الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صحف السعودية: ملامح الحرب الروسية - الأوكرانية لم تكتمل بعد.. اتجاه واشنطن إلى اتفاق نووي محتمل مع إيران يطلق العنان لدعم إرهابها في المنطقة

صدى البلد

ركزت الصحف السعودية الصادرة اليوم على العديد من الملفات والقضايا في الشأن المحلي والإقليمي والدولي, وأوضحت صحيفة "الاقتصادية" في افتتاحيتها بعنوان (نمو مضطرب ولا تنبؤات السلم الدولي) : مشهد اقتصادي عالمي معقد للغاية، وتظهر المؤسسات الدولية عاجزة تماما عن تقديم توصيات، بل وصلت حتى حد العجز عن تقديم تنبؤات.

 فهذا رئيس منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يقول: إن "المنظمة ليست في وضع يمكنها من تقديم توقعاتها الاقتصادية العالمية المعتادة"، وفي وقت سابق قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي إن: "النمو ينبغي أن ينتعش بقوة"، لكنها غيرت موقفها الأسبوع المنصرم، قائلة إن الأحداث الأخيرة "شكلت مخاطر كبيرة على النمو".


وأضافت : ووفقا لتقارير نشرتها "الاقتصادية" فإن صانعي السياسات في جميع أنحاء العالم يتخذون إجراءات توجهها نظرة مستقبلية أكثر كآبة. وللإجابة عن الأسباب الكامنة خلف هذا التخبط الاقتصادي إذا جاز لنا التعبير بذلك، فقد جاءت الأسباب متركزة في الحرب، واللاجئين، وسلاسل الإمداد، ومتحورات كورونا، وارتفاع أسعار الطاقة، والتضخم الذي يعصف بالاقتصاد الأمريكي، وهذه الموضوعات شكلت حزمة واحدة كبيرة من التهديدات التي قادت الاقتصاد العالمي إلى ركود تضخمي كما وصفه عديد من الخبراء، لكن صعوبات التنبؤ والحل التي تواجه المؤسسات الدولية والخبراء تكمن في أن هذه القضايا لا تواجه العالم بشكل متماثل، فبينما تجري الحرب بين روسيا وأوكرانيا، فإن اضطرابات سلاسل الإمداد تواجه الاتحاد الأوروبي بشكل أساسي وتمتد إلى العالم بأسره، بينما يعاني الاقتصاد الصيني تغيرات في السياسات الضريبية، صاحبها تطورات متحور أوميكرون.


وبينما تعاني الولايات المتحدة ارتفاع أسعار النفط تعاني دول الاتحاد الأوروبي أسعار الغاز، وإذا كان رفع الفائدة قد يحجم الاقتصاد المتضخم فإن ذلك سيعمق آثار الركود القادم من الشرق.


وتابعت : هذه الصورة التي تجعل التنبؤ صعبا حتى مع تطبيق أنظمة محاكاة اقتصادية متقدمة، فقد نشرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية محاكاة للآثار المحتملة للحرب، وتغيرات أسعار السلع فأظهرت أن انخفاض النمو في منطقة اليورو سيبلغ ضعف الانخفاض في الولايات المتحدة، والسبب أن هناك فرقا حقيقيا بين أسعار الغاز الأمريكي والروسي، والصدمة ستكون أكبر في أوروبا لأنها تعتمد بشكل أكبر على الغاز الروسي، ولهذا اتفقت الحكومتان الفرنسية والإيرلندية على دعم تكاليف الوقود المرتفعة، وأشارت ألمانيا إلى أنها ستتبعهما قريبا.


وأوضحت :  مع تعرض سلاسل الإمداد لمشكلات عميقة فلن تكون لهذه الإجراءات سوى أثر نفسي محدود، فشركات صناعة السيارات الألمانية متعطلة بسبب نقص القطع المصنوعة في أوكرانيا، ومحال السوبرماركت الإيطالية تعاني نقصا في بعض المواد الغذائية، وفي إسبانيا تظهر رفوف محال السوبرماركت فارغة، والحجة هي إضراب سائقي الشاحنات بسبب ارتفاع أسعار الوقود، هذه هي مظاهر الركود التضخمي، فتراجع الاقتصاد لم يمنع الأسعار من الارتفاع بحدة، لكن بسبب عوامل غير اقتصادية.


يعاني العالم بأسره مشكلة سلاسل الإمداد، وهي المشكلة التي لم تحل منذ جائحة كورونا، وكانت هناك وعود عالمية بانتهاء أزمة سلاسل الإمداد تبعا لانتهاء أزمة كورونا، ولذلك اندفع العالم نحو اللقاحات بقوة، وبتسارع كبير، لكن رغم ارتفاع نسب اللقاح فإن أزمة سلاسل الإمداد لم تنته، وهذا تسبب في زعزعة الثقة، وفق أحد كبار المسؤولين الاقتصاديين الأوروبيين الذي أشار إلى التأثير الكبير في الثقة لدى الأسر والشركات بمجرد الشعور بالعواقب الحقيقية للحرب، واضطرابات سلاسل التوريد الأوروبية.


وأكملت : وسيؤدي فقدان الثقة إلى خفض النمو أكثر، وربما يتحول إلى سلبي هذا العام، لأن المعنويات منخفضة للغاية، ما يخفض إنفاق الأسر، فإذا استتبع ذلك موجات من لاجئي أوكرانيا، في وقت تسعى فيه الحكومات في أوروبا إلى حماية الأسر من آثار أسوأ ارتفاع لأسعار السلع، ومع احتمالات واسعة بحظر الاتحاد الأوروبي واردات الطاقة الروسية فإن الأوضاع مفتوحة لسيناريوهات كثيرة، ولن يكون انخفاض الناتج الأوربي 2.2 في المائة مقابل 3 في المائة انخفاضا في الناتج البريطاني هو الأسوأ بل هناك توقعات بسيناريو أسوأ بكثير مما تسببت فيه جائحة فيروس كورونا كما صرح بذلك الرئيس التنفيذي لشركة فولكس فاجن.


وهذا ينعكس أيضا على الجانب الآخر من العالم، بالنظر إلى أن سلاسل التوريد العالمية التي عانت بسبب الجائحة تجد الحرب أسوأ بكثير، لأن أوكرانيا وحدها توفر 70 في المائة من غاز النيون، الضروري لعملية الطباعة الحجرية بالليزر المستخدمة في صناعة أشباه الموصلات، في حين أن روسيا هي المصدر الرئيس للبلاديوم، العنصر الكيميائي الضروري لصنع المحولات الحفزية.


وأختتمت : ومع عودة الصين إلى الإغلاق الاقتصادي بسبب ارتفاع حدة موجة أوميكرون، فإن الآثار السيئة لهذا الواقع المضطرب جدا في الاقتصاد العالمي قد تمتد حتى المدى الطويل، وهذا يتطلب مزيدا من التحوط، والحصافة عند وضع الخطط الاقتصادية.

المصالح أولاً


وبينت صحيفة "الرياض" في افتتاحيتها بعنوان (المصالح أولاً) : هناك نطاق واسع للصراع الأميركي - الروسي، كان الدخول الروسي في أوكرانيا اختباراً حقيقياً لنفوذ الولايات المتحدة في العالم، وفي المقابل، ومن خلال العقوبات الأميركية على روسيا، كان تذكيراً لموسكو بأن العالم لا يزال ضمن الفلك الأميركي، على الرغم من الانتكاسات الأميركية في العراق وسورية وأفغانستان، لا سيما أن روسيا دائماً ما تتحدى الهيمنة الأميركية ضمن الحدود المتاحة في النظام الدولي، إلاّ أن دخولها أوكرانيا مهّد للولايات المتحدة الطريق لضغوط غربية غير مسبوقة قد تعزل روسيا اقتصادياً عن نظام العولمة، وردع محاولات روسيا، على المدى الطويل، عن تحدّي الأحادية الأميركية.


وأضافت : وعلى الرغم من أن ملامح الحرب الروسية - الأوكرانية لم تكتمل بعد، إلاّ أنه تظهر مؤشرات أولية متعلقة بكيفية تعامل الدول في الشرق الأوسط مع هذه الأزمة، خصوصاً في ضوء دينامية العلاقات الأميركية - الروسية، بل الطبيعة المعقدة لهذا النزاع المسلح الذي تحوّل إلى مواجهة اقتصادية وجيوسياسية.


وأوضحت : وفي هذا السياق، لا يمكن الحديث عن موقف إقليمي موحَّد، لكن حياد هذه الدول يبدو هو العنوان الأبرز في التعامل مع التوتر الأميركي - الروسي، والذي لم يعد مرتبطاً بالشرق الأوسط، بل أصبح أزمة دوليةً لا تريد الدول العربية خصوصاً أن تكون طرفاً مباشراً فيها، بل كل دولة تُعنى بمصالحها لتفادي الضغوط في ذلك النزاع القائم.


وتابعت : كما أنّ الحرب الروسية - الأوكرانية لا تُلغي انطباعاً شرق أوسطياً مفاده أنّ الولايات المتحدة تتراجع طوعاً في المنطقة، فهي تستعد لاتفاق نووي مع إيران، ولا تدافع عن مصالح حلفائها، رغم أن الشرق الأوسط لا يزال ضمن الأحادية الأميركية في كل جوانب العولمة، من صفقات أسلحة، وأنظمة مالية، وتبادلٍ تجاري، بينما روسيا ليس لديها، بطبيعة الحال، قدرة الولايات المتحدة في التأثير أثناء الأزمات الدولية.


واختتمت : لذلك، في ظل هذه الحسابات، برزت تأثيرات محتملة في دينامية المنطقة، فمعظم دول الشرق الأوسط ترتب أوراقها منذ انتخاب بايدن، وتبادر وحدها بحوارات ثنائية لخفض التوترات فيما بينها، وإيجاد استقطابات جديدة، ولا تريد أن تؤثّر هذه الحرب سلبياً في هذه الدينامية، لا سيما أن اتجاه واشنطن إلى اتفاق نووي محتمل مع إيران قد ينهي عزلة الأخيرة الاقتصادية، ويطلق العنان لدعم إرهابها في المنطقة بشكل واسع، وهذا لا يتوافق مع أولويات الدول العربية أو الشرق أوسطية، حتى ولو كانت حليفة لواشنطن.