الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد واقعة المترو.. ما الطريقة الصحيحة للنصح في الإسلام؟

النصح في الإسلام
النصح في الإسلام

شهد مترو الأنفاق حالة من الجدل نتيجة تعدي إحدى السيدات على فتاة بسبب ملابسها، الأمر الذي دفع البعض إلى السؤال عن كيفية الطريقة الصحيحة للنصح في الإسلام وكيف يكون الأسلوب الأمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

النصح في الإسلام

النصح في الإسلام له ضوابطه وأحكامه التي تجعله طاعة ومخالفتها توقع صاحبه في إثم ومعصية، فقد يستوجب الفعل نصيحة في غير ملأ، وقد توجب الدعوة باللسان، ومراعاة الستر على المذنب دون فضحه وغيرها من الأمور.

وكشف الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، قيمة النصح في الإسلام، منوها إلى أن المسلم عليه أن ينصح أخاه إذا رأى منه ذنبا أو رآه على معصية.

وقال أمين الفتوى، خلال البث المباشر لصفحة دار الإفتاء على “فيس بوك”: “إننا هنا لا بد أن نفرق بين النصيحة والتعيير، فإذا أقدم المسلم على نصيحة أخيه المسلم على الملأ وأمام الناس فهو بذلك قد عيره ولم ينصحه بل فضحه، فإذا أراد النصيحة فعليه أن ينصحه بينه وبين أخيه المسلم”.

وأضاف، أن الناصح عليه أن يعرف كيفية توجيه النصح وأن يعلم أن نصيحته صحيحة أولا وليس عليها اختلاف في الآراء.

كما قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن مما قاله الحافظ بن كثير في تفسير قوله – تعالى-: « أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ»، ( سورة البقرة: الآية 44)، أن الإنسان لا يشترط أن يكون تاركًا للحرام حتى يعظ غيره بترك الحرام.

وأشار أمين الفتوى بالإفتاء إلى أنه إذا كان هناك رجل يفعل شيء محرم كأن يكون شاربًا للخمر، ونصح غيره بتركه؛ يؤجر على نصيحته، لافتًا: « هناك أمرين في هذه المسألة تؤجر على كلاهما، والأول أفضل وأولى، وهو: أن تترك الذنب وتعظ غيرك، الثاني: أن تكون فاعلًا للذنب فلا تترك نصيحة غيرك». 

في السياق ذاته، أوضح الشيخ مجدي عاشور، المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، أن النصيحة واجبة لمن لا يصلى، لافتًا إلى أن الصلاة من أعظم الواجبات على الفرد.وأكد الشيخ مجدي عاشور، فى إجابته عن سؤال: " زوجي لا يصلي ماذا أفعل معه؟"، أن الدين النصيحة، ومن الضروري نصيحته.

وأضافت  لجنة الفتوى بالأزهر الشريف خلال ردها على سؤال يقول صاحبه: "ما كيفية تكفير الذنب لتارك الصلاة والصيام عمدًا ودون سبب شرعي؟": “إذا كان الإنسان يعلم عدد الصلوات التي تركها وعدد أيام الصيام التى لم يصمها فإنه يلزمه قضاؤها عند جميع الفقهاء، وإذا لم يعلم عددها فليتحر حسابها ما أمكن، وإلا فالواجب عليه أن يصلى ويصوم حتى يغلب على ظنه أنه قد أدى ما عليه".

الأمر بالمعروف مقدم على النهي عن المنكر

من جانبه، نبه الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إلى أن الأمر بالمعروف مقدم على النهي عن المنكر في الشريعة الإسلامية.

وأفاد «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، بأن الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم) قد جعلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أساسا من أسس الإيمان، فهو في غاية الأهمية كما هو ظاهر في القرآن والسنة النبوية الشريفة.

واستشهد بما رواه مسلم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- إذ يقول: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ»، قالوا: لِمَن؟ قال: «للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، وبما ورواه أبو- داود بلفظ: «إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَة، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَة، إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَة»، قالوا: لِمَن يا رسول الله؟ قال: «للهِ وَكِتَابِهِ وَرَسُولِهِ وَأَئِمَّةِ المُؤْمِنِينَ وَعَامَّتِهِمْ، وَأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»، منوهًا بأن أهم شيء في الدين هو النصيحة، والنصيحة تكون لجميع الناس من الحكام والمحكومين.

الدين النصيحة

فيما قال الشيخ رمضان عبد المعز، الداعية الإسلامي، إن الدين النصيحة، مضيفاً أن النصيحة أمر واجب ولا بد منه، متسائلاً: “من منا لا يشتاق إلى رؤية الرسول، أو يكون إلى جواره، وأن يسقى شربة ماء من يده الشريفة؟”.

وتابع "عبد المعز"، خلال حلقة برنامج "لعلهم يفقهون": “سُئل الرسول كيف نصل إليك؟، فقال: ”ابغوني في ضعفائكم"، موضحاً  أن سيدنا النبى محمد صلى الله عليه وسلم، يوصينا للفوز بشفاعته، فيكون ذلك عبر مساعدة الفقراء والأيتام والمساكين والأرامل والمحتاجين.

وأضاف رمضان عبد المعز: "النبى محمد صلى الله عليه وسلم، أوصانا باكرام اليتيم، نحن أمة إسلامية أيعقل يهان فيها يتيم، سيدنا النبى كان يتيما، وأخبرنا أن كافل اليتيم سيكون إلى جوار سيدنا النبى فى الجنة، الوصول إلى جوار سيدنا النبى لا يكون بالقصور الفاخرة، لكن برعاية الفقراء والمساكين والأيتام والأرامل، والمرضى والمحتاجين".

 

من راقب الناس على حساب عيوبه مات هما 

فيما قال الشيخ الدكتور سعود بن إبراهيم الشريم، إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه شتان بين النقد والحقد، وبين النصيحة والتعيير، ومن كانت هذه حاله كان بعيدًا عن وصية المصطفى -صلى الله عليه وسلم-حيث قال: « احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز » رواه مسلم.

وأوضح «الشريم»، خلال خطبة الجمعة من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنه من راقب الناس على حساب عيوبه ضاق ذرعًا، ومات همًا، فهو معني بفهم ذاته قبل فهم الآخرين، منوهًا إلى أن نقد الذات أولى مراحل النقد المحمود، وأثره في تحسين صورة الفرد، التي تنعكس بالضرورة إلى المجتمع المكون من أفراد، فإنما هو لكونه أصلا إذا حسن حسن الفرع بالتبع.

وحذر الشريم، من صفة مذمومة، قد تعتري المرء حال نقده ذاته، تتمثل في إلقائه باللائمة على الآخرين لتبرير خطئه وتقصيره، والتنصل من عيوبه وفشله، فيقع فيما يسمى “الإسقاط النفسي”، باعتباره حيلة دفاعية، يستجلبها المرء المقصر، للخروج من تبعة تقصيره وخطيئته، فينسب سبب ذلكم إلى غيره هروبا من الاعتراف بالخطأ، ومن ثم التخلص من توجيه اللوم له، كما قيل في المثل السائد قديما “رمتني بدائها وانسلت”.

ونبه إلى أنه لو انساق كل فرد منا مع هذه الثغرة الموهنة؛ لعظمت الثلمة، وانطمس الوعي، وانسل كل واحد عن المسؤولية المناطة به، فيطغى التلاوم بين الناس، ويضمحل العمل الإيجابي، وتنمحي المحاسبة الهادفة، ويحمل المقصر في نفسه غلا وحنقا على من سواه دون علة معتبرة، وإنما هو الهروب من الواقع وعدم الاعتراف بالخطأ، وتصغير ما من شأنه التكبير في جانب خطئه، وتكبير ما من شأنه التصغير في جانب لومه الآخرين.

وتابع: "فيجمع بين خطيئتين اثنتين، خطيئة عدم اعترافه بخطئه، وخطيئة رميه الآخرين بالسبب، وهذه معرة لها غوائلها التي لا ينبغي أن يغفل عنها من وهبهم الله قلوبا يفقهون بها، وأعينا يبصرون بها، وآذانا يسمعون بها، وهي من المسلمات التي لا ينبغي أن يختلف فيها اثنان، أن كل نفس لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، كما قال جل شأنه: « كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ » وقال: «وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ».

وأشار إلى أنه على المرء المسلم أن يكون واضحًا مع نفسه، صريحًا في نقدها، جادً في تقويمها، صادقًا في تصحيح مسارها، فإنه إذا استقام العود استقام الظل بالضرورة، وإلا صار كلا على نفسه وعلى مجتمعه، وحملا ثقيلا في نواحي الحياة الجماعية، ولا يكون كذلكم إلا القعدة المتعثرون، الذين ينتظرون السماء أن تمطر ذهبا أو فضة وهم مستلقون على فرشهم.