الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من‭ ‬آن‭ ‬لآخر

عبد الرازق توفيق
عبد الرازق توفيق

أخفق‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يفهم‭ ‬خصوصية‭ ‬اللاعب‭ ‬المصرى‭.. ‬حاول‭ ‬التطبيق‭ ‬الحاد‭ ‬والسريع‭ ‬لمدارس‭ ‬الكرة‭ ‬الحديثة‭.. ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذى‭ ‬لم‭ ‬يعتد‭ ‬عليه‭ ‬لاعبونا،‭ ‬فظهرت‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوهان‭.. ‬فضاعت‭ ‬المهارات‭ ‬وغابت‭ ‬الروح‭ ‬الحماسية‭ ‬والقتالية‭ ‬التى‭ ‬عرفت‭ ‬عن‭ ‬منتخبنا‭.. ‬وفاز‭ ‬بها‭ ‬الجوهرى‭ ‬وحسن‭ ‬شحاتة‭.‬

إخفاق‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭ ‬هو‭ ‬درس‭ ‬للجميع‭.. ‬هو‭ ‬رسالة‭ ‬لبعض‭ ‬القائمين ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬المفاجئ‭ ‬والسريع‭ ‬والصادم‭.. ‬فإذا‭ ‬أردت‭ ‬التطوير‭ ‬مع‭ ‬جيل‭ ‬تربى‭ ‬واعتاد‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬معين‭.. ‬فهنا‭ ‬التدرج‭ ‬والإعداد‭ ‬والتهيئة‭ ‬مطلوبة‭ ‬وبحسابات‭.. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أجيالاً‭ ‬تصنع‭ ‬التطوير‭ ‬نفسه،‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬ومنظومة‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭.. ‬هذه‭ ‬قضية‭ ‬اللاعب‭ ‬والطالب‭ ‬المصرى‭.‬

 

من‭ ‬أهم‭ ‬دروس‭ ‬إخفاق‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭.. ‬أنه‭ ‬درس‭ ‬للجميع

التطوير‭ ‬والتنظير
لماذا‭ ‬نجح‭ ‬حسن‭ ‬شحاتة،‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬محمود‭ ‬الجوهرى‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬عظيمة‭ ‬مع‭ ‬منتخب‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬كرة‭ ‬القدم؟‭.. ‬ولماذا‭ ‬يعانى‭ ‬المنتخب‭ ‬فى‭ ‬عهد‭ ‬المدير‭ ‬الفنى‭ ‬الحالى‭ ‬‮«‬كارلوس‭ ‬كيروش‮»‬‭ ‬من‭ ‬التوهان‭ ‬وضعف‭ ‬المستوى‭ ‬والتنظيم‭ ‬الجيد‭ ‬وافتقاد‭ ‬الروح‭ ‬القتالية‭ ‬وغياب‭ ‬النكهة‭ ‬الكروية‭ ‬المصرية‭ ‬ذات‭ ‬الخصوصية‭ ‬والطبيعة‭ ‬المتفردة،‭ ‬والمدرسة‭ ‬التقليدية؟

 ‬كارلوس‭ ‬كيروش،‭ ‬هو‭ ‬مدرب‭ ‬عالمي،‭ ‬قاد‭ ‬فرقاً‭ ‬ذات‭ ‬سمعة‭ ‬دولية‭ ‬كبيرة،‭ ‬وحقق‭ ‬نتائج‭ ‬مع‭ ‬بعض‭ ‬المنتخبات‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬بها‭.. ‬لكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬مشكلة‭ ‬كبيرة‭.. ‬هى‭ ‬التغيير‭ ‬الصادم‭ ‬والمفاجئ‭ ‬والحاد‭ ‬فى‭ ‬أسلوب‭ ‬اللعب‭ ‬للمنتخب‭ ‬المصرى،‭ ‬وعدم‭ ‬فهم‭ ‬طبيعة‭ ‬اللاعب‭ ‬المصرى‭ ‬الذى‭ ‬تعود‭ ‬واعتاد‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬لعب‭ ‬معينة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الرجولى‭ ‬والقتالى‭ ‬فى‭ ‬الملعب‭ ‬والإعداد‭ ‬النفسى‭ ‬العالي‭.‬

أرى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭ ‬فشل‭ ‬مع‭ ‬المنتخب‭ ‬المصرى‭ ‬لأنه‭ ‬أراد‭ ‬تطويع‭ ‬أساليب‭ ‬لعب‭ ‬لا‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬اعتاد‭ ‬عليه‭ ‬اللاعب‭ ‬المصرى،‭ ‬وما‭ ‬تربى‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خطط‭ ‬جعلته‭ ‬‮«‬سيد‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‮»‬‭ ‬فى‭ ‬البطولات‭ ‬القارية‭ ‬فى‭ ‬المنتخب‭ ‬والأندية‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حقق‭ ‬به‭ ‬الكابتن‭ ‬الجوهرى‭ ‬بطولة‭ ‬1998‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬ذهب‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ ‬جماهيرى‭ ‬للفوز‭ ‬بالبطولة‭.. ‬وأيضاً‭ ‬فاز‭ ‬حسن‭ ‬شحاتة‭ ‬بثلاث‭ ‬بطولات‭ ‬متوالية‭ ‬فى‭ ‬إنجاز‭ ‬تاريخى‭ ‬وتغلب‭ ‬على‭ ‬منتخبات‭ ‬كانت‭ ‬هى‭ ‬الأقوى‭ ‬فى‭ ‬القارة‭ ‬مثل‭: ‬كوت‭ ‬ديفوار‭ ‬والسنغال‭ ‬وغانا‭ ‬والكاميرون،‭ ‬حيث‭ ‬اعتمد‭ ‬على‭ ‬الأداء‭ ‬الرجولى‭ ‬والحماس،‭ ‬مع‭ ‬الأداء‭ ‬المهارى‭ ‬والقدرة‭ ‬العالية‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬ضغط‭ ‬هذه‭ ‬المنتخبات‭ ‬وانتهاز‭ ‬فرص‭ ‬التسجيل‭ ‬وإحراز‭ ‬الأهداف‭.‬

لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬مقارنة‭ ‬بين‭ ‬منتخب‭ ‬مصر‭ ‬وكوت‭ ‬ديفوار‭ ‬أو‭ ‬منتخب‭ ‬مصر‭ ‬وغانا،‭ ‬وما‭ ‬يضمانه‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬عالميين‭ ‬فى‭ ‬أكبر‭ ‬فرق‭ ‬أوروبا‭.. ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬استطاع‭ ‬المنتخب‭ ‬المصرى‭ ‬أن‭ ‬يفوز‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنتخبات‭ ‬وتحقيق‭ ‬البطولة‭.‬

المنتخب‭ ‬المصرى‭ ‬خاض‭ ‬أسوأ‭ ‬مباراة‭ ‬فى‭ ‬تاريخه‭ ‬أمام‭ ‬‮«‬نيجيريا‮»‬،‭ ‬سيطرت‭ ‬على‭ ‬اللاعبين‭ ‬خلالها‭ ‬حالة‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬التوهان‭ ‬وعدم‭ ‬فهم‭ ‬خطة‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬اللخبطة‭ ‬فى‭ ‬مراكز‭ ‬اللاعبين‭ ‬والتأليف‭ ‬الكروي،‭ ‬وعدم‭ ‬مجاراة‭ ‬لاعبى‭ ‬نيجيريا‭ ‬فى‭ ‬القوة‭ ‬والسرعة‭ ‬والحماس‭.. ‬فلم‭ ‬نشعر‭ ‬بمنتخبنا،‭ ‬ولم‭ ‬يحضر‭ ‬إلى‭ ‬الكاميرون‭ ‬من‭ ‬الأساس‭.‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬اللاعب‭ ‬المصرى‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬الذى‭ ‬يتطلب‭ ‬إعداداً‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬إذا‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬ما‭ ‬اعتاد‭ ‬عليه‭.. ‬فمثلاً‭: ‬كيف‭ ‬تطالبه‭ ‬بطرق‭ ‬وأساليب‭ ‬لعب‭ ‬حديثة‭ ‬وانفتاح‭ ‬فى‭ ‬الملعب‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬السرعة‭ ‬العالية‭ ‬والقوة‭ ‬البدنية،‭ ‬وطرق‭ ‬التحرك‭ ‬فى‭ ‬الملعب،‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يتعود‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭.. ‬وإذا‭ ‬أردت‭ ‬ذلك‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يتدرب‭ ‬عليه‭ ‬منذ‭ ‬وجوده‭ ‬فى‭ ‬الناشئين‭.. ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬لدينا‭ ‬فى‭ ‬الملعب‭ ‬أى‭ ‬عنصر‭ ‬يستطيع‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الكرة،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يلعب‭ ‬كارتكاز‭ ‬فى‭ ‬منتصف‭ ‬الملعب،‭ ‬يتحكم‭ ‬فى‭ ‬‮«‬ريتم‮»‬‭ ‬المباراة،‭ ‬أو‭ ‬يمول‭ ‬اللاعبين‭ ‬بالكرات‭ ‬التى‭ ‬تصنع‭ ‬الفرص‭ ‬للتسجيل‭.. ‬الجميع‭ ‬يجرى‭ ‬أو‭ ‬يقف‭ ‬دون‭ ‬إدراك‭ ‬لدوره،‭ ‬أو‭ ‬فهم‭ ‬لطبيعة‭ ‬مركزه،‭ ‬فظهرت‭ ‬حالة‭ ‬‮«‬اللخبطة‮»‬‭ ‬والتوهان‭.‬
لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقول‭:‬‭ ‬إن‭ ‬اللاعب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬التطوير‭ ‬والتحديث،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أقوله‭ ‬هو‭ ‬تدريب‭ ‬وتأهيل‭ ‬اللاعب‭ ‬أو‭ ‬الإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬وإعداده‭ ‬نفسياً‭ ‬وتهيئته‭ ‬لاستيعاب‭ ‬هذا‭ ‬التطوير‭.. ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفاجأ‭ ‬بهذا‭ ‬التجديد‭ ‬أو‭ ‬التطوير‭ ‬أو‭ ‬التحديث،‭ ‬ليس‭ ‬فى‭ ‬مجال‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬فحسب،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬أمورنا‭ ‬الحياتية‭ ‬حتى‭ ‬التعليم‭.‬

السؤال‭: ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬يتقبل‭ ‬اللاعب‭ ‬المصرى‭ ‬ولم‭ ‬يُجِدْ‭ ‬فى‭ ‬طرق‭ ‬لعب‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬،‭ ‬التى‭ ‬اعتبرها‭ ‬المحللون‭ ‬فذلكة‭ ‬وفلسفة،‭ ‬ليست‭ ‬فى‭ ‬محلها؟‭.. ‬باختصار‭.. ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬يتعود‭ ‬عليها‭.. ‬ولم‭ ‬يتدرب‭.. ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أهمية‭ ‬مقولة‭: ‬‮«‬التعليم‭ ‬فى‭ ‬الصِغَرِ‭ ‬كالنقش‭ ‬على‭ ‬الحجر‮»‬‭ ‬وإذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نجارى‭ ‬المدارس‭ ‬الجديدة‭ ‬والحديثة‭ ‬فى‭ ‬كرة‭ ‬القدم،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬الناشئين،‭ ‬والتدريب‭ ‬مع‭ ‬الفرق‭ ‬العالمية‭ ‬التى‭ ‬تطبق‭ ‬هذه‭ ‬الأساليب‭ ‬الحديثة‭.‬

هناك‭ ‬مقولة‭ ‬مضمونها‭: ‬‮«‬اللى‭ ‬تغلب‭ ‬به‭ ‬العب‭ ‬به‮»‬‭.. ‬وكان‭ ‬من‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬يعتمد‭ ‬السيد‭ ‬كيروش‭ ‬على‭ ‬الخطط‭ ‬التى‭ ‬تعوَّد‭ ‬عليها‭ ‬اللاعب‭ ‬المصري،‭ ‬واختيار‭ ‬اللاعبين‭ ‬المقاتلين،‭ ‬وأصحاب‭ ‬المهارات،‭ ‬وعدم‭ ‬التغيير‭ ‬فى‭ ‬مراكز‭ ‬اللاعبين‭.. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭: ‬لماذا‭ ‬تطور‭ ‬أداء‭ ‬محمد‭ ‬صلاح‭ ‬حتى‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬مصاف‭ ‬أفضل‭ ‬لاعبى‭ ‬العالم‭.. ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الأفضل‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬احترافه؟‭.. ‬لأنه‭ ‬تدرج‭ ‬فى‭ ‬التعود‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬وأساليب‭ ‬التدريب‭ ‬الأوروبية،‭ ‬فبدأ‭ ‬يتطور‭ ‬ويتعاطى‭ ‬معها‭.. ‬ولماذا‭ ‬يظهر‭ ‬بشكل‭ ‬أقل‭ ‬مع‭ ‬المنتخب،‭ ‬لأن‭ ‬المنظومة‭ ‬مختلفة‭ ‬وحجم‭ ‬الفرص‭ ‬والمساحات‭ ‬التى‭ ‬يلقاها‭ ‬فى‭ ‬ليفربول‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬منتخبنا‭.‬

لابد‭ ‬أن‭ ‬ندرك‭ ‬أننا‭ ‬لسنا‭ ‬أسرى‭ ‬نُظُم‭ ‬غربية‭.. ‬أنجزنا‭ ‬وصنعنا‭ ‬المعجزات‭ ‬بخصوصيتنا‭.. ‬ولكننا‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نحرص‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬الجديد‭ ‬والحديث‭ ‬والعصري،‭ ‬ونأخذ‭ ‬منه‭ ‬ما‭ ‬يناسب‭ ‬خصوصيتنا‭ ‬ومدرستنا،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬تطبيق‭ ‬نظام‭ ‬تعليمي،‭ ‬يبدأ‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬فى‭ ‬مرحلة‭ ‬الحضانة‭ ‬ورياض‭ ‬الأطفال،‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬مفاجأة‭ ‬طالب‭ ‬بنظام‭ ‬تعليمى‭ ‬مختلف‭ ‬وجديد‭ ‬وحديث،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعوَّد‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬معين‭.. ‬فمثلاً‭ ‬الطالب‭ ‬الذى‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬الإعدادية‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬تربى‭ ‬واعتاد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬منهج‭ ‬محدد‭ ‬لتحصيل‭ ‬دروسه،‭ ‬ويذاكر‭ ‬المقرر،‭ ‬ويذهب‭ ‬لأداء‭ ‬الامتحان‭ ‬فيه،‭ ‬وينجح‭ ‬ويتفوق‭ ‬لأنه‭ ‬اعتاد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭.. ‬لكنه‭ ‬مع‭ ‬مرحلة‭ ‬الثانوية‭ ‬يفشل‭ ‬لأنه‭ ‬يفاجأ‭ ‬بنظام‭ ‬صادم‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬يوظفه‭ ‬‮«‬كباحث‮»‬‭ ‬أو‭ ‬مَن‭ ‬يمتحن‭ ‬اختبار‭ ‬قدرات،‭ ‬أو‭ ‬طالب‭ ‬موسوعي،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يترب‭ ‬ولم‭ ‬يعتد‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأسلوب‭ ‬التعليمي،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬التطوير‭ ‬والتجديد‭ ‬أمر‭ ‬مطلوب‭.. ‬لكن‭ ‬من‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بشكل‭ ‬متدرج،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬واضحاً‭ ‬للناس‭ ‬ولا‭ ‬يعيب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬محدداً‭.. ‬لنأخذ‭ ‬ما‭ ‬يناسبنا‭ ‬ويحقق‭ ‬نفس‭ ‬الأهداف‭ ‬وأكثر‭.. ‬ولا‭ ‬نقلل‭ ‬من‭ ‬أنفسنا،‭ ‬ولا‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نحترم‭ ‬خصوصية‭ ‬عقولنا‭ ‬وعقلياتنا‭.‬

أتابع‭ ‬التطوير‭ ‬الهادئ‭ ‬والمتدرج‭ ‬الذى‭ ‬تسبقه‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الإعداد‭ ‬والتأهيل‭ ‬والتهيئة،‭ ‬ولست‭ ‬مع‭ ‬التطوير‭ ‬الحاد‭ ‬والمفاجئ‭ ‬الذى‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تهضمه‭ ‬العقلية‭ ‬المصرية‭ ‬التى‭ ‬تربت‭ ‬واعتادت‭ ‬على‭ ‬نمط‭ ‬معين‭.. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬فى‭ ‬تقبل‭ ‬الطالب‭ ‬المصري‭.. ‬واللاعب‭ ‬المصرى‭ ‬أيضاً‭.. ‬فالنتيجة‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوهان‭.‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نطور‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وفقاً‭ ‬لمحددات‭ ‬ومعايير،‭ ‬وألا‭ ‬يتحول‭ ‬الأمر‭ ‬لمجرد‭ ‬تنظير‭.. ‬أو‭ ‬‮«‬كمن‭ ‬يحرث‭ ‬فى‭ ‬الماء‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬يجلب‭ ‬لنا‭ ‬سوى‭ ‬الإخفاق‭ ‬والاحتقان‭.. ‬فما‭ ‬يناسب‭ ‬إمكاناتنا‭ ‬وخصوصيتنا‭ ‬فى‭ ‬توقيت‭ ‬محدد‭.. ‬يختلف‭ ‬عما‭ ‬يناسب‭ ‬إمكاناتنا‭ ‬فى‭ ‬عمر‭ ‬معين‭.. ‬المطلوب‭ ‬أن‭ ‬الصغير‭ ‬يتربى‭ ‬على‭ ‬مواكبة‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جديد‭ ‬وحديث،‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يستطيع‭ ‬الكبير‭ ‬أن‭ ‬يواكب‭ ‬ويجاري‭.. ‬فالصغير‭ ‬يستطيع‭ ‬فى‭ ‬ظل‭ ‬تنشئته‭ ‬على‭ ‬الجديد‭ ‬والحديث‭ ‬أن‭ ‬يبدع‭ ‬ويضيف‭ ‬ويخترع،‭ ‬وتصبح‭ ‬له‭ ‬عملية‭ ‬التطوير‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬وثقافة‭ ‬راسخة‭.‬

فى‭ ‬كل‭ ‬أمور‭ ‬حياتنا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ندرس‭ ‬جيداً‭ ‬مطالب‭ ‬التطوير،‭ ‬ولسنا‭ ‬أسرى‭ ‬للغرب‭.. ‬فالأهرامات‭ ‬إحدى‭ ‬معجزات‭ ‬البشرية‭ ‬لم‭ ‬تُبْنَ‭ ‬بالجديد‭ ‬والحديث‭ ‬على‭ ‬النمط‭ ‬الغربي،‭ ‬ولكن‭ ‬بخصوصية‭ ‬وتفرد‭ ‬المصريين‭.. ‬وزويل‭ ‬ويعقوب‭ ‬ومحفوظ‭ ‬وعباقرة‭ ‬مصر‭ ‬هم‭ ‬حصاد‭ ‬نظام‭ ‬تعليمى‭ ‬قديم‭.. ‬والخطيب‭ ‬وصلاح‭ ‬وشحاتة‭ ‬والحضرى‭ ‬وميدو‭ ‬وعمالقة‭ ‬الكرة‭ ‬فى‭ ‬مصر،‭ ‬لم‭ ‬يولدوا‭ ‬فى‭ ‬أوروبا‭.. ‬ولم‭ ‬يمارسوا‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬فى‭ ‬شوارعها‭ ‬وأنديتها‭ ‬الكبيرة‭ ‬فى‭ ‬صغرهم‭.. ‬واكتساح‭ ‬مصر‭ ‬للبطولات‭ ‬الأفريقية‭.. ‬منتخبات‭ ‬أو‭ ‬أندية،‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬بفكر‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭.. ‬ولكن‭ ‬بالجوهرى‭ ‬وحسن‭ ‬شحاتة‭.. ‬ومَن‭ ‬فهم‭ ‬شخصية‭ ‬وخصوصية‭ ‬اللاعب‭ ‬المصري‭.‬

على‭ ‬السيد‭ ‬‮«‬كيروش‮»‬‭.. ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يتولى‭ ‬التطوير‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬مجال‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬خصوصية‭ ‬اللاعب‭ ‬والإنسان‭ ‬المصري‭.. ‬وأن‭ ‬المجاراة‭ ‬والمواكبة‭.. ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬عملية‭ ‬التطوير‭ ‬الجذري‭.. ‬فالمجاراة‭ ‬والمواكبة‭ ‬هى‭ ‬حدث‭ ‬وقتى‭ ‬تفرضه‭ ‬حتمية‭ ‬أن‭ ‬تساير‭ ‬العالم‭.. ‬أما‭ ‬عملية‭ ‬التطوير‭ ‬الجذرى‭ ‬فتتطلب‭ ‬تهيئة‭ ‬وتعليماً‭ ‬منذ‭ ‬الصغر،‭ ‬والتعود‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬ومنظومة‭ ‬متكاملة‭.. ‬لكن‭ ‬التطوير‭ ‬ربما‭ ‬يأتى‭ ‬بنتائج‭ ‬أقل‭ ‬مما‭ ‬نتوقع،‭ ‬وربما‭ ‬يُحْدِث‭ ‬مشاكل‭ ‬وإخفاقات‭.. ‬فلندع‭ ‬المواطن‭ ‬المصرى‭ ‬يبدع‭ ‬وينجز‭ ‬بطريقته‭ ‬وخصوصيته‭ ‬مع‭ ‬مواكبته‭ ‬أيضاً‭ ‬للجديد‭ ‬والحديث‭.‬

هناك‭ ‬أمر‭ ‬مطلوب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬برنامجان‭: ‬الأول‭:‬‭ ‬تطوير‭ ‬وتحديث‭ ‬الحال‭.. ‬أقصد‭ ‬المواطن‭.. ‬وهنا‭ ‬يكون‭ ‬بحساب‭ ‬وتدرج‭.‬

والثانى‭:‬‭ ‬هو‭ ‬تربية‭ ‬الأجيال‭ ‬الصغيرة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬التطوير‭ ‬والتحديث‭ ‬أسلوب‭ ‬حياة‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬جزءاً‭ ‬من‭ ‬تطوير‭ ‬حياة‭ ‬العالم،‭ ‬لا‭ ‬ناقلين‭ ‬عنه‭.. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الفرق‭.. ‬تطوير‭ ‬الحال‭.. ‬وتنشئة‭ ‬وتربية‭ ‬الأجيال‭ ‬الصغيرة‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬صنع‭ ‬التطوير‭.‬

تحيا مصر

393bae24-87a0-419a-adf7-c68894817eb3 (1)
393bae24-87a0-419a-adf7-c68894817eb3 (1)