الله يحب الجمال.. لذا فالإسلام دين النظافة الحقيقية والطهارة ركن ركين من اركان الدين الحنيف لذلك مدح الله اصحابها واحبهم وبين في كتابه انه يحب التوابين ويحب المتطهرين.
ولكن القرآن قيد تلك المحبة بالمتطهرين ولم يقل بالطاهرين لأن المؤمن دائما في صراع مع نفسه وشيطانه فهو دائم التطهر من الادناس الحسيه والمعنويه التي تخالط نفسه وروحه وبدنه.
لهذا أمر الله نبيه الحبيب بأن يهتم بالطهارة الظاهرة والباطنة حيث قال وثيابك فطهر. والمقصود بثيابه في هذه الآية
الظاهر والباطن والقلب والنفس والروح لهذا بين المعصوم صلى الله عليه وسلم مكانة الطهارة في ديننا الحنيف حيث اوضح في حديث صحيح بان الطهور شطر الايمان اي نصفه وهذا يوضح اهميه هذا الامر في ديننا العظيم الذي دائما ما يحث اتباعه على النظافه الباطنه والظاهره.
ولكن على كل مسلم ان يدرك المعنى الحقيقي لهذا الحديث فلا يعقل ان يكون نصف الديني هو ما يقوم به المسلم من وضوء او غسل لاعضائه بالماء فقط فكيف يكون الذي يغسل وجهه ويديه وقدميه محققا نصف الايمان كيف وهو مازال دنس الضمير سيئ الاخلاق مريض القلب بذيء اللسان.
إذن هناك معنى بعيد قصده النبي في قوله الطهور شطر الايمان هذا المعنى هو طهارة أعمق ومعنى افضل وهذا ما حدا باهل العلم ان يقولوا ان مقصد النبي صلى الله عليه وسلم هو ان يطهر الانسان جوارحه من الاثام والسيئات فاليد مثلا لا ينفع فيها الوضوء بالماء الا اذا توضات من المحرمات فلا تسفك دما حراما ولا تكسب مالا حراما ولا تمس بشره حراما ولا تضرب احدا بغير حق ولاتكتب شيئا تسمم به افكار الناس حيث ستشهد علي صاحبها يوم القيامه. وقتها يكون صاحب هذه اليد متوضأ بحق كما بين الرسول.
هناك ايضا طهاره اعمق واعمق من طهاره الجوارح وهي في المكانه العليا عند الله الا وهي طهاره القلوب من حب غير الله، طهاره القلوب من التوكل على غير الله، طهاره القلوب من سؤال غير الله طهاره القلوب من الغل والاحقاد والحسد على الناس فالمسلم الحق يحب الناس كل الناس فلا يبغض احدا ولا يكره احدا ولا يحسد احدا ولا يحقد على احد لانه يحب الناس لله سبحانه وتعالى.
اذا حقق العبد هذه الصفات في نفسه ساعتها يكون العبد محققا لمعنى الطهارة وإنها شطر الإيمان كما بين سيد الطاهرين صلى الله عليه وسلم.
اننا نعيش في هذه الايام ازمه مفاهيم مغلوطه ينادي المصلحون في مجتمعاتنا بتصحيحها لكي يرجع المسلمون الى روح الاسلام الصحيح ويعودون الى روحي هذا الدين الحنيف الذي هو رحمه لكل الناس كما فهمه الصحابه وفهمه والرعيل الاول من هذه الامه حينما فهموا المعنى الحقيقي والبعيد لكلام النبي. لهذا ساد هذا الجيل الدنيا كلها علما وخلقا وتقدمت الامه في شتى المجالات وهذا هو المعنى الصحيح لتجديد الخطاب الديني حيث يخاطب الناس بلغه هذا العصر.
اما نحن فحينما عجزنا عن حمل حقيقه الدين الصحيح واخلاقه الطيبه اصبحنا نبحث عن القشور والظواهر وابتعدنا عن المعاني الحقيقيه في ديننا الحنيف.
لقد اهتممنا بالظاهر الذي لا يؤثر على حساب الباطن المؤثر الحقيقي فتحول الأمر إلى ما نحن فيه اليوم من أزمة أخلاق نعيشها. تشقى بها أمتنا ويشقى بها العباد والبلاد واصبحت العبادات تؤدى جسدا بلا روح لا تؤثر فينا ولا في مجتمعاتنا.