مزروعاً بجبروت الغرب بالمنطقة، ضاربة بذلك عرض الحائط كل القرارات الدولية والشرعية القانونية لملكية صاحب الأرض، مما تمخض عن هذا الإجراءات التعسفية الظالمة بحق أبناء الشعب الفلسطيني العزل من السلاح، أحد أهم الكوارث في القرن العشرين، ألا وهي الإبادة الجماعية والفردية وترحيلهم من ديارهم تحت قصف المدافع وأزيز الرصاص.

 

أكثر من قرن والمأساة قائمة

104 عاماً مرت على وعد بلفور، والذاكرة الفلسطينية حبلى بذكريات مأساوية لا حدود لها في ممارسة أبشع صور الإجرام والإرهاب بحق أبناء الشعب الفلسطيني، إتباعا من سياسة الأرض المحروقة والتطهير العرقي وتغيير الواقع الجغرافي، وبناء المستوطنات وإقامة الحواجز والجدار العازل، وفرض الحصار وتبني سياسة التهجير الجماعي أو الفردي «الترانسفير» والقمع والتجويع والاعتقالات وهدم البيوت وابتلاع الأراضي ونهب أملاك الغائبين، وسرقة المياه وطمس الحقائق التاريخية والسياسة والدينية.

تأتي ذكرى وعد بلفور المشئوم ونحن في نهاية عام 2021، والشعب الفلسطيني في خضم الأمواج المتلاطمة يعاني أشد الأمرين، من جراء الانقسام المتوحش في الساحة الفلسطينية، الذي أسدل بظلاله ستار الظلم والظلام على تاريخ وحاضر ومستقبل الشعب والقضية الوطنية، الذي طالت نتائجه السلبية كافة مناحي الحياة, لهذا على الجميع تحكيم المصلحة الوطنية وتغليبها على الحزبية الضيقة، والإسراع إلى توافق وطني ينهي الانقسام الذي أدمى قلوب أبناء الشعب وشحذه بكافة عوامل الصمود والبقاء من أجل مواصلة مشواره النضالي في مقارعة الاحتلال وأذنابه، حتى تحقيق الأهداف الوطنية المشروعة.

 

سفارة فلسطين بمصر تنكس الأعلام

 

نكست سفارة دولة فلسطين لدى جمهورية مصر العربية، الأعلام على مبنى السفارة والمندوبية في الذكرى 104 لوعد بلفور المشؤوم؛ تنفيذا لقرار الرئيس محمود عباس، لتنكيس العلم على مؤسسات الدولة وسفاراتها وممثلياتها كافة، في اليوم الثاني من نوفمبر من كل عام، تنديدا "بإعلان بلفور"، وما تمخض عنه من تشريد للشعب الفلسطيني وسلب حقوقه المشروعة.

ودعا سفير دولة فلسطين بمصر ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية «دياب اللوح» المجتمع الدولي بهذه المناسبة، ضرورة العمل على انهاء الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والضغط على بريطانيا من أجل تصحيح خطأها التاريخي وتقديم الاعتذار عن الوعد المشؤوم للشعب الفلسطيني، مؤكدا أن على المحتل أن يعي أن أصحاب الحق لن يكلوا عن الدفاع عن أرضهم وثوابتهم، لأن وعد بلفور المشؤوم أعطى من لا يملك ما لا يستحق على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.

 

الجامعة العربية تطالب بريطانيا بتصحيح الخطأ

 

جددت جامعة الدول العربية، مطالبتها في ذكرى وعد بلفور بتصحيح هذا الخطأ التاريخي، ومُطالبة بريطانيا بالإعتراف بالدولة الفلسطينية، وبهذا الظُلم التاريخي الذي تسببت فيه دعماً للسلام وفق رؤية حل الدولتين، والضغط على إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، لوقف جرائمها وانتهاكاتها المتواصلة، ووقف آلة الحرب والعدوان وإنهاء احتلالها لأرض الدولة الفلسطينية.

وأكدت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن السلام الشامل والعادل والدائم له طريق واحد، هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي الفلسطينية والعربية المُحتلة منذ عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لمُقررات الشرعية الدولية ومُبادرة السلام العربية، وأضاف البيان أن ذكرى إصدار وزير خارجية بريطانيا «آرثر بلفور» تصريحه المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين العربية، يشكّل بداية مأساة القرن التي حلّت بالشعب الفلسطيني، صاحب الأرض والحق، الذي نتج عنه نكبة الشعب الفلسطيني وتهجيره من أرضه وتمكين العصابات الصهيونية من احتلال أرضه وإقامة دولتها بعمليات تطهير عرقي وتهجير قسري واسع النطاق مع إرتكاب أبشع الجرائم والانتهاكات التي لم تزل مُتواصلة. 

وعلى الرغم من المناشدات المستمرة للجامعة العربية، ممثلة كافة الدول العربية، إلا أن بريطانيا تتجاهل تلك المطالب بسبب علاقتها وتعاملاتها مع إسرائيل، ومن خلفها الحليف الإستراتيجي للكيان الصهيوني الممثل في الولايات المتاحدة، التي اعترفت بالقدس عاصمة لدولة الإحتلال.