الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من النهضة إلى سلب الإرادة المصرية.. لا صوت للغلابة داخل أول برلمان مصري| نوستالجيا

مجلس شورى النواب
مجلس شورى النواب

شهد عام 1866 الخطوة الأهم فى تطور الحياة النيابية فى مصر بإنشاء "مجلس شورى النواب" فى عهد  الخديو إسماعيل ، هذا المجلس الذي اعتبر أول برلمان يمتلك اختصاصات نيابية، وليس مجرد مجلس استشارى تغلب عليه الصفة الإدارية فحسب.

وتكون مجلس شورى النواب آنذاك من 75 عضواً منتخباً من قبل الأعيان: فى القاهرة، والإسكندرية، ودمياط، وعمد البلاد ومشايخها فى باقى المديريات الذين أصبحوا بدورهم منتخبين لأول مرة فى عهد الخديوى إسماعيل، إضافة إلى رئيس المجلس الذى كان يعين بأمر من الخديوى. 

الخديوى اسماعيل - فاروق مصر
الخديو إسماعيل


 

وكانت مدة المجلس ثلاث سنوات ينعقد خلال كل سنة منها لمدة شهرين، وقد انعقد مجلس شورى النواب فى تسعة أدوار انعقاد على مدى ثلاث هيئات نيابية، وذلك فى الفترة من 25 من نوفمبر 1866 حتى 6 من يوليو عام 1879م.
ومع مرور الوقت اتسعت صلاحيات المجلس شيئاً فشيئاً، وبدأت تظهر نواة الاتجاهات المعارضة.

وقد ساعد على هذا التطور انتشار أفكار التنوير على يد مجموعة من كبار المفكرين والكتاب، إضافة إلى ظهور الصحف فى ذلك الوقت مما عزز المطالبة الشعبية بإنشاء مجلس نيابى له صلاحيات تشريعية ورقابية أوسع. 

وانعكست هذه المطالبة فى عام 1878 عندما أنشئ أول مجلس وزراء فى مصر (مجلس النظار).
 

الخديوي إسماعيل

انفتح الخديو إسماعيل منذ صغره على  الحضارة الأوروبية، و كان لهذا الانفتاح تأثير كبير عليه، الأمر الذي دفعه إلى ترسيخ مظاهر السيطرة والهيمنة، فقد سافر إلى النمسا فى سن الـ 14 لتلقي العلاج ثم مكث فيها عامين بغرض الدراسة، ومن فيينا لحق بالبعثة الخامسة التى أرسلها محمد على إلى فرنسا، ثم عاد إلى مصر وقد كان أبوه إبراهيم باشا ما زال فى الحكم، فأخذ بعض الخبرات فى إدارة شئون الحكم رغم أن أخاه الأكبر الأمير أحمد رفعت كان هو من يعد مستقبلا لخلافة العرش ولكنه توفى فأصبح إسماعيل أكبر أبناء الأسرة العلوية سنا بعد وفاة سعيد باشا ومن ثم تولى الحكم فى يناير 1863. 

بالصور..الحياة النيابية فى مصر..تعرف على البرلمان المصرى منذ نشأته فى عهد  محمد على وحتى الرئيس السيسى بمناسبة مرور 150 عام على البرلمان - انفراد

وفي  العصر الحديث أصبح البرلمان مؤتمرًا رسميًا لمناقشة الشئون العامة للأفراد من قبل مُمثليهم، لتمثيل الشعب ومناقشة القوانين، وعلى الرغم من أن لفظ “برلمان” اشتق من الكلمة الفرنسية (parlement) والتي تعني التحدث أو المناقشة، إلا أن هذه الكلمة لم تجد لها موطنا داخل أروقة برلمان مجلس شورى النواب آنذاك فى عهد الخديو إسماعيل، حيث إنه وعلى الرغم من تمثيل 75 نائبًا بالمجلس عن طريق الانتخاب، إلا أن رأيهم كان مجرد استشارة، وستار يحجب وراءه الخديو، الاستبداد والدكتاتورية، فلم يكن للمجلس أي قرار ملزم لحفيد محمد علي، فهو يبحث فقط الأمور الداخلية، التي تتراءى للحكومة إمكانية مناقشتها بالمجلس.

 

مجلس شورى النواب

جرت أول انتخابات فعلية فى عهد الخديو إسماعيل، والذى أنشأ المجلس فى 25 نوفمبر 1866، ليكون بمثابة هيئة نيابية تمثل الشعب، لكن على ما يبدو أنه أراد من إنشاء هذا المجلس مجرد واجهة تضفى على الحكم رونقا ، حيث كانت عضوية المجلس منحة من السلطان لطبقات اجتماعية معينة فجاء معظم أعضائه من العمد والمشايخ والأعيان وقليل من أصحاب المصالح التجارية والصناعية فقط، ولم يكن للمتعلمين من غير الأعيان نصيب في عضوية المجلس حتى لا يشاركوا السلطان في الحكم وتشريع القوانين، حيث إن المجلس لم يكن أكثر من هيئة استشارية وليست تشريعية، وإنما كان الخديو إسماعيل هو من يشرع القوانين.

مجلس شورى النواب 1866 ... حقائق اساسية وتقاليد راسخة-الهيئة العامة  للإستعلامات

تكوين المجلس


تألف المجلس من 75 عضوا، ينتخبون لمدة ثلاث سنوات، ويتولى انتخابهم عمد البلاد، ومشايخها فى المديريات. 

وتولى الانتخاب فى القاهرة، والإسكندرية، ودمياط الأعيان.

وتحدد عدد نواب كل مديرية بحسب عدد السكان، فينتخب  واحد أو اثنان عن كل قسم من أقسام المديرية بحسب كبر القسم وصغره، وينتخب ثلاثة نواب عن القاهرة، واثنان عن الإسكندرية، وواحد عن دمياط، وكان عدد سكان مصر آنذاك 5036000 نسمة بواقع نائب لكل  66 ألفا.

 

ملامح الحياة السياسية 

 

حكم الخديو إسماعيل البلاد حكماً مطلقاً، وظلت كل صغيرة وكبيرة من شئون الحكومة رهن إشارته، بحيث كان يحق له أن يحاكي لويس الرابع عشر في قوله "إنما الدولة أنا"، إلى أن حدث التدخل الأوروبي بواسطة صندوق الدين والرقابة الثنائية ثم الوزارة المختلطة، فغلت سلطته بمقدار ما كسبه الأجانب من التدخل في شئون الحكومة المالية ثم السياسية. 

 

حكاية أول خطاب لـ « حاكم مصر » تحت قبة البرلمان| نوستالجيا

 

لم يكن الوزراء  إلى سنة 1878، سوى موظفين لدى الخديو، يعينهم لرئاسة النظارات المعروفة في ذلك العصر، وكانت تسمى "الدواوين"، ولم يكن للنظار من السلطة إلا ما يتلقونه عن ولي الأمر، وتضاءلت سلطتهم حتى أمام المفتشين العموميين، وليس معروفاً على وجه التحقيق ما هي الحكمة في إيجاد هذا النظام الذي يضع سلطة المفتشين بجانب سلطة النظار، ويجعلهم أعظم شأناً من هؤلاء، ولكن يبدو أن السبب في ذلك هو رغبة إسماعيل في أن تتعارض السلطتان حتى تكون كل منهما رقيبة على الأخرى فيطمئن على سلوك كلتيهما، وهى قاعدة مألوفة في حكومات الاستبداد.

وأصبح التصويت داخل مجلس شورى النواب لانتخاب الأعضاء الـ 75 يتم من خلال الأعيان بالقاهرة والإسكندرية ودمياط، وهنا تجلت مفاهيم السيطرة والهيمنة للطبقة العليا بمجلس شورى،
ليكون المجلس بمثابة نافذة يطل منها الأعيان والعمد، وتبقى الطبقتين المتوسطة والدنيا، هامشية لا تجد صوت يعبر عنها ويمثلها.