الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

خطبتا المسجدين الحرام والنبوي تؤكدان : اللسان لا يصمت والجوارح لا تسكن فاشغلها بالعظائم والخير.. مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها.. من ابتغى الخير للناشئة فليلزم هدي النبي

خطبتا المسجدين الحرام
خطبتا المسجدين الحرام والنبوي

خطيب المسجد الحرام:

  •  حلاوة الإيمان ولذة العبادة تختلف من شخص لآخر 
  • اللسان لا يصمت والجوارح لا تسكن فاشغلها بالعظائم والخير 
  • مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها 

خطيب المسجد النبوي: 

  • كلما علت أخلاق العظماء تواضعت للصبيان
  • من ابتغى الخير للناشئة فليلزم هدي النبي 

تحدثت خطبتا المسجدين الحرام والنبوي ، عن حلاوة الإيمان ولذة العمل الصالح، وكيفية الفوز بها، حيث إن حلاوة الإيمان ولذة العبادة راحةٌ للنفس وسعادةّ للقلب، ومفتاح للثبات على الطاعة وسر الصمود أمام الفتن، وكذلك تناولت تواضع النبي -صلى الله عليه وسلم- مع الصبيان الصغار، وأهمية العناية بالشباب.

ومن مكة المكرمة ، قال الشيخ صالح بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن حلاوة الإيمان ولذة العبادة راحةٌ للنفس وسعادةّ للقلب، ومفتاح للثبات على الطاعة وسر الصمود أمام الفتن.

الفوز بالآخرة

وأوضح «بن حميد» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن الفوز بالآخرة يكون بترويض النفس لتألف الطاعات، مشيرًا إلى أن “المعاصي” حجاب غليظ يمنع إدراك حلاوة الإيمان ولذة العبادة، كما أن  اللسان لا يصمت والجوارح لا تسكن، أشغل لسانك وجوارحك بالعظائم والخير حتى لا تنشغل بالصغائر والشر.

‏‎وحذر من أن لذة الدنيا قد تفوّت على العبد لذة الآخرة، وتزكية النفس وتطهيرها جالبة لحلاوة الإيمان، لذا ينبغي تهذيب النفس والعمل للآخرة، لأن الدنيا تقطع بالأقدام، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب،  منوهًا بأن في النفوس ركونا إلى السهل والهينِّ، ونفوراً عن المكلِّف والشاق ، والحازم يرفع نفسه إلى معالي الأمور، ويروضها حتى تألف جلائل المطالب، وتطمح إلى أعالي الذرى، حتى إذا ما عرفت العزة نفرت من الذل، وإذا ذاقت لذة الروح استصغرت لذة الجسد .

الجوارح لا تسكن

وأضاف أن الفكر لا يحد، واللسان لا يصمت، والجوارح لا تسكن، فإن لم تُشْغل بالعظائم شُغِلت بالصغائر، وإن لم تستعمل في الخير انصرفت إلى الشر، فسبحان من أشهد بعض عباده جنته قبل لقائه، وفتح لهم أبوابها في دار العمل فآتاهم من رَوْحها، ونسيمها، وطيبها، ما استفرغ قواهم بطلبها، والمسابقة إليها .

واستشهد بما قال بعض السلف : إنه لتمر بي أوقات أقول : إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب، نعم – حفظكم الله – شتان بين من يُنْعِم بدنا ، ويُهْلِك قلبا ، ومن يُتْعِب بدنا ، ويُسْعِد قلبا : « حُفَّتْ الجنةُ بالمكاره ، وحُفَّتْ النار بالشهوات».

الإيمان له حلاوة

وأشار في حلاوة الإيمان إلى أنه يقول الحافظ بن رجب رحمه الله : الإيمان له حلاوة ، وطعم يذاق بالقلوب كما تذاق حلاوة الطعام والشراب بالفم ، والإيمان هو غذاء القلوب وقُوتُها ، كما أن الطعام والشراب غذاء الأبدان وقُوتها ، والجسد يجد حلاوة الطعام والشراب عند صحته ، فإذا سقم لم يجد حلاوة ما ينفعه ، بل قد يستحلى ما يضره ، فكذلك القلب يجد حلاوة الإيمان إذا سلم من مرض الأهواء المضلة و الشهوات المحرمة ، وإذا مرض وسقم لم يجد حلاوة الإيمان ، بل يستحلى ما فيه هلاكه من الأهواء والبدع ، والمعاصي ، والمنكرات . انتهى كلامه رحمه الله.

ونبه إلى أن معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات ، وتحمل المشقات في رضى الله عز وجل ورضى رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإيثار ذلك على عرض الدنيا، مؤكدًا أن حلاوة الإيمان ولذة العبادة هي راحة النفس ، وسعادة القلب ، وانشراح الصدر عند القيام بالمطلوبات الشرعية من كل ما يحبه الله ويرضاه ، من الأقوال ، والأفعال الظاهرة والباطنة .

وأفاد بأنها حلاوة تختلف من شخص إلى شخص ، ومن حال إلى حال ، ومن قوة وضعف ، وإقبال وإدبار ، فسبحان من فاوت بين الخلق في هممهم حتى ترى بين الهمتين أبعد ما بين المشرقين والمغربين ، مضيفًا: حلاوة الإيمان – عباد الله – مفتاح الثبات على طاعة الله ، ولذة العبادة سر الصمود أمام الفتن .

عن لذة العمل الصالح

وأكد أن القلب إذا خالطته بشاشة الإيمان ، وامتلأت البصيرة بنور الوحي ظهرت فيه هذه الحلاوة ، وبرزت فيه هذه السعادة ، وعن لذة العمل الصالح فقال : لذات الدنيا مصحوبة بالمنغصات والمكدرات ، ولذة العمل الصالح خالصة ، ولذة العمل الصالح لا ملل فيها بل كلما زاد من العمل الصالح زادت اللذة والسعادة ، ولذة الدنيا قد تُفَوِّت على العبد لذة الآخرة ، ولذة العمل الصالح مدركة في الدنيا والآخرة.

وبين أن الأسباب الجالبة لهذه الحلاوة ، فأولها وأهمها تزكية النفس وتطهيرها ، فمن شرب من إناء متسخ فلن يجد الحلاوة التي ينشدها ، ولو أنه نظفه وطهره ، ثم سكب فيه الماء فسوف يجد الحلاوة الكاملة ، والعذوبة التامة ، وكذلك القلب الذي تلبس بقاذورات المعاصي وأدران الخطايا ، وأوساخ الشهوات لا يجد حلاوة الإيمان إلا عندما يطهر وينظف.

واستند لما جاء في الحديث الصحيح : « ثلاث من فعلهن فقد طَعِمَ طَعْمَ الإيمان : من عبد الله وحده ، وأن لا إله إلا هو ، وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه ، وزكى نفسه »، وفي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : « اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها » رواه مسلم ، ويقول بشر بن الحارث : « لا يجد العبد حلاوة العبادة حتى يجعل بينه وبين الشهوات حائطا من حديد» .

تزكية النفس

ونوه عن تزكية النفس فقال: وتكون التزكية بإقامة العبد فرائض الله باطنا وظاهرا ، ولزومِ السنة ، مستعينا بالله ، متبرئا من حوله وقوته ، وأول ذلك توحيد الله عز وجل ، والإخلاص له ، وصدق التوكل عليه ، والاعتماد عليه ، والاستعانة به ، مع محبته ودوام ذكره ، والسكون إليه ، والطمأنينة إليه ، وإفراده بالحب والخوف ، والرجاء والتوكل ، بحيث يكون سبحانه هو المستولي على هموم العبد ، وعزماته ، وإراداته ، وإنما تقر عين العبد بربه على حسب قربه من ربه عز وجل ، فمن قرت عينه بالله قرت منه كل عين ، ومن لم تقر عينه تقطعت نفسه عليه حسرات ، ومن تعلق قلبه بربه ، وجد لذةً في طاعته وامتثال أوامره ، لا تدانيها لذة .

وواصل: ومن التزكية أن يجاهد العبد نفسه في التوبة من الذنوب ، ويكثر التوبة والاستغفار ، متبرئا من حوله وقوته ، سائلا ربه الإيمان والتوفيق والتسديد ، فإذا رأى انه لا ينشرح صدره ، ولا يحصل حلاوة الإيمان فليكثر التوبة والاستغفار ، ويلازم الاجتهاد بحسب الإمكان ، وبقدر الجهد الطاقة ، إن من اجتهد بالتقرب إلى الله بالفرائض ثم بالنوافل قربه إليه حتى يرقى إلى درجة الإحسان فيصير يعبد الله على الحضور والمراقبة كأنه يراه فيمتلئ قلبه بمعرفة الله ومحبته ، وعظمته ، وخدمته ، ومهابته ، وجلاله ، والأنس به ، والشوق إليه .

ولفت إلى أن العبد كلما ازداد عبودية الله وافتقاراً ازداد لنفسه ازدراء واحتقاراً ، وتعلَّق قلبه بربه وحده سبحانه ، ولهذا خاف من خاف من الصالحين النفاق على نفسه ، ويقول مطرف بن عبد الله بن الشخير : لأن أبيت نائما وأصبح نادماً ، أحب إلى أن أبيت قائما ، وأصبح معجبا ، فالمعجب لا يصعد له عمل ، وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين الُمدِّلين ، وأحب القلوب إلى الله قلب قد تمكن منه الانكسار ، وملكه الافتقار ، فهو ناكس الرأس بين يدي ربه ، لا يرفع رأسه إليه حياء وخجلا.

استجلاب حلاوة الإيمان

وشدد على أن من الوسائل العظيمة الجالبة للذة والحلاوة : الدعاء فهو السلاح الذي لا ينبو ، وقد جاء في الحديث : « وأسالك نعيما لا ينفذ ، وقرة عين لا تنقطع » رواه أحمد ، وليكثر العبد من قراءة القرآن بالتدبر ، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض ، ومداومة ذكر الله ، وإيثار محابه على محاب النفس عند غلبة الهوى ، ومشاهدة بره ، وإحسانه ، وإكرامه ، وإنعامه ، واغتنام وقت السحر ، ووقت النزول الإلهي ، ومجالسة الاخيار والصالحين .

وذكر  في الحديث عن استجلاب حلاوة الإيمان فقال : ومن أعظم ما يستجلب به حلاوة الإيمان ولذة العبادة العناية التامة بأعمال القلوب ، وبخاصة المحبة والرضا ، وفي خبر الصحيحين : « ثلاث من كن فيه وجد حلاة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله ، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذا أنقذه الله منه كما يكره أن يعود في النار » .

وأكد أن المحبة العظيمة تورث شوقا عظيما ، وأعظم لذة في الدنيا أن تشتاق لله كما أن أعظم لذة في الآخرة هي النظر إلى وجهه الكريم ، ، ولهذا جمع بينما النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه : «وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم ، والشوق إلى لقائك» ، رواه احمد والنسائي ، ويقول بعض السلف : « أطيب ما في الدنيا معرفة الله ومحبته ، وأطيب ما في الآخرة رؤيته».

مساكين أهل الدنيا

ودلل بما قال بعض الصالحين : مساكين أهل الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها ، قيل له : وما أطيب ما فيها ؟ قال محبة الله ومعرفته وذكره ، ومن لوازم المحبة الرضا بالمحبوب والرضا عنه ، فذلك من أعظم مقامات الإيمان الذي بتحقيقه تحصل الحلاوة واللذة ، وفي الحديث الصحيح : « ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا »رواه مسلم.

وأوصى بالمحبة والرضا فهي أعلى مراتب الإيمان ، ويصل العبد إلى مقام الرضا إذا التزم ما فيه رضى ربه ومولاه ، قال بعض السلف :« الرضا باب الله الأعظم وهو مستراح العابدين»، وعن آثار حلاوة الإيمان فقال : أيها المسلمون ومن آثار حلاوة الإيمان ولذة العبادة : الثبات على دين الله فلا يزال العبد في أداء العبادات ، والإكثارِ من الأعمال الصالحات حتى تصير لذته في هذا الاجتهاد ، حتى تراه يشعر بالحسرة في ضياع شيء من وقته ، وفتوره في العبادة .

واستطرد: ومن الآثار كذلك : الرغبة في المزيد من الطاعة فتصير الصلاة قرة عينه ، والصيام متعته ، والذكر أنيسه ، والقرآن العظيم جليسه ، ومن اعظم آثار هذه الحلاوة :أن يحييه الله الحياة الطيبة ، فيكون من أطيب الناس عيشا ، وأشرحهم صدراً ، وأقواهم قلبا ، وأسَرهِّم نفسا ، تلوح نضرة النعيم على وجهه ، أما عن موانع حصول لذة الإيمان فقال: وإذا كانت هذه هي حلاوة الإيمان ، وهذه أسباب تحصيلها ، وآثارها فاعلموا أن من موانع حصولها المعاصي والذنوب ، فإن المعاصي حجاب غليظ يمنع إدارك حلاوة الإيمان ، ولذة العبادة ، لما تورثه من قسوة وغلظة ، وجفاء .

واستدل بما قال بعض السلف : « ما ضرب الله عبداً بعقوبة أعظم من قسوة القلب » ، فرب شخص أطلق بصره فحرم نور البصيرة ، أو أطلق لسانه فحرم صفاء القلب ، أو آثر شبهة في مطعم فأظلم صدره ، وحرم قيام الليل ولذة المناجاة .

وأردف: وذكر ابن القيم رحمه الله : أن من عقوبة الذنب محو لذة الذكر ، والقراءة ، والدعاء ، والمناجاة ، وقد قال أهل العلم : أن أهل المعاصي والذنوب لا يجدون حلاوة العبادة ، ولا لذتها ، ولا يتنعمون بها ، فالعبادة ليست قرة أعينهم ، ولا سرور قلوبهم ، ولا غذاء أرواحهم وحياتهم ، ويقول ذو النون رحمه الله : وكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمه ، كذلك لا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب .

ومن المدينة المنورة ، قال الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الله سبحانه وتعالى جعل في الحياة قوة بين ضعفين؛ وتلك القوة هي عماد حياته، الثمرة في آخرته، فقال تعالى:«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ» .

سن الشاب

وأوضح «القاسم» خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن سن الشاب هو القوة بعد الضعف، وفيه توقد العزيمة، وعلو الهمة، ونفعهم عبر العصور كبير، قال قوم إبراهيم عليه السلام عنه «سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ » وقال تعالى عن قوم موسى عليه السلام:«فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ».

وتابع: وقال السعدي رحمه الله: «أي: شباب من بني إسرائيل، صبروا على الخوف، لما ثبت في قلوبهم الإيمان »، وقال عن عيسى عليه السلام: «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» قال ابن كثير رحمه الله: ««وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» أي: الفهم والعلم والجد العزم، والإقبال على الخير، والإكباب عليه، والاجتهاد فيه وهو صغير حدث السن ».

واستشهد بما قال تعالى عن أصحاب الكهف: «إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى » قال أبن كثير رحمه الله «فذكر تعالى أنهم فتية وهم الشباب، وهم أقبل للحق، وأهدى للسبيل من الشيوخ ، ولهذا كان أكثر المستجيبين لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم شباباً».

تواضع النبي

وأشار إلى تواضع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: فمن تواضعه عليه الصلاة والسلام يدني منه صغار أصحابه وضعفاءهم ولا يستكف مجالستهم، فال سعد بن أي وقاص رضي الله عنه "كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم-  ستة نفر فقال المشركون للنبي -صلى الله عليه وسلم- : اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا، فأنزل الله تعالى: « وَلَا تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَوٰةِ وَٱلْعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ »  الآية 52 من سورة الأنعام.

وأضاف أنه كان صلى الله عليه وسلم يسلم على الكبار، وإذا مر بصبيان خصهم بالسلام، عن أنس رضي الله عنه أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم»، قال ابن بطال رحمه الله: «سلام النبي صلى الله عليه وسلم على الصبيان من خلقه العظيم، وأدبه الشريف وتواضعه عليه السلام وفيه تدريب لهم على تعليم السنن، ورياضة لهم على آداب الشريعة ليبلغوا حد التكليف وهم متأدبون بأدب الإسلام».

ونبه إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الرجل العظيم كان يمازح الصبيان، قال رد بن الربيع رضي الله عنه: «عَقَلْتُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَجَّةً مَجَّها في وجْهِي وأنا ابنُ خَمْسِ سِنِينَ مِن دَلْوٍ - أي- أدخل النبي صلى الله عليه وسلم في فمه ماء من وعاء ثم أخرجه من فمه على وجه الصبي» متفق عليه، بل ويسألهم عن طيورهم ويناديهم بكنيتهم ملاطفة لهم، قال أنس رضي الله عنه: «إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير يا أبا عمير ما فعل النغير -طير صغير-)» متفق عليه.

أخلاق العظماء

وذكر أخلاق العظماء فقال : فكلما علت أخلاق العظماء تواضعت للصبيان، والصغير مجبول على التعلم من الآخرين ،وإدراكه في الحفظ والفهم قد يفوق الكبار، ودين الإسلام موافق لفطرتهم يحبونه ويحبون آدابه وشرائعه، وهدي النبي صلى الله عليه وسلم تنشئتهم عليه، واحتقارهم والإعراض عنهم لا يوافق العقلاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : «لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا».

وأفاد عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي، وطريقته أكمل الطرق، ومعاملته أرفع المعاملة ، وصغار اليوم هم شباب الغد، وشباب اليوم هم أمل الأمة وعمادها، ومن ابتغى الخير للناشئة فليلزم هدي النبي صلى الله عليه وسلم في تعامله معهم، وبعنايته عليه الصلاة والسلام بصغار أصحابه وشبابهم آل إليهم العلم، وانتفعت الأمة بهم، ومن توفيق الله للصبيان تيسير عالم لهم يعلمهم دينهم، ويؤدبهم بأخلاق الأنبياء عليهم السلام.